خرجت، بريطانيا، عن صمتها في وقت اشتدت فيه الضغوطات الأمريكية والفرنسية على الجزائر لحملها على تغيير مواقفها في قضايا مصيرية وحاسمة من خلال العمد إلى ادراجها في قائمة أقل ما يقال عنها أنها غريبة على اعتبار أن الدول المدرجة فيها تخضع لتفتيش دقيق من منطلق أنها تشكل خطرا على هاتين الدولتين، وعلى لسان أحد الدبلوماسيين البريطانيين أكدت أنه لا مبرر لوضع الجزائر في قائمة الدول الخطيرة، لا سيما أن الأمر يتعلق بدولة رائدة في مجال مكافحة الارهاب. لم تحذ بريطانيا حذو أمريكا ولا فرنسا التي لم تفوت الفرصة لتنخرط في المبادرة الأمريكية لأغراض لا علاقه لها بالأمن أو السلم، حيث تعاملت بمنطق لا يأخذ بعين الاعتبار الأغراض الخفية وراء قرارات جاءت كنتيجة حتمية للمواقف الجزائرية، لا سيما وأن اساتذة مختصون في العلوم السياسية والعلاقات الدولية أعادوا القرار الأمريكي إلى رفض الجزائر لاقامة قاعدة »أفريكوم« والاعلان فيه جاء في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قادت المسؤول الأول عن هذا الجهاز نهاية السنة الفارطة إلى الجزائر. وإذا كانت الأمور بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية مرتبطة بمنطقة الساحل و»أفريكوم«، فإن الأمر يختلف تماما بالنسبة لفرنسا التي أبانت عن حقد دفين كشفته التصريحات الأخيرة لوزير خارجيتها كوشنير الذي تأجلت زيارته إلى الجزائر عدة مرات بسبب تعنت الطرف الفرنسي الذي يرفض الاعتراف والاعتذار عن الجرائم النكراء التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية وصنفت في خانة الجرائم ضد الانسانية. بريطانيا وبعيدا عن الحسابات التي تخدم مصالح هذه الدول التي اتخذت قرارا أقل ما يقال عنه أنه متناقض مع المواقف الرسمية على الأقل الأمريكية ولعل ما يؤكد هذا الطرح أن مسؤولا بوزارة خارجيتها قال بأنه لا مبرر لوضع الجزائر ضمن قائمة الدول الخطيرة ولم تتوقف تصريحاته عند هذا الحد حيث أوضح بأن بلاده لا تعتقد أن الجزائر من الدول المصدرة للإرهاب، مضيفا بأنها من الدول الرائدة في مجال مكافحة الارهاب وأنها خاضت هذه المعركة لوحدها في سنوات التسعينيات. كما أن المسؤول البريطاني أكد بأن بلاده لديها قائمة تضم دولا خطيرة، لكن وعلى عكس دول أخرى فإنها لا تتعامل بنفس الطريقة أي أن بريطانيا لا تخلط الأمور فهي تعتمد الحذر دونما الاساءة للدول عندما يتعلق الأمر بخطر حقيقي وليس ذريعة للضغط على الدول. وعلى غرار المسؤولين الامريكيين أشاد الدبلوماسي البريطاني بالتجربة الجزائرية في مكافحة الارهاب واستفادة بلاده من خبرتها في هذا المجال في إطار التنسيق الأمني المشترك بين البلدين، وهو ما يعكس انسجام القرارات مع المواقف في هذه الدولة، على عكس أمريكا التي تشيد بالتجربة الجزائرية في مكافحة الارهاب إلا أنها تصنفها ضمن الدول الخطيرة ما يطرح أكثر من نقطة استفهام. ويبقى الأمر الأكيد أن الموقف البريطاني أكد أن قرار ادراج الجزائر في قائمة الدول التي يخضع رعايها للتفتيش الدقيق باعتبارها تشكل خطرا على الدول التي بادرت بها، لا علاقة له بالمبررات المعلن عنها وإنما يخدم أغراض ومصالح معنية.