التبرع بالدم عملية خيرية تقود القلوب الرحيمة الى بعث حياة جديد في جسد ربما هو بأمس الحاجة الى قطرة دم ترجعه الى الحياة التي كان يحياها، و نحن في الشهر الفضيل شهر رمضان شهر الرحمة و الغفران يحبذ فيه الانسان تكثيف الاعمال الخيرية قربة من الله و رأفة بمن هم في امس الحاجة الى المساعدة، و لعل ان عمليات التبرع بالدم تسمح بأداء شعائر الشهر الكريم على أحسن وجه و وفق ما يقتضيه واجب التآزر والتآخي بين الجزائريين. عملية التبرع بالدم سمة نبيلة تدفع المسلم الى التحلي بها فعملية تحسيس المواطنين بمدى اهمية و عظمة هذه المبادرة تكون عادة من الوزارات و الهيئات و الفدراليات عبر الملتقيات و التجمعات و غيرها، إلا انه في الاونة الاخير كثر التحسيس بهذه العملية في بيوت الله بقرار من وزارة الشؤون الدينية و الاوقاف و وزارة الصحة و بالتنسيق مع الفيدرالية الوطنية للمتبرعين بالدمِ، حيث خصصت شاحنات متنقلة خاصة امام المساجد و تم توجيه الأئمة و معلمي القرآن الكريم بطرح هذا الموضوع على المصلين و تحسيسهم بضرورة التبرع بالدم و مكانتها من الناحية الدينية و الإنسانية، فالوزارة تعمل بالتنسيق مع مديريات الصحة على توفير شاحنات التبرع بالدم في ساحات المساجد الكبرى طوال شهر رمضان الكريم خاصة بعد صلاة التراويح.
أئمة و علماء الدين يجمعون على نشر ثقافة التبرع بالدم في المساجد ففيها يحث الائمة المواطنين على التبرع أكثر بدمهم الذي قد ينقذ العديد من المرضى خلال هذا الشهر، مضيفين أن هذه العملية تأتي نظرا للنقص الذي تشهده المستشفيات خلال الشهر الكريم بناء على تصريحات مديريات الصحة التي أكدت أن المواطن يعتقد أن تبرعه بالدم خلال شهر الصوم سيؤثر على صحته ، و لهذا يركز الائمة في خطبهم على مواضيع تتعلق بأهمية وضرورة التكافل والتراحم والتعاون بين أفراد المجتمع خلال الشهر الفضيل. و لكي يكون الوعي اكثر بثقافة التبرع بالدم يتم تنسيق حملات التبرع التي تلقى إقبالاً كبيراً من المصلين بالمساجد و التي تهدف إلى سحب الدم ونشر التوعية السليمة عن التبرع بالدم بين فئات المجتمع كافة . أما فيما يتعلق بالحملات التحسيسية للتبرع بالدم في شهر رمضان فتتم بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، من خلال تنظيم حملات لجمع الدم بالقرب من المساجد بعد صلاة العشاء والتراويح التي يلقي فيها الإمام خطبة حول أهمية التبرع بالدم.
ضعف اساليب التوعية و التحسيس سبب في معانات مستشفياتنا ومع ذلك فان الجزائر تعاني من ندرة التبرع بالدم تجعل مهمة المستشفيات صعبة في الحصول على ما تحتاج إليه من دم خلال العمليات الجراحية، فالأطباء يلجأون في أغلب الأوقات لدعوة أصدقاء وأفراد عائلات المرضى للتبرع بالدم حتى يتسنى لهم إجراء العمليات الجراحية، وتعرف فترة الصيف وشهر رمضان من كل سنة انخفاضا ملحوظا في التبرع بالدم، نظرا للعطلة السنوية من جهة، والخوف من التبرع خلال فترة الصوم من جهة اخرى و كذا ضعف اساليب التوعية و التحسيس، لذا سطرت الوكالة الوطنية للتبرع بالدم، برنامجا وطنيا للتحسيس بالتبرع أثناء فترة الصيف وبمناسبة شهر رمضان، و لهذا الغرض دعت الوكالة مديريات الصحة عبر الولايات لإعداد برنامج وطني لجمع الدم، على مستوى هياكل حقن الدم أو خارج المؤسسات الصحية بالتنسيق مع اللجان المحلية للاتحادية الجزائرية للمتبرعين بالدم و مديريات الشؤون الدينية والأوقاف في محاولة منها لغرس ثقافة التبرع في سلوك الأفراد، و جعله تصرفا تلقائيا يمارس على مدار السنة . فظاهرة التبرع بالدم على مستوى المستشفيات الجزائرية تشهد تراجعا ملموسا منذ بداية شهر رمضان الكريم، وهذا ما وضع عددا كبيرا من العيادات الاستشفائية في ورطة كبرى بسبب ندرة المتبرعين بالدم من جهة و كثرة الطلب عليه من جهة أخرى، ليكون بذلك المرضى أكبر المتضررين من نقص المتبرعين بالدم بفعل الصيام، طالما أن عملية التبرع تقتصر فقط على فترة ما بعد الإفطار، و هي فترة قصيرة جدا وغير كافية لاستقطاب المتبرعين، فحقيقة الأمور لا تبشر بالخير، لأنه قد سجل عبر مختلف مراكز التبرع بالدم خلال هذا الشهر الفضيل انخفاضا محسوسا، و هذا ما يتناقض و خصوصية شهر رمضان، حيث تكثر فيه الأعمال الخيرية، سيما و أن بعض المرضى هم في أمس الحاجة لهذه المادة التي من شأنها أن تنقذ حياة الملايين من المرضى، و تعيد الفرحة لكثير المتألمين في العالم بأسره.
التبرع العائلي يعيد الأمل في حياة المرضى وفي سياق دعم هياكل حقن الدم خارج المستشفيات و محاولة تحقيق الاكتفاء وضمان الأمن التام لعملية حقن الدم تبقى ندرة المتبرعين بالدم بسبب شهر الصيام السبب الوحيد في الانخفاض المحسوس للتبرع بالدم على مستوى المراكز الاستشفائية ليبقى التبرع العائلي هو الوحيد الذي يعيد الأمل في حياة المرضى فأمام تراجع عدد المتبرعين بالدم، لم يعد هناك من حل لإنقاذ أرواح المحتاجين لقطرة دم سوى التبرع العائلي الذي أصبح الحل الوحيد لمواجهة أزمة الندرة في الدم، حيث تشير كل الأرقام إلى أن أكثر من سبعين بالمائة من المتبرعين بالدم على المستوى الوطني هم من عائلات المرضى ضعف الحملات التحسيسية وغياب استراتيجية واضحة يرى بعض العاملين في الوكالة الوطنية للدم أن عملية التبرع تحتاج إلى إستراتيجية فعالة ودائمة، وليس التبرع المناسباتي فقط مثلما هو معمول به في أغلب مراكز التبرع بالدم على مستوى التراب الجزائري، أو انتظار حالة مرضية خطيرة بحاجة إلى قطرة دم من أجل الحياة، من جهة أخرى، يعتقد بعض العاملين في نفس القطاع أن ضعف الحملات التحسيسية و غيابها في بعض الأحيان من أهم الأسباب التي أدت إلى التراجع الرهيب في نسبة المتبرعين بالدم· وفي هذا الإطار يجب وضع استراتيجية فعالة بهدف تشجيع الأشخاص على التبرع، إضافة إلى تزويد المستشفيات بأحدث العتاد والأجهزة الطبية المتعلقة بعملية التبرع من أجل تكفل صحي في المستوى بالمتبرع وفي ظل تراجع عدد المتبرعين بالدم وأمام الطلب المتزايد للدم عبر المستشفيات، باتت الجزائر بحاجة إلى سياسة فعالة ورشيدة من أجل تجاوز أزمة ندرة الدم، و ذلك من خلال إنشاء بنك وطني للتبرع بالدم مثلما يطالب به الأطباء منذ عدة سنوات لكن يبقى التبرع الدائم هو شيء لابد منه، و نحن نعلم أن في المدن الكبرى تتواجد مستشفات جامعية كبرى تحتاج إلى كميات وافرة فمثلا مستشفى مصطفى باشا الجامعي يوجد حوالي 13 قسما للدم و بالتالي تحتاج إلى التبرع الدائم لكن يقابل ذلك نقص في المتبرعين في هذه المدن، لذلك لابد من الاحتياط دوما، هذا من جهة و نظرا لاحتياجات المرضى والمصابين لهذا السائل الحيوي الهام، فان المواطنين الجزائريين سواءا كانوا ذكورا او إناثا الذين تترواح أعمارهم بين 18 - 65 سنة و يتمتعون بصحة جيدة فهم معنيون بالتقرب من مختلف بنوك الدم المتواجدة عبر المستشفيات لتقديم المساعدة و التبرع بالدم تلبية لنداء القلب، لان هذا العمل الخيري يعيد الامل والبسمة إلى شفاه أولئك الذين يتألمون في صمت أملا في الشفاء ولهذا فان دور الائمة في المساجد في القاء الدروس للمواطنين يحثونهم فيها على التبرع بالدم في شهر رمضان عامل اساسي في زيادة عدد المتبرعين، بالاضافة إلى أن كل الوسائل مسخرة لنجاح عملية التبرع، هناك حافلات للفيدرالية و حافلات للوكالة الوطنية تتجول في رمضان على مستوى المساجد مع فرق طبية وخصوصا بعد التروايح. ناهيك عن أن الفيدرالية استوردت 13 شاحنة متنقلة جاهزة طبيا وزعت على المستشفيات حتى لا يظل التبرع بالدم مناسباتيا وبحكم أن ثقافة التبرع بالدم جد محتشمة بالجزائر يبقى التبرع بالدم عمل خيري و انساني يعيد الامل والبسمة الى آلاف المرضى المحتاجين الى هذه المادة الحيوية من أجل الشفاء.