تعرف عمليات التبرع بالدم في بلادنا إشكالات عديدة برأي المختصين والمتابعين الذين يدعون دوما إلى رفع مستويات التبرع، بالنظر إلى الحاجة الماسة لكميات الدم، لاسيما الزمر السالبة في المدة الأخيرة. وفي خضم كل هذا برز المجتمع المدني من خلال الجمعيات الخيرية على اختلاف تخصصها معربا عن إرادته الكاملة في توفير المتبرعين بشكل دوري وهو ما برهن عليه في كثير من العمليات التي استوفت النصاب في ساعتين أو ثلاث غير أن العراقيل وقلة التجهيزات وعدم توفر الشاحنات هي أكثر ما يعيق توسع العملية وامتدادها لتصل هدفها المنشود. وفي السياق، أكّد رئيس جمعية "جزاير الخير" العريقة في المجال الخيري في تصريح إلى "الشروق" أنّ عملية التبرع بالدم تشهد صعوبات ومشاكل كبيرة، لاسيما ما تعلق بتوفير الأكياس، فرغم استعداد الجمعية والمتطوعين فيها لتغطية عملية التبرع وتوفير المتبرعين، إلاّ أن مشاكل طواقم التجهيزات التابعة للمستشفيات الجامعية والعجز المستمر المسجل على مستواها. يحول دون نجاحها، حيث ينتظرون بحسب تصريحات المتحدث منذ شهور لتوفير أكياس التبرع، بينما يرفع مستشفى مايو بباب الوادي مشكلة الأعطاب المتكررة في شاحنة التبرع وغيرها من المشاكل الجانبية التي حالت دون تزويد بنوك الدم في المستشفيات بما تحتاجه فعليا لإنقاذ حياة المرضى والمواطنين لاسيما ضحايا حوادث المرور. وقد أثبتت الحملات التي أشرفت عليها الجمعيات الخيرية في مرات سابقة تجنيد المتبرعين بأعداد رهيبة جعلت المؤسسات الاستشفائية تبلغ نصابها في غضون ساعتين أو ثلاث. وعبّر بلخضر عن أمله في سنّ إجراءات أكثر تنظيما من خلال إبرام عقود دورية تؤطر وتنسق العملية وتهيكلها بطريقة توضح ما يجب على كل طرف لصالح الخدمة العمومية. وبهذا يمكن للعملية أن تكون أكثر إيجابية وتنظيما فالجمعية كما قال ممثلها يتجاوزها الأمر للسعي بين هذا وذاك لأن ما يقع على عاتقها من إجراءات لتوفير الرخصة ونقل المتبرعين يجعلها غير متفرغة لاستعدادات أخرى تقع ضمن مهام وصلاحيات الإدارات الصحية. من جهته أوضح غربي قدور رئيس الفدرالية الوطنية للتبرع بالدم أنّ حملات التبرع لها تنظيم وأطر تسير وفقها ويجب الالتزام بها ومراعاتها وهي تتم وفق تنسيق مع الفدرالية ولا يمكن أن تكون خارج هذه الأطر أبدا. وأضاف المتحدث: "يجب تجاوز الفوضى المسجلة في مجال الجمع والتبرع حيث أصبح كل من هبّ ودبّ يجري حملة للتبرع". وأبدت الفدرالية على لسان رئيسها استعدادها للعمل مع الجمعيات الخيرية الناشطة في هذا السياق، حيث قال: "مستعدون للعمل معهم فالأبواب مفتوحة وأيدينا ممدودة ومن أراد التعاون معنا عليه التقرب إلينا". وتتوفر كل ولاية على شاحنة لجمع الدم في حين تتوفر بعض الولايات الكبرى على 3 شاحنات أو أربع. ودعا ممثل الفدرالية جميع الجزائريين البالغين السن المؤهلة للتبرع ألا يبخلوا على أنفسهم بإهداء قليل من دمهم وهي صدقة جارية، وعدّد غربي فوائد التبرع لصاحبها حيث إنّه يستفيد من تحليل مجاني لدمه وبطاقة للزمرة والأجر عند الله. وفنّد غربي المخاوف التي تسكن البعض بخصوص عدم صلاحية الحقن وما قد تتسبب فيه من أمراض معدية وقاتلة لهم مؤكدا أنّها حقن ذات الاستعمال الواحد وهي ترمى مباشرة بعد استعمالها. وكشف غربي العضو بالجمعية الدّولية للتبرع بالدّم أنّ مدّة صلاحية الدّم المجموع لا تتعدى 35 يوما وبعدها لا يصبح صالحا للاستعمال، لذا يجب التجديد دوما في ظل الانتشار الرّهيب لحوادث المرور وأمراض فقر الدم لدى الأطفال وغيرها. وتمّ جمع 600 ألف كيس دم في 2018 حسب ما كشف عنه غربي قدور الذي دعا أصحاب الزمرة السالبة إلى التبرع أكثر لما يسجل فيها من نقص فادح أرجعه المعني إلى تهاون البعض في الأوقات اليسيرة بينما يبدون تضامنا واسعا في أوقات الكوارث داعيا إياهم إلى التفكير قليلا في ضحايا إرهاب الطرقات وبقية المرضى قصد إنقاذ حياتهم.