دشن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، معرض الجزائر الدولي في طبعته ال ,42 وهي الطبعة التي حملت هذه المرة شعار ''معا من اجل تنمية اقتصادية مستدامة''، وتجري وقائعها بدءً من الثلاثين ماي الجاري إلى الرابع جوان الداخل، بمشاركة أجنبية لأربعين دولة تعمل ما في المستطاع من اجل الاستثمار في الجزائر، التي قررت تدابير تشريعية لجلب الرساميل لمشاريع حولت البلاد إلى ورشة كبرى للإصلاحات والتقويم. بخطوات ثقيلة، تقدم الرئيس بوتفليقة، في حدود الثالثة وخمس وعشرين دقيقة من زوال أمس، إلى قصر المعارض بالصنوبر البحري مرفوقا بالوزير الأول احمد اويحيى وطاقمه الحكومي، ودشن الدورة ال 42 لمعرض الجزائر، التظاهرة الاقتصادية الكبرى على الإطلاق في البلاد، التي تنعقد في ظرف وطني ودولي حساس، يفرض مزيدا من الجهد في البناء والتقويم الوطني. وشرع رئيس الجمهورية، في جولته بالأجنحة الأجنبية، في رسالة واضحة إلى أهمية التفتح على المحيط الخارجي والشراكة التي تحمل قيمة لا تقدر بثمن في خلق الثروة والقيمة المضافة والعمل. وكان الجناح الايطالي، أول محطة لتوقف الرئيس بالمعرض والاستماع إلى الشروحات من رؤساء المؤسسات الايطالية التي تنشط في الجزائر من زمان، ولم تدر لها ظهرها في أصعب الظروف وأحلكها، كاشفة عن إرادة سياسية في الإبقاء على علاقات التمايز والاستثناء، غير عابئة بما يحاك ضد الجزائر من تآمر وفرض حصار غير معلن. واستمع الرئيس إلى مسؤول الشركة المساهمة ''استالدي''، وهو يقدم بإيجاز نشاط المجمع وتجربته الراسخة في الجزائر، وهي تجربة اكتسبتها المؤسسة من خلال انجازاتها الكبرى في الأشغال العمومية والري، وكلها قطاعات تعتبرها الجزائر أولوية وطنية وتجند لها الأموال والإمكانيات لسد فجوة تأخر رهيب، عرفته، وتعمل المستحيل من اجل تجاوزه بأسرع ما يمكن. كما توقف الرئيس بعض الدقائق في جناح مؤسسة ''فيرولي'' المختصة في أنابيب الغاز، ومبردات الألمينيوم، ومسخنات الماء العملاقة، وماكينات تجفيف. وظل الرئيس يتابع كل كبيرة وصغيرة بالجناح الايطالي، الذي دامت زيارته له خمس دقائق، وهي نفس المدة التي قضاها في الجناح الفرنسي، الذي تعرض فيه الشركات ذات الدراية بالتحول الجزائري تجاوبا والإصلاحات ومسعى التغيير والانفتاح. واستمع الرئيس بوتفليقة لشروح مستفيضة من مسؤول مؤسسة ''أو. تي.سي'' صاحبة الخبرة التكنولوجية العالية في الخزف. وكشف ذات المسؤول عن شراكة متعددة مع المتعاملين الجزائريين الذين وضعوا ثقتهم في المؤسسة الفرنسية التي تعتمد، في عملها، على الكفاءة المعرفية في انجاز المشاريع. وتحدث مسؤول المؤسسة الفرنسية عن الرغبة الملحة في توسيع عقود الشراكة مع المتعاملين الجزائريين بعد النجاح المسجل مع مجمع لعموري ببسكرة لإنتاج الآجر الأحمر والقرميد. وقال المسؤول الفرنسي انه يرغب في تكوين تقنيين سامين من الجزائر، لتعزيز قدراتهم المعرفية وتلبية حاجيات صناعية ملحة. وشدد على أن التكوين هذا، مهم للغاية، وهو بعيد عن التكوين المهني المحدود المستوى والخصوصية. وعلى هذا الدرب، سار رئيس الجمهورية في زيارة الأجنحة الدولية، مبديا اهتمامه بما يقدم إليه من شروح واستفسار. معا من أجل تنمية مستدامة ودخل الرئيس، عند الساعة الثالثة والأربعين دقيقة، جناح الولاياتالمتحدة حيث استقبل بالترحاب الحار بلغة عربية سهلة، مفهومة، تحمل دلالات ومعاني وأبعادا. وطاف الرئيس بالجناح الذي تعرض فيه شركات، تنشط في مجالات عدة منها ''نورثروب كرومان كوربوريشن'' المختصة في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، و''هيل انترناسيونال''، ذات الخبرة الكبيرة في البناء والتعمير، و''تريسبور غاريت'' حول تأمين الصناعة، في زمن تفاقمت فيه الأخطار واستدعت تكنولوجيات الحماية والضمان. وبجناح البرتغال المجاور للولايات المتحدة، تفقد الرئيس، المؤسسات البرتغالية التي تعرف جيدا الجزائر، وتراها واجهة استثمار بامتياز، خاصة مع النصوص التي اتخذتها في سبيل تهيئة محيط الأعمال وإزالة عنه الاكراهات الجبائية والجمركية والبيروقراطية. ومن بين هذه المؤسسات التي اطلع الرئيس بوتفليقة على نشاطها، مجموعة ''تيكسيرا دوارتي'' التي انتزعت صفقات مغرية بالجزائر لانجاز منشآت قاعدية. استمع الرئيس، بعين المكان، في حدود الرابعة زوالا، لشروح رؤساء المؤسسات الكندية، لا سيما شركة ''بومباردي'' المشهورة بإنتاج الطائرات، و''سمارت تكنولوجي'' الرائدة في الأنشطة الرقمية، لا سيما الألواح التي يحتاجها المتعاملون في الأنشطة والاجتماعات وجلسات العمل. ومن جناح اندونيسيا، الذي حل به في الرابعة وخمس دقائق، أنهى الرئيس بوتفليقة زيارته لمعرض الجزائر الدولي. وهو المعرض الذي دأب على تدشينه في كل موسم لإظهار كم هو ملح الانفتاح الذي أقرته الجزائر، التي وان اتخذت التدابير الكبيرة في تهيئة محيط الأعمال، تتطلع إلى شراكة أجنبية حقيقية واستثمار منتج بعيدا عن النشاط الماركنتيلي الضيق، الذي يبقى حبيس النظرة التقليدية التي لا ترى في الجزائر غير سوق واعد لضخ منتوجات الشمال وصناعة تايوان وقش بختة. وكلها مسائل، حسمها رئيس الجمهورية، وفصل فيها بالقول، أن الجزائر التي تخوض معركة مصيرية من اجل اللحاق بركب الأمم تريد من المتعاملين الأجانب توظيف الرساميل في المشاريع المنتجة خالقة الثروة والعمل، وهي لا تدخر جهدا في مرافقة المستثمرين في هذا التوجه إلى ابعد الحلول. ومعرض الجزائر الذي دشنه الرئيس، أمس، الشاهد الحي، والمرآة العاكسة لهذه السياسة الوطنية كل الرهانات.