يعرف، الخطاب الديني في هذه الآونة، تنوعا وثراء من خلال علاج الأمور الدينية والدنيوية وفق المرجعية الوطنية وكسب هذا الخطاب الرواج والثقة من خلال الانخراط في سيرورة المجتمع والحديث على انشغالاته وهمومه واقتراح الحلول الممكنة دون الاكتفاء بمهمة الوعظ والإرشاد في ادنى مستوياتها والبقاء أسير مبطلات الوضوء والمسائل الأخرى البسيطة للغاية. وتظهر هذه الحقيقة وتكشف تفاصيلها، الحلقات التي تنظم قبل موعد الإفطار والدروس المحمدية والأنشطة المتنوعة التي تجمع بين الأمور الدينية والدنيوية ولا تضع حواجز فاصلة بينها أو تمنح الأولوية لواحدة على حساب الأخرى. ويرجع تنوع الخطاب الديني ورفع مستواه الملاحظ في شهر التوبة والغفران إلى العناية بقطاع الشؤون الدينية والأوقاف الذي كثر من نشاطه وحركته ومنح الثقة في الإمام وإعطائه صلاحيات في اختيار من يساعده والمجتمع الذي يعيش فيه، فهو يختار المواضيع الآنية التي تعيشها الأمة الجزائرية والإسلامية ويحللها ويشرحها بعمق دون المرور عليها مرور الكرام. وساهم في النقلة النوعية للخطاب الديني إلى جانب الصلاحيات الممنوحة للإمام، وتركه يختار اكبر المواضيع وأكثرها أهمية وقربا من اهتمامات الجزائريين وهمومهم الدورات التكوينية والتربصات لرجال الدين التي تسمح لهم بالولوج في أي مسألة بلا عقدة وقراءة سطحية وقصر النظر. وتجري عملية التكوين التي تهدف إلى تعميق المعارف وتحيينها، عبر الندوات الشهرية التي يقدم فيها الجديد من شتى المواضيع الدينية والدنيوية، تهتم بالجانب الاقتصادي مثل الأزمة المالية العالمية، وكيفية مواجهتها دون الاكتفاء بسرد الأحداث وتعاقبها وتلاحقها. واكبر تظاهرة شهرية كانت بدار الإمام حول ضبط رزنامة مواقيت الصلاة والصوم، علما وشرعا نشطها علماء وباحثون في علم الفلك، كاشفين بالحساب الفلكي الدقيق متى يكون شهر رمضان، وتأكد قولهم في الميدان. وتمتد المواضيع محل العلاج الديني إلى مسائل أخرى تخص التاريخ الوطني والثورة التحريرية، ينشطها من لهم علاقة بها واختصاص ومن عايشوا الحدث عن قرب. ولا شك ان الندوات والمحاضرات التي يحرص على تنوعها وجدواها، تساعد على تطوير فكر الإمام وجعله يقدم الأفضل والأكثر ثراء في دروسه وخطبه المنبرية للمصليين. ويضاف إلى هذا الجانب التحفيزي الآخر الذي بات يحسب له الحساب، ويتمثل في ترقية الإمام من رتبة إلى رتبة عبر مسابقات تجعله يراعي على الدوام الموضوعات الهامة الجديرة بالمتابعة والملاحظة والعناية. رغم كل هذا تحاول الجهات المعنية بقطاع الشؤون الدينية والأوقاف إعطاء قدر الممكن توجيهات بناءة للأئمة لوضعهم في إطار المرجعية الجزائرية حتى لا تختلط عليهم الأمور، وتتداخل أفكارهم ببعض الأفكار التي تحاول دوما زعزعة استقرار البلاد دينيا ووطنيا، تحصنه من التيارات الغريبة عن ديننا ومرجعيتنا.