ينفي السفير المصري بالجزائر، عمر أبو عيش، وجود خلاف بين البلدين كما يتم الحديث عنه، حيال الأزمة الليبية وتنظيم الإخوان، وتوقف الدبلوماسي المصري مطولا في حواره مع "الشروق" عما يسميه "إرهابا تورط فيه التنظيم الذي أسسه حسن البنا"، ويتحدث كذلك عن التسهيلات التي قدمتها القاهرة للجزائريين في مجال التأشيرة، ومجال الاستثمار بين البلدين، ولم يخل الحديث كذلك عن "القوة الناعمة" لمصر، ويكشف عن فيلم سينمائي مشترك بين البلدين. تصريحات مسؤولي البلدين، تؤكد سمو وقوة العلاقات بين البلدين، لكن المتابع يلحظ بعض التباين في المواقف من بعض المسائل، الملف الليبي وتنظيم الإخوان المسلمين؟ العلاقات الثنائية تسير في منحى جدي ومتميز، لأن البلدين كبيران في إقليمهما، ويكفي للدلالة على قوة العلاقات، أن الجزائر كانت أول دولة زارها الرئيس السيسي حينما تولى المسؤولية، وإذا ما اتخذنا من المسألة الليبية مثالا، نجد أنها عامل مشترك يفرض على البلدين تنسيق المواقف وتوحيد الرؤى بينهما، فمن مصلحة البلدين أن تظل ليبيا دولة، وأن تكون هنالك حكومة شرعية ومؤسسات قوية. كما أن فكرة التدخل العسكري أمر مرفوض من كلا البلدين، وما تردده بعض المصادر الإعلامية عن وجود خلافات أو اختلافات هي مسائل غير حقيقية، تتناقض مع لقاءات مسؤولي البلدين حيث يطرح كل طرف رؤيته، وتتم مناقشة كافة التفاصيل وسبل تحرك كل طرف وكيفية التوصل لحلول بشأنها، القول إنه توجد اختلافات أمر غير صحيح نهائيا، وهي مجرد رهانات حاول بعض الأشخاص الترويج لها، أو تصور أنها قابلة للحدوث لكن حقيقة الأمر تؤكد عكس ذلك تماما. لكن الجيش المصري نفذ عمليات في ليبيا؟ يجب أن نضع الأشياء في سياقها السليم، الضربات التي وجهتها القوات الجوية لم تكن على الليبيين أو ضد مؤسسات ليبية، بل كانت بتنسيق كامل مع مؤسسة الجيش الليبي الوطني وليس مع المليشيات، وقد استهدفت هذه الضربات معاقل إرهابية. الضربات كانت مركزة ضد أعداء الشعب الليبي، هذه التنظيمات ذاتها تهدّد الأمن القومى لمصر والجزائر على السواء والشواهد على ذلك كثيرة. تحدثت عن دعم الحكومة الليبية، القراءات تتحدث عن دعم مصري لطرف على حساب طرف، نقصد الجنرال خليفة حفتر والطرف المتمركز في شرق البلاد على حساب حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا؟ مصر معترفة بحكومة السيد فائز السراج، ودعمت حكومة الوفاق الوطني، وتدعم الجيش الوطني الليبي ليس لشخص بعينه، وإنما باعتبار الجيش مؤسسة وطنية، الموقف المصري يقوم على بناء ودعم المؤسسات الوطنية، الدولة الليبية للأسف لم تكن دولة مؤسسات، لذلك كان انهيارها سريعا ومباغتا بعد ضربات النيتو، الأمر الذي ترك الدولة في فوضى عارمة وهو ما نشهده اليوم. ومع المراحل الأولى لاستعادة الدولة الليبية بإقامة أجهزتها ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية وجيشها، كان لا بد من توفير الدعم الكامل لها، وتمكينها من تلبية تطلعات الشعب الليبى فى الأمن والتنمية، فمصر دولة مؤسسات وتعي جيدا أهمية ودور المؤسسات فى هذا الشأن. التباين الآخر يظهر في ملف الإخوان، القاهرة تصنفه تنظيما إرهابيا بعكس الجزائر، ألا يشكل هذا عثرة بين البلدين؟ أبدا، أنا لا أرى أي تباين فى الأمر، فالنظرة الموضوعية تؤكد أن علاقة البلدين والمسؤولين أكبر من أن تختزل فى هذه القضية التى لا تعد موجودة أصلا، مشكلة الجزائر في فترة العشرية السوداء لم تكن مع الإخوان ولكن مع التنظيمات السلفية الجهادية، والتي كانت موجودة أيضا فى صعيد مصر فى نهاية الثمانينيات والنصف الأول من التسعينيات، وقامت بأعمال عنف وإرهاب، وتم مواجهتها بمنتهى الشدة. نفس الأمر حصل بالجزائر، تم التعامل معهم بحزم وتوجيه ضربات موجعة، وعُرض عليهم فى مرحلة لاحقة وقف العنف وتسليم سلاحهم وخضوعهم للقانون مقابل العفو. وبالتالى فقد قبل عدد كبير من هذه العناصر العرض وحدث الوئام والمصالحة، أما الإخوان في الجزائر لم يكونوا طرفا أصيلا فيما حصل، زيادة على أن تواجد الإخوان في الجزائر قليل جدا، والمشكلة الأساسية كانت مع الجهادية السلفية. الوضع في مصر مختلف، فقد كانت المواجهة الأمنية مع طرفين فى آن واحد وإن كانت الأكثر عنفا مع السلفية الجهادية، وتم إلقاء القبض عليهم وحصلت مراجعات فكرية لهم في السجون، وتم تحويلهم للقضاء بمحاكمات عادلة، المراجعة الفكرية جعلتهم يعيدون النظر فيما ارتكبوه وبالفعل، رفضوا لاحقا اللجوء للعنف، وخضعوا للقانون، واليوم انخرطوا في العمل السياسي وقاموا بتأسيس أحزاب، ولهم تمثيل في البرلمان، ويعيشون حياة عادية. وفيما يتعلق بالإخوان فى مصر، فقد تأسس فكرهم على أفكار ونهج التكفير الذي قاده سيد قطب، والذى تأسست بموجبه جماعات وتنظيمات أخرى ولكنها تحت عباءة الإخوان، ومع بدء أحداث سنة 2011 لم يكونوا طرفا في الثورة بل أيدوا مبارك، ولتدخلات خارجية بعضها عربي وآخر أجنبي، تواءموا مع موجة الثورة التى وجهوها فيما بعد لحسابهم، وبوصولهم للحكم تبيَنت حقيقتهم التى دفعت الشعب لإسقاطهم، هم وصلوا للحكم نتيجة لتصويت عقابي وليس حبا فيهم أو اقتناعا ببرنامجهم، كما لا يجب إغفال أنهم لا يحظون بشعبية كبيرة في مصر فعددهم لا يتجاوز 400 ألف. الرئيس السيسي فتح لهم الباب- شأنهم شأن غيرهم من الأطراف السياسية- للحوار، فقد تواكبت مختلف القوى السياسية مع فكرة الحوار باستثناء الإخوان الذين تحوّلوا للعنف، وجلبوا أعدادا كبيرة من الإرهابيين ووطنوهم في سيناء، وقد تلطخت أيديهم بدماء جميع المواطنين المصريين، خاصة وأن التنظيم استعان بأطراف أجنبية للقضاء على الدولة المصرية. كل هذه الأحداث جعلت المشكلة بين الشعب والإخوان وليس بين الدولة المصرية والإخوان. الكثير من الأسئلة علينا طرحها اليوم، عن الدعم الذي تلقاه التنظيم من الخارج، العملية المنفذة الآن في سيناء أثبتت أن التنظيم تلقى دعما خارجيا، من أين أتى بتلك الترسانة من الأسلحة التى لا تتوافر إلا للجيوش وليس لعصابات إجرامية. الجزائر حاربت الإرهاب أمنيا، واعتمدت كذلك على سياسة المصالحة التي أثمرت بحسب تقديرات رسمية بالعفو عن 15 ألف إرهابي، هل يمكن أن تمضي مصر في مصالحة مع الإخوان؟ الأحداث التى وقعت بالجزائر خلال فترة العشرية السوداء ظلت دائما فى إطار الدولة الجزائرية، هذا الوضع اختلف كلية فى حالة الإخوان فى مصر حيث لم يتورعوا عن التأكيد صراحة عن عدم جدوى مفهوم الدولة أمام مفهوم الأمة وقبولهم الخضوع لحكم آخرين ما داموا مسلمين، فضلا عن قبول اقتطاع الأراضى من دون وجه حق وقبولهم لمشروع توطين الفلسطينيين فى سيناء والقضاء كلية على فكرة الدولة الفلسطينية. مثل هذه التوجهات خلقت قطيعة كاملة بين الشعب وهذا التنظيم الإرهابى يصعب معها تصوّر قبول مساعي عدة دول غربية لفرض تواجد الإسلاميين داخل سلطات الدول العربية تحت أى ظرف وبأي ثمن. هل لا يزال يد الدولة ممدودا للتنظيم؟ المشكلة الآن بين الشعب والتنظيم. مصر مدت يدها من قبل، مع كافة القوى السياسية وليس مع هذا التنظيم فقط، إلا أنهم هم من رفضوه وآثروا اللجوء للعنف على نحو ما أوضحت سلفا خلافا لأنصار السلفية الجهادية. لكن الشعب تمثله الدولة؟ الدولة تأخذ بعين الاعتبار ردة فعل الرأي العام المصري، الدولة لا تتصرف بمحض إرادتها، الرأي العام له قوته واحترامه، وتأثيره في مجريات الحياة، نحن 104 مليون مواطن، لا ينفع أن تأتي على الغالبية العظمى من المواطنين لإرضاء حفنة صغيرة، لكن الطريق واضح معهم وهو رفض أعمال العنف، من ارتكب الجرائم يحاسب قانونا، من يريد العودة عن هذا المنهج ويديه لم تتلطخ بالدماء الطريق مفتوح أمامه، أما الاستقواء بالخارج ومحاولة تشويه مصر والقضاء على الدولة وهدم أركانها عبر ما يعرف بالجيل الرابع للحروب فهذا مرفوض بتاتا، ولن يقدروا على فعله. الجزائر دعت إلى إصلاح الجامعة العربية، هل تدعم القاهرة هذا المسعى، ما هي الاختلالات التي ترونها واجبة الإصلاح؟ إصلاح الجامعة بالشكل الذي يعينها على أداء مهمتها هو أمر مقبول، ولا أحد ضده، إصلاح الجامعة يجب أن يتم على أسس موضوعية بحتة، لذلك أتعجب كثيرا من بعض الأصوات التى تتعالى مطالبة القضاء على الجامعة والتى تحملها مسؤولية الإخفاق فى معالجة مشاكل الدول العربية. الجامعة فشلت في حلّ المشاكل العربية، المعاينة البسيطة تحيلنا إلى هذا التشخيص. هذا ليس تجنيا عليها؟ أمين عام جامعة الدول العربية هو منفذ لإرادة الدول العربية، العبرة هنا تتعلق بكيفية النظر للجامعة العربية، هل ننظر إليها على أنها إطار فوق الدولة العربية يوجهها بالشكل الذي يراه، وبالتالي فشله في هذا الشأن يعد فشلا للجامعة؟ أم ينبغى لنا النظر إليها باعتبارها إطارا يجمع إرادات الدول العربية؟ الفشل في حماية نظام إقليمي معين، يرجع بالأساس الى عدم اتفاق الدول المكوّنة لهذا الإقليم التى تتحمل المسؤولية الأولى فى هذا الشأن. وبالتطبيق على الحالة العربية نجد حالات عديدة لسلوك معيب لدولة صغيرة تحاول أن تفرض إرادتها على باقى الدول العربية، وساهمت بشكل مباشر في تقسيم دول عربية أخرى، وزعزعة استقرارها بتمويلها لأطراف داخل هذه الدول. قدرة الدول، لا تقاس بالحجم ولكن بفاعليتها، توجد دول كبيرة في المساحة وفاشلة؟ نعم، ولكن هل وظيفة الدولة والجارة العمل على تهديم الآخر، هذا مرفوض ومدان. من هذا المنطلق نقول إن الجامعة فشلت في حل المشاكل البينية؟ أعيد وأؤكد أن الجامعة آلية تنفيذية لجميع إرادات الدول العربية، إذا توافقت إرادات الدول على هدف معين فالجامعة تنفذه، الجامعة ليست سلطة عليا لتوجيه إرادات الدول، في حالة الوصول إلى قرار معين، ممكن دولة واحدة تكسر هذا القرار، هل نحمّل الجامعة المسؤولية، أو نقول إن طرفا سعى لإفشال البيت العربي، ليس خافيا أن دولا عملت على تهديم دول أخرى تحت مسميات هي ذاتها تفتقر إليها. وهل من المنطقي إقصاء عضو مؤسس ونقصد سوريا من الجامعة العربية؟ الموقف المصري من القضية السورية واضح، فمصر لم تكن مع طرف على حساب آخر، مصر عملت على إيجاد الحل، وضمان بقاء سوريا دولة موحدة ومستقرة، تفتيت الدول ليس في مصلحة مصر ولا فى مصلحة أحد، مصر تتمتع بعلاقات طيبة مع الحكومة والمعارضة السورية على حد سواء ومع غالبية القوى الدولية والإقليمية ذات الصلة بالأزمة السورية. كان هنالك تصريح لافت للمبعوث الأممي السابق الأخضر الإبراهيمي الذي أعاب هيمنة مصر على منصب أمين عام الجامعة العربية وطالب بتدويل، هذا الموقف يتبناه الكثيرون ويرون أن الجامعة العربية أصبحت ملحقة للخارجية المصرية؟ هكذا نختزل المشكلة في كلها في إطار شكلي فقط، الأمين العام هو ممثل وسكرتير ينفذ إرادات الدول العربية، ما يتفق عليه الزعماء العرب يتولى تنفيذه، البعض يقدم الأمين العام على أنه سلطة فوق إرادة الأنظمة، فرضا لو سلمنا وتم تسمية شخص ما لمنصب الأمين العام من الشرق أو الغرب فهل سيؤدي ذلك إلى حلّ المشكلة وتكون قضية الإصلاح قد تحققت؟ الحل يكون في المضمون وليس في الشكل. رغم الاختلاف الحاصل في أوروبا لكن تم التوصل إلى إنشاء كيان يمكّن المواطن من الانتقال من دولة لأخرى دون تأشيرة، وأنت تتحدث عن العلاقات القوية بين مصر والجزائر متى نصل إلى السفر بين البلدين من دون تأشيرة؟ الأمر ممكن الحصول إذا توفّرت له الظروف المناسبة، ويكون قابلا للتطبيق من كلا الجانبين . وفى سبيل تحقيق ذلك يجب البدء بخطوات متدرجة تبدأ بإجراءات تيسر عملية انتقال الأفراد والسلع والبضائع، بعدها يتم تقييم ما تم اتخاذه، هذا ما قمنا به بالفعل. فقبل عام 2014 كان الجزائري يأخذ فترة شهر ونصف شهر حتى يحصل على موافقة للتأشيرة، ومدة التأشيرة التى يحصل عليها لا تتعدى 3 أشهر ولظروف خاصة ومحدودة جدا تمتد لتصل إلى ستة أشهر، لاسيما وأن طبيعة العلاقات في ذلك التوقيت كانت تحتاج الى مزيد من التطوير، كان المعدل السنوي للتأشيرات لا يزيد عن 4 آلاف أو 5 آلاف، وبعد زيارة الرئيس السيسي إلى الجزائر، تم رفع عدد التأشيرات، ففي سنة 2015 وصلنا إلى 21 ألف، في 2016 وصلنا إلى 30 ألف، والسنة الماضية 41 ألف، هذا يؤكد أننا نسير فى الطريق السليم. من التسهيلات المتخذة كذلك، ما تم إقراره لصالح رجال الأعمال، حيث يتم منحهم تأشيرات دخول لمدة سنة متعددة السفرات على الرغم من أن هذه الميزة غير ممنوحة لرجال الأعمال المصريين. التسهيلات كان لها أثر إيجابي، الصائفة الماضية كانت توجد رحلتا شارتر يوميا، من العاصمة إلى شرم الشيخ، هذه السنة متوقع 3 رحلات يوميا من مدن مختلفة، ولكن هنا نحن بحاجة إلى دعم من هيئة الطيران المدني، ورفعت طلبا إلى وزير النقل والأشغال العمومية. الأمر يحتاج إلى تضافر جهود كلا الجانبين وإجراءات متوازية حتى يمكن تحقيق التقدم المنشود. هناك حاجة ماسة لمزيد من الإجراءات المقابلة، هنالك أشياء ميسرة وأخرى مازالت صعبة، لأن انتقال الأفراد والبضائع هو الذي يقوي العلاقات، أنا على قناعة أننا سنصل دائما لمرحلة أفضل بكثير قد لا نحتاج فيها الى تأشيرة دخول. أود أن أوضح لبعض الأفراد الذين ينكرون ما تم اتخاذه من إجراءات وتيسيرات، أنني كنت حريصا منذ بدء مهام عملي على أن تكون التسهيلات كبيرة ومتتالية، ونحن بصدد إنهاء الإجراءات الخاصة بالتأشيرة الإلكترونية، وتعد الجزائر من بين 45 دولة مستفيدة من هذا النظام الجديد، مصر مستعدة لتقديم عروض خاصة للسائح الجزائري، بل أكثر من ذلك نحن على استعداد لنقل خبرتنا في مجال بناء القرى السياحية. كيف تقيّمون مناخ الاستثمار في الجزائر، وهل من الوارد إقامة استثمارات مصرية، بعد التجربة السلبية مع رجل الأعمال نجيب ساويرس؟ الاستثمارات المصرية في الجزائر متواجدة بشكل جيد، ممكن أنها قلت بعد 2009، لكن استعادت زخمها، أكبر خمس شركات مصرية متواجدة في الجزائر، بما في ذلك مجمع أوراسكوم، المشكلة التي حصلت مع أوراسكوم في مرحلة من المراحل لم تمنع الشركة من الاستمرار والدخول في شراكات مع مؤسسات جزائرية في مجالات متنوعة، كشركة سورفيرت التي تتعامل مع سوناطراك في مجال إنتاج الأسمدة، وشراكة أخرى لإنتاج الإسمنت، هذا بخلاف أوراسكوم للإنشاءات، المقاولون العرب، علما أنها دخلت الجزائر والبلاد تعيش أزمة أمنية، وبذلك كانت الشركة الأجنبية الوحيدة التي تواجدت بها، ومديرها العام في تلك الفترة أصبح رئيسا لوزراء مصر وهو الآن مستشار للرئيس عبد الفتاح السيسي. هنالك كذلك شركة السويدي "للكابلات"، التي تنتج وحدها 50 من المئة من احتياجات السوق الجزائرية، وتصدر لأوروبا وإفريقيا منتوجا جزائريا، حتى مصر استوردت من الشركة في أوقات معينة جزءا من انتاج الشركة لاحتياج السوق له، ووزارة الزراعة المصرية لجأت إلى شركة سورفيرت لاستيراد كمية من إنتاج الأسمدة احتاجتها السوق المصرية. بالمقابل شركة كوندور الجزائرية ستفتح مصنعا كبيرا في مصر، و80 من المئة من الإنتاج سيصدر لأسواق إفريقية، وتستفيد من حجم الأسواق الكبيرة التي توفرها الاتفاقيات الموقعة بين مصر واتحادات اقتصادية في الخارج، يمكن للمصنع أن يصدر حتى لأوروبا وأمريكا اللاتينية، كمنتوج جزائري. في الداخل المصري، البلاد مقبلة على موعد انتخابي هام نهاية الشهر، ومن دون "بروباغاندا" ماذا تحقق في سنوات حكم السيسي؟ تحقق الكثير، ولأول مرة تخطينا احتياطي الصرف الأجنبى الذي كان موجودا قبل ثورة 2011، نجحنا في اتخاذ قرارات قوية ومؤلمة، لكن هذه القرارات هي التي وضعت مصر على المحك الطبيعي، سجلنا زيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة وصلت إلى 7.5 ملايير دولار، وتنمية خارج المدن الكبرى، كما هو في أقاليم قناة السويس، وتعمير سيناء، وهذا يرد على كل المزاعم التي تتحدث عن توطين الفلسطينيين بها، وهو المسعى الذي عمل عليه محمد مرسي خلال فترة حكمه، وازدواج قناة السويس ، وعاصمة إدارية جديدة ولأول مرة يحصل اكتفاء في الثورة السمكية. المشهد الانتخابي بمرشحين، ولكن بفروق شاسعة بينهما، والتوصيف الأقرب أن في الانتخابات سيكون السيسي منافسا لعبد الفتاح، بعد حملة التوقيفات التي طالت أهم الشخصيات، كسامي عنان وشفيق؟ أولا، ليس الرئيس السيسي من استبعد المرشحين الآخرين، الانتخابات تنظم بمعرفة اللجنة الوطنية العليا للانتخابات، وهي هيئة قضائية مستقلة، والدستور حدّد مجموعة من الضوابط والشروط للترشح، وبعض المرشحين لم يستوفوا الشروط المطلوبة والتى تستلزم جمع توقيعات عشرين عضوا من البرلمان، أو توكيلات بواقع 25 ألف توكيل لمواطنين فى 15 محافظة من أصل 26 محافظة في مصر، كيف يمكن لشخص تطلع للترشح لهذا المنصب الهام ويحكم دولة يزيد عدد سكانها عن مائة مليون نسمة ولا يتمكن من استيفاء شروط ميسرة حددها القانون على النحو المشار إليه؟. أما استبعاد الفريق سامي عنان، فجاء لعدم التزامه بشروط ترشح العسكريين والتى تستلزم الحصول على موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة رغم أنه قائد عسكرى كبير يعلم تماما هذه الشروط. وبالتالى جاء استبعاده وفقا لقانون قائم منذ فترة طويلة تمتد لعدة عقود. إقليميا، لا يزال الشرخ قائما بين البيت الفلسطيني بين فتح وحماس، وقد يتعمّق بعد استهداف موكب رئيس الحكومة رامي الحمد لله، أي دور للقيادة المصرية في هذا الخصوص؟ اتفاق المصالحة الحقيقي تم برعاية مصرية، ونجح فى إفراز عدة نقاط إيجابية من بينها عودة ممثلي السلطة الفلسطينية الى المعابر الحدودية مجددا، حماس قامت بإجراءات ايجابية وكذلك من فتح. وبطبيعة الحال ما تم التوصل إليه من نتائج لا يرضي بعض الذين سعوا لوأد الاتفاق بشتى الطرق وآخرها محاولة استهداف رامي الحمد لله، القضية الفلسطينية هي القضية الأولى لمصر، وهي قضية أمن قومي لنا، إذ تشير مختلف الحقب التاريخية أن منطقة الشمال الشرقي كانت البوابة المؤثرة على أمن مصر القومي. وماذا عن مخرجات الأزمة الخليجية، أنتم أحد أطراف الخصومة مع قطر؟ الحل بيد القطريين أنفسهم، الحل يتمثل في اتخاذ قرار بالتوقف التام من جانبهم عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأربعة، ووقف دعم التنظيمات الإرهابية التي تستضيفها على أراضيها، هم يقولون إنهم لا يستضيفون أي تنظيمات إرهابية، إذا لماذا يتواجد رموز هذه التنظيمات في قطر، لماذا يتم تسخير الآلة الإعلامية لضرب النسيج الاجتماعي فى الدول الأربعة وتحديدا فى مصر، لماذا تعمل قناة مشبوهة كالجزيرة على استهداف الجيش المصري بفيلم مسيء… عليهم الكثير من الأمور التى ينبغي القيام بها حتى تنتهى الأزمة معهم، أما سلوك المراوغة ومحاولة الظهور في ثوب الضحية فلن يفلح، خاصة وأن التغيرات الأخيرة التى شهدتها الإدارة الأمريكية لن تكون سعيدة بالنسبة لهم. بعيدا عن السياسة، لطالما كانت السينما والدراما المصرية أحد أوجه القوة الناعمة، هذه القوة بدأت تخف، وما نلحظه توجّه المشاهد الجزائري نحو الدراما التركية، لماذا؟ نحن لم نمنع الدراما المصرية من الظهور على شاشات التلفزيون الجزائري بل على العكس أنا ألاحظ فى الفترة الأخيرة عودة الدراما المصرية وإن كانت أقل من المعدلات التى عرفت بها فى الجزائر من قبل، أما التوجه نحو الدراما المنتجة فى تركيا فهو يرجع لأسباب تجارية بحثة، الدراما المصرية متاحة وتباع في كل الدول العربية، مصر منفتحة على الجميع، مصر متواجدة في التظاهرات السينمائية الجزائرية على غرار مهرجان وهران كمكرمين أو عارضين أو حكام. وقد تبلور هذا الاهتمام في الإعداد الحالي لعمل سينمائي مشترك، من إنتاج خاص مصري جزائري، بعنوان "اليخت دينا"، السيناريو مشترك، وتم تكليف مخرج تونسي لإخراجه.