كان هارون الرشيد خامس خلفاء الدولة العباسية في العراق وأشهرهم وكان عالما بالأدب وأخبار العرب والحديث والفقه، وكان شجاعا كثير الغزوات يحمل لقب جبار بني العباس لم يجتمع على باب خليفة ما إجتمع على بابه من الشعراء والأدباء والظرفات والندماء. لا يسمح هذاالحيز بالحديث عن مواقفه الطريفة، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1) دخلت إمرأة على هارون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه فقالت: يا أمير المؤمين أقر اللّه عينيك وفرحك بما أتاك وأتم سعدك لقد حكمت فقسطت فقال لها: من تكونين أيتها المرأة؟ قالت: أنا من قبيلة القوم الذي قتلت رحالهم وسلبت أموالهم فقال لها: الرجال: مضى فيهم أمر اللّه ونفذ فيهم قدره وأما المال فمرده اليك بعد انصرافها التفت الى الحاضرين وقال لهم: هل تعرفون ماذا قالت المرأة؟ قالوا: ما نراها قالت الا خيرا فقال لهم: ما أظنكم فهمتم شيئا.. ان قولها: أقر اللّه عينك تعني سكنت واذا سكنت العين عن الحركة عميت، وقولها: فرحك اللّه بما أتاك أخذته من قوله تعالى: »حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة«. 2) تلقى هارون الرشيد كتابا من ملك الروم هذا نصه: من ملك الروم الى ملك العرب ان الملكة التي كانت قبل، حملت اليك الأموال وذلك من ضعف النساء فاذا قرأت كتابي هذا أطلب منك إعادة الأموال وإلا السيف بيني وبينك، كتب هارون الرشيد على ظهر نفس الكتاب الجواب التالي: من أمير المؤمنين الى كلب الروم قرأت كتابك يا إبن الكافرة والجواب سوف تراه ولن تقرأه .. والسلام. جهز هارون الرشيد جيشا عظيما وسار الى الروم ففتح وأحرق ودمر فسأل ملك الروم على ضريبة سنوية يدفعها لبيت مال المسلمين فأجابه الى ذلك. 3) كانت لهارون الرشيد جارية وكان إبنه المأمون يميل اليها، وقفت تصب من إبريق والمأمون جالس خلف الرشيد أشار المأمون الى الجارية كأنه يقبلها فأنكرت ذلك بعينيها وأبطأت في الصب على مقادر نظرها الى المأمون واشارتها اليه، فقال لها هارون الرشيد: ضعي الابريق من يدك! واللّه ان لم تصدقيني فانني لن أتردد في قتلك فقالت: يا سيدي أشار الي عبد اللّه كأنه يقبلني فانكرت ذلك! التفت هارون الرشيد الى إبنه المأمون الذي كان في حالة خجل وخوف شديد فضمه الى صدره وقال له: هل تحبها؟ قال المأمون: نعم يا أمير المؤمنين فقال له: هي لك!!