شهدت منطقة الأوراس خلال الثورة التحريرية العديد من المعارك البطولية التي تزامنت مع شهر رمضان الكريم، حيث تؤكد وثائق جيش التحرير الوطني على وقوع هجومات شرسة وأعمال فدائية قام بها المجاهدون ضد عساكر الاستدمار الفرنسي، ما يجعل شهر رمضان الكريم شاهدا على صمود وتضحيات الجزائريين الذين أعطوا دروسا في التضحية والجهاد للعدو الفرنسي رغم متاعب الصيام ومشقة الحر والجوع والفقر والحرمان. يحتفظ شهر أفريل 1957 الموافق ل 27 رمضان، بمعركة وقعت في الجبل الأزرق قرب قرية نارة بمنعة (ولاية باتنة)، بقيادة أحمد لعلى المدعو "طامسو" رفقة عدد من المجاهدين، حيث شارك فيها العدو بقوات المشاة مدعمة ب 7 طائرات حربية، وقد بدأت المعركة في الساعة الثانية زوالا، وأسفرت عن مقتل 16 جنديا في صفوف العدو، وجرح مجاهد واحد حسب رواية صالح الصغير ومعمر حربوش، وفي عز شهر الصيام من ذات العام، وقعت معركة قرب مسكيانة بأم البواقي، من طرف 45 مجاهدا يقودهم ميلود قابلة، في الوقت الذي شارك فيه العدو بقوات تقدر بنحو 1500 عسكري معززين بوسائل التدمير والخراب، وقد دامت المعركة 7 ساعات، وأسفرت عن استشهاد 30 مجاهدا وأسر خمسة منهم، فيما تكبّد العدو خسائر مادية وبشرية معتبرة. وفي رمضان من العام الموالي (مارس 1958)، وقعت معركة بجبل أولاد حناش بقيادة عمار عشي ومساعده الطاهر حليس بصحبة كتيبتين من ناحية سطيف، حيث كان العدو الفرنسي معززا ب 5 آلاف عسكري، وقد دامت المعركة 12 ساعة كاملة أسفرت عن استشهاد 25 مجاهدا وجرح 12 آخر، أما العدو فقد قتل منه 500 عسكري و200 جريح، إضافة إلى أسر ضابط فرنسي برتبة رائد وحرق 3 شاحنات. معارك أعطت دروسا للفرنسيين في حرب العصابات ويؤكد الباحث سليمان قراوي في حديثه إلى"الشروق" أن شهر رمضان يحتفظ بالعديد من المعارك والبطولات التي ميزت جيش التحرير الوطني بمنطقة الأوراس خلال فترة الثورة التحريرية، ففي شهر رمضان من سنة 1958 قام الفدائيون مقاوسي إسماعيل وبن الطيب أحمد وناصري إبراهيم بتنفيذ عملية وسط مدينة باتنة، وبالضبط نواحي مسجد ابن باديس حاليا، حيث تم رمي قنبلة على مجموعة من عساكر الطيران، ما أسفر عن قتل 3 عساكر فرنسيين وجرح 3 آخرين، وفي رمضان من العام نفسه قام الفدائيان بضياف حسين وغناي العربي بأمر من سلطاني موسى بتنفيذ عملية فدائية بحي الزمالة بباتنة، تمثلت في رمي قنبلة ببيت الدعارة، أسفرت العملية عن قتل وجرح العديد من الحركى. وفي 10 أفريل 1958، كانت فرقة من كومندوس جيش التحرير الوطني بمنزل (بودريس لخضر) في شهر رمضان المعظم، وبسبب أحد الخونة كشفت القوات الفرنسية مكان المركز الذي حوصر من طرف القوات الاستعمارية باستعمال المدافع والدبابات، وعند اقتحام المكان قام جنود جيش التحرير الوطني بإخلاء المنزل من (نساء وأطفال)، فانهالوا على العدو بوابل من الرصاص في اشتباكات دامت 6 ساعات قتل على إثرها (44) عسكريا فرنسيا بفناء المنزل الذي هدم بواسطة مدفعية العدو، واستشهد 4 مجاهدين من بينهم صاحب المنزل، وتم أسر اثنين، فضلا عن تعذيب عدد معتبر من المواطنين. في شهر ماي 1959 وقعت معركة الشبكة في المكان المسمى الحمام، وصادف هذه المعركة اليوم الأخير من شهر رمضان المعظم حين قام جيش العدو بتطويق المنطقة بسبب إعدام أحد العملاء فقام بتفتيش المنطقة فالتقى ب 6 مجاهدين وذلك في الساعة 11 صباحا، فدارت المعركة بعنف شديد مع محاصرة دامت 24 ساعة استشهد خلالها أبولقرون لخميسى، عراب رابح، أمجوج الربعي، بشوع خلاف، مرزوق هبير، بعداش بشير، بوهلال عمار الذي يعد مدنيا. كومندوس يباغت حانتين في قلب باتنة بزي عسكري فرنسي وعرف شهر مارس 1960 الموافق ل 27 من رمضان، قيام فوج من كومندو جيش التحرير بدورية انطلاقا من حي "لافردير" بباتنة نحو نهج الجمهورية حاليا، وذلك في زي عسكري فرنسي، ويتعلق الأمر بكل من محمد أنصيب والعربي غناي وعلي بن عبيد وإبراهيم عمروس بمساعدة الفدائيين أحميدة مناصرية المدعو "زامبلو" وأحمد رمضاني ونصيب مصطفى ووهابي إبراهيم، وعندما التقى الكومندوس بفرقة عسكرية فرنسية في دورية استطلاعية كانوا يظنون أنهم عساكر، فتبادل الطرفان التحية وكل فرقة اتجهت في طريقها، وعندما وصلت فرقة جيش التحرير إلى الحانتين المتقابلتين بنهج الجمهورية (كانتا تسميان جورج وقاسطة)، وكان ذلك يوم أحد، حيث كانت الحانتان مملوءتين بالعساكر، فأطلق عليهم فوج الكومندوس الرصاص من كل حدب وصوب، ما أحدث هلعا ورعبا كبيرين، فضلا عن تسجيل نحو 28 قتيلا وعدد معتبر من الجرحى، وخسائر مادية في الحانتين، فيما انسحبت فرقة الكومندوس سالمة، مع تسجيل جرح اثنين من الفرقة، هما علي بن عبيد ومحمد أنصيب حسب رواية أنصيب محمد والعربي غناي. وتحتفظ ذاكرة الثورة التحريرية بعملية فدائية وقعت في أول رمضان من شهر مارس 1962، قام بها بن شادي مسعود ودحمان زواوي في قلب مدينة باتنة (قرب المسرح)، استهدفت عريفا في صفوف العدو، حيث استطاعا محاصرته وتجريده من السلاح من نوع ماط 49 ومعه مخزن ذخيرة ثم تركوه مغمى عليه بعد ضربة قوية، وفي شهر فيفري 1962 الموافق لشهر رمضان الكريم، وقف الكثير على همجية العدو الفرنسي الذي قام بحصار تفتيشي لمشتة أم ضروس بدوار تالخمت، وذلك ب7 شاحنات ودبابتين وسيارة من نوع جيب، ليلقي القبض على 41 مدنيا، نقلوا وعذبوا لمدة 60 يوما كاملة قبل أن يطلق سراحهم في ما بعد.