اقترح خبراء أمن أمريكيين طرقا بديلة لمحاربة تنظيم القاعدة على شبكة الإنترنت، فبدل التصدي لانتشار الفكر "الجهادي" عبر الشبكة العنكبوتية بغلق المواقع المتطرفة، يقترح هؤلاء مراقبة التنظيمات وتقييم قدراتها عن طريق اختراق تلك المواقع ومسايرة المنتديات بشن عمليات تخريب لها بإغراقها بالمعلومات الخاطئة. فحسب أولئك الخبراء، الذين نقلت عنهم وكالة الأنباء الفرنسية، استطاع تنظيم "القاعدة"، رغم فقدانه الكثير من قدراته القتالية خلال السنوات الأخيرة، أن يقاوم بفضل شبكة الانترنت التي سهلت عليه النشاط. فزيادة على نشر الإيديولوجية المتطرفة، استطاع التنظيم توظيف جهاديين عبر العالم وجمع أموال لنشاطاته والعمليات المسلحة وشراء الأسلحة والذخيرة، إضافة إلى تكوين أعضائه تكوينا عسكريا يمكنهم القيام بالمهام المطلوبة منهم في أي مكان كانوا متواجدين فيه. وقال المقدم جوزيف فلتر، خبير في شؤون الإرهاب من أكاديمية ويست بوينت الأمريكية أمام لجنة الأمن الداخلي لمجلس الشيوخ الأمريكي "لم يكن ممكنا للقاعدة بلوغ ما وصلته من أهداف، لولا تسهيل الشبكة العنكبوتية مهمة قيادييها في تحديد طريقة تفكير شباب محبط"، في حين اعتبر خبير من جامعة جورج واشنطن أن منتديات الدردشة على الانترنت كمّلت بل وعوّضت المساجد ومراكز الجاليات والمقاهي، التي كانت أماكن لتوظيف جهاديي القاعدة والزيادة في تطرف فكرهم أكثر فأكثر". وفي حين يرى مايكل دوران نائب الكاتب الأمريكي للدفاع الذي كلفت مصلحته بالتصدي للحملات الإعلامية لتنظيم القاعدة بأن "سنة 2000 لم يكن هناك إلا حفنة من المواقع الالكترونية الإرهابية، أصبح اليوم يوجد منها الآلاف، وكل أسبوع هناك جديدة تظهر"، لم يقل لا هو ولا غيره من المسئولين الأمنيين الذين تحدثوا في الموضوع لوكالة الأنباء الفرنسية، أن جل تلك المواقع الإلكترونية للشبكات الإرهابية مثلما يقولون أو كلها، تتموقع في أمريكا على وجه التحديد، وتنشط انطلاقا من حجزها مواقع في موزعات تبث من هناك، ما جعل ربما هؤلاء يقرون بأن "محاولات غلق تلك المواقع أثبتت فشلها وباتت عقيمة في مجتمع منفتح على المعلوماتية يوفر فرص حرب غير متناظرة لا يمكن في ظلها محو تلك المواقع، لكن يمكن فقط مضايقتها والتصدي لها"، ما جعل المتطرفين يتمتعون بحرية مطلقة على النت. صعوبة المعركة التي تفرض نفسها للتصدي لهؤلاء واستحالة مجابهتم بغلق مواقعهم الالكترونية يتجلى من تصريحات بعض أولئك المسؤولين الذين أكد احدهم أنه "لا يمكن القبض على الأفكار التي تنتقل عبر الإنترنت أو قتلها أو سجنها"، وهو نفس ما ذهب إليه خبير آخر حين أضاف "التزامنا باتجاه مجتمع منفتح وطبيعة الشبكة العنكبوتية يجعلان من المستحيل القدرة افتراضيا على منع الإرهابيين من استعمال الانترنت"، لتبقى الوسيلة الوحيدة للتصدي لهم، حسب المقدم جوزيف فلتر، ما دام يرى "أنه غير ممكن منع تشكيل روابط بين الإسلاميين المتطرفين عبر العالم ولا وقف انتشار أفكارهم"، لا بد على الولاياتالمتحدة حسبه "تحسين فهم استعمال الإنترنت لمراقبة والتصدي لأولئك الذين يلتحقون بالحركة الجهادية عبر العالم". وهذا الخبير الأخير يضيف من خلال تحليله للظاهرة انه صعب جدا الاعتقاد بان غلق تلك المواقع الإلكترونية سيكون طعنة في ظهر القاعدة، إنما يمكن حسبه استغلال كتابات المتطرفين عبر الإنترنت لاكتشاف نقاط ضعفهم واستعمالها ضدهم "واحدة من الطرق الناجعة للإضرار بالجهاديين هي استعمال كتاباتهم ضدهم، من خطب و منشورات على الشبكة" ومن ثم لم يتردد في اقتراح "مراقبة التنظيمات الإرهابية وتقييم قدراتها عن طريق اختراق تلك المواقع ومسايرة المنتديات بشن عمليات تخريب لها وإغراقها بالمعلومات الخاطئة" ، ومن خلال قراءة أدبيات إستراتيجيتهم ومتابعة التوجهات على منتدياتهم ومجموعات الحوار يمكن حسبه حتى "التنبؤ والاستباق لهجماتهم الإرهابية". وفي سبيل تلك الإستراتيجية يقترح أحد الخبراء الأمنيين مضاعفة عدد أعوان الاستخبارات يكلفون بمراقبة المواقع الإلكترونية المتطرفة، وتوجيه رسائل للأشخاص المفتونين بالخطاب المتطرف. غنية قمراوي:[email protected]