من المقرر أن يتم هذا الأربعاء النظر في الاستئناف ضد إجراء الرقابة القضائية في حق المدير العام السابق لسوناطراك السيد محمد مزيان بعد أن استمعت إليه محكمة سيدي محمد قبل أسبوعين في ما بات يعرف بفضيحة سوناطراك التي يجري بشأنها تحقيق معمق لكشف كل الملابسات والمتورطين في تبديد المال العام وفي إبرام صفقات مشبوهة، وبلغة القانون، فإن المتهمين الحاليين الذين تجري بشأنهم تحقيقات معمقة على مستوى محكمة الامتياز القضائي المكلفة بملفات الفساد الكبرى، هم أبرياء إلى غاية إثبات الإدانة التامة في حقهم، إلا أن أستمرار حسب بعض الإطارات المشتبه في تورطهما في هذه القضية ومن بينها نجلي المدير العام السابق مزيان، يوحي أن التحقيق المتواصل قد يكشف عن المزيد من الحقائق وقد يجر رؤوسا أخرى متورطة في أخطر قضية فساد تعرفها شركة استراتيجية ليست ككل الشركات، خاصة وأنها تعد شريان حياة الاقتصاد الوطني ككل، لما تمده من وسائل مالية أساسية في تمويل كل شيء، وهي التي يقع على عاتقها تسيير عشرات الملايير من الدولارات في عمليات، بيع للبترول قد تصل إلى 70 مليار دولار، مثلما حدث في السنوات القليلة الماضية بعد الإرتفاع القياسي لأسعار النفط. وعلى الرغم من حساسية الموقف وحجم الفضيحة المتهم فيها أعلى هرم في الشركة وهم الإطارات المسيرة، وما قد ينطوي على ذلك من تداعيات قد تكون غير إيجابية على سمعة الشركة الوطنية التي تعد من أكبر الشركات النفطية العالمية، إلا أن إصرار أعلى هيئة في هرم السلطة على محاربة الفساد مهما بلغ حجمه أو مرتبته في أي سلم كان، يترك الإنطباع على أن يد العدالة يجب أن تطال كل المفسدين طال الزمن أو قصر، وأن القانون فوق الجميع مهما كانت صلة القرابة التي تربط المفسدين بمسؤولين نافذين في أي جهة كانت. الضرب بقبضة من حديد على الفساد والمفسدين والكشف عن المتورطين مهما كان نفوذهم، قد يكون السبيل الوحيد لدرء هذا الداء الذي تفشى بسرعة رهيبة، وأصبح الفساد بكل أشكاله وخاصة الرشوة وتبديد المال العام، يسري بكل أشكاله في أوصال النفوس الضعيفة، وأمتد ليشمل قطاعات حساسة كالبنوك بعد فضائح »الخليفة« و»البنك الوطني« و»بدر« وغيرها... وأخيرا مجالا حساسا وخطيرا في آن واحد ألا وهو المحروقات، وفي فروع بيع البترول وإبرام الصفقات والعقود ومنح الأسواق خاصة للشركاء والأجانب وهي مشاريع بملايير الدولارات، وما انطوى عليها من منح عملات لتمرير صفقات بالتراضي رغم أن القانون واضح في هذه المسألة بالذات وغيرها من التفاصيل التي أفرد لها القانون حيزا هاما من العقوبات في حالة بروز مخالفات خطيرة كالتي يجري بشأنها تحقيق معمق من طرف محكمة الامتياز القضائي، التي يبدو أنها عازمة على المضي بعيدا لكشف كل الملابسات التي جعلت فضيحة سوناطراك تطفو على السطح وحجم المخالفات وأبعادها ومدى تأثيرها على الإقتصاد الوطني وسمعته على الصعيد الخارجي. وعلى الرغم من أن هذه الفضيحة التي تورط فيها مسؤولون في سوناطراك وعلى رأسها المدير العام السابق مزيان وآخرين في مناصب حساسة بنفس الشركة، إلا أنه يبدو في الوقت الراهن أنه لا توجد مخاوف حقيقية لدى شركاء سوناطراك، طالما أن الإلتزامات المتبادلة ضمن العقود المبرمة لم تتأثر ولن تتأثر مهما كانت نتائج التحقيقات وهي نفسها التطمينات التي سبق لوزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل وأن قدمها حول مستقبل الشركة بما في ذلك العقود المبرمة مع الشركاء، هؤلاء لا يزالون يبدون اهتماما متزايدا في إبرام عقود شراكة لأن مشاريع سوناطراك لا تزال تثير لعابهم.