أكد الخبير والمختص في ملف الإرهاب، إلياس بوكراع، أن الإرهاب يوجد حاليا في مأزق عسكري وسياسي، وقد اتخذ حاليا بعد تفكيك الجماعات الإرهابية في الجزائر من دول الساحل الإفريقي منطقةً لإعادة التشكيل وإعادة الإنتشار. أوضح الخبير إلياس بوكراع خلال الندوة الفكرية التي نظمها أمس مركز ''الشعب'' للدراسات الاستراتيجية أن الإرهاب تغلغل إلى منطقة الساحل الإفريقي بعدما فقد قلاعه ومواقعه بالجزائر، نتيجة تنامي الوعي لدى المناطق الجزائرية التي كانت تشكل سندا للمدّ الإرهابي. لكن الخطورة من الإرهاب تبقى قائمة، لأن هذا الأخير يسعى إلى إعادة الإنتشار وتشكيل جماعات جديدة في منطقة الساحل التي تتميز بالشساعة من الناحية الجغرافية، وتعاني شعوبها في ذات الوقت من الفقر والبؤس وكذا تنامي حالة اللاأمن والنزاعات الإثنية. كل هذه العوامل، يؤكد الخبير بوكراع، هي لصالح الإرهاب الذي سينتشر في حالة اللاأمن التي تعاني منها المنطقة للتغلغل ويساعده في ذلك عامل هام جدا يتمثل في الجانب العقائدي، أي تنامي الفكر الجهادي لدى أغلب شعوب المنطقة الممتدة من موريتانيا إلى التشاد، مبرزا في هذا الإطارأن ما يحدث في الصومال وأفغانستان واليمن سيؤدي إلى انعكاسات خطيرة على دول الساحل الإفريقي، مشيرا أنه لابد من الأخذ في الحسبان بأن الحركة الوهابية لها تواجد قويّ في المنطقة التي تسعى لوضع يدها عليها من خلال توزيع مساعدات على السكان وبناء المدارس، نظرا للهشاشة التي تتميز بها المنطقة سياسيا وإقتصاديا. وفي تفسيره للظاهرة، ركز على أمر في غاية الأهمية بنظره، ويتمثل في أن الإرهاب يسعى لاستغلال كل الوسائل لإبقاء النزاعات في المنطقة مستمرة، لأن حالة اللاأمن تعدّ عاملا أساسيا لإعادة تشكيل المجموعات الإرهابية تأهّبا لإعادة الإنتشار والرجوع إلى القلاع القديمة. وهنا يكمن الخطر برأي الخبير بوكراع، لأن منطقة الساحل مهددة بأن تتحوّل إلى ملجأ للشبكات الإرهابية ونشطائها، وهنا عامل الوقت مهم جدا، يؤكد المختص في ملف الإرهاب. وبعد أن شخّص وشرح ظاهرة الإرهاب في الساحل الإفريقي، اقترح كيفية التخلص منها، وحسبه، فإنه دون إرادة سياسية لكل دول الساحل الإفريقي لا يمكن مكافحة الإرهاب، فأي تردّد من دولة من دول المنطقة يجعل هذا الهدف صعب التحقيق، بل يحقق مكسبا للإرهابيين. كما يؤكد على ضرورة تبادل المعلومة الأمنية بين دول المنطقة، وتشكيل فرق للتدخل ومكافحة الإرهاب بتزويدها بكل الدّعم المادي واللوجيستيكي للقيام بمهامها. ومن جهته، أكد وزير الدفاع المالي الأسبق صومايلو بوماي مايڤا خلال مداخلته في إطار الندوة الفكرية على عامل الدين، وبرأيه فإن منطقة الساحل ذات الأغلبية الإسلامية أصبحت قاعدة لوجستيكية وتنظيمية للإرهاب، ومنطقة تلاقي الجماعات الإرهابية والمافيوية. وأضاف في هذا الصدد بأن المنطقة هشّة جدا، ما جعل مختلف التجارات الممنوعة كالسلاح والمخدرات وغيرها... تمارس فيها، ما جعل دول الساحل الإفريقي تغرق في نزاعات لا نهاية لها وحالة اللاأمن. استمرار حالة اللاأمن هذه يبرز المتدخل تحتم ضرورة إقامة قاعدة دفاع مشترك لدول الساحل الإفريقي، وضرورة التعاون في المجال الأمني بتبادل استخدام المعلومة الأمنية، مشيرا إلى أن القاعدة تتّخذ من دول الساحل معقلا لتدريب نشطائها. أما الدكتور أدامو رياني وهو أستاذ في جامعة نيامي بالنيجر وقانوني، فقد تحدث عن التجربة النيجرية في مكافحة الإرهاب، مبرزا إرادة بلده في العمل في إطار تشاركي وتعاوني مع بقية دول الساحل الإفريقي في مواجهة الظاهرة. وبرأي هذا القانوني، فإن مكافحة الإرهاب في المنطقة لا يخرج عن إطار التعاون الأمني بين دول الساحل الإفريقي ككل، مذكرا من جهته بالإجراءات التي اتخذها بلده النيجر في إطار مكافحة الإرهاب، وكذا للإتفاقيات التي وقّعها في إطار ثنائي وجهوي وحتى دولي. ومن بين الإتفاقيات التي أبرمتها النيجر لمكافحة الإرهاب اتفاقية مع الدول المجاورة، المالي سنة ,1960 اتفاقية مع الجزائر سنة 1984 وأخرى مع ليبيا سنة .2008