أوضح بأن المعلومات الواردة في هذا المقال سبق وأن نشرتها في أوج حكم بوتفليقة أولا: أصدر المجلس الشعبي الوطني قانون تعميم استعمال اللغة العربية يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) 1990، وكان عبد العزيز بلخادم رئيس المجلس الشعبي الوطني من محبي اللغة العربية وضع كل وزنه لصدور هذا القانون، ووضعنا نحن مناضلو سيادة اللغة العربية كل إمكانياتنا لإقناع النواب . ووقعت ضغوط شديدة على الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد من أجل عدم توقيعه وإعادة قراءته بالمجلس، وحشد الجهود حتى لا يفوز مرة ثانية. لكن الرئيس أصر على صدور القانون ووقّعه في 16 يناير (كانون الثاني) 1991، انطلاقا من إيمانه بالعروبة وحبه للغة الضاد. ومنذ هذا اليوم راح اللوبي الفرنكفوني المتنفّذ في الدولة، يعمل لعزله. وجاءت الفرصة فعزل الشاذلي بن جديد يوم 11 يناير (كانون الثاني) 1992، بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1991، والتي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ. ثانيا: ترأس العسكريون الفرنكفونيون هذا العزل وعلى رأسهم اللواء خالد نزار الذي صار صانع رؤساء الدولة، فأحضر من مدينة الناظور في المغرب محمد بوضياف ، فترأس المجلس الأعلى للدولة، وأصدر توجيهاته إلى المجلس الاستشاري الذي أسس بالتعيين لا بالانتخاب، برئاسة رضا مالك ، والذي خلف المجلس الشعبي الوطني الذي حُلّ، فقام بإعداد مرسوم تشريعي جمد قانون تعميم استعمال اللغة العربية، صدر في 4 يوليو (تموز) 1992. والمعروف أن بوضياف كان غير متحمس للغة العربية.. ثالثا: استمر القانون مجمدا إلى أن ألغي التجميد بمرسوم أصدره الرئيس اليامين زروال في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1996، وأسس المجلس الأعلى للغة العربية لتطبيق القانون. وقرر اللوبي الفرنكفوني، تنحية اليامين زروال لأن المس بسطوة اللغة الفرنسية على الدولة يعتبر خطا أحمر، ودُفع زروال إلى الاستقالة. رابعا: جاء بعد ذلك عبد العزيز بوتفليقة ففهم اللعبة جيدا فقام بتجميد قانون تعميم استعمال اللغة العربية دون مرسوم، وحول المجلس الأعلى للغة العربية، الذي مبرر وجوده تطبيق قانون اللغة العربية، إلى هيئة استشارية تنشط في كل المجالات ما عدا تطبيق القانون المذكور. كما تحول في عهد بوتفليقة مجمع اللغة العربية الجزائري إلى هيكل ميت، يتكون من رئيسه فقط، فهو المَجمع الوحيد في العالم وفي التاريخ الذي يتكون من رئيسه فقط، دون برنامج ودون نشاط ودون إنتاج طوال أربع عشرة سنة، وهذا يعتبر قمة العبث بلغة الضاد في بلد المليون ونصف المليون شهيد، الذين ضحوا من أجل جزائر بإسلامها وعربيتها، وتحديا للدستور الذي ينص في مادته الثالثة على أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية. لقد استأسد المعادون للغة العربية والمناصرون لهيمنة اللغة الفرنسية على الدولة في عهد بوتفليقة. خامسا: الفرنسيون يعتبرون خطا أحمر تعريب ثلاثة ميادين: إدارة الدولة الجزائرية، والاقتصاد، وتعليم العلم والتقانة بالجامعة. عندما صدر قانون تعميم استعمال اللغة العربية عن المجلس الشعبي الوطني يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) 1990 أدلى وزير الفرانكفونية الفرنسي ألان ديكو في نفس اليوم بتصريح معاد للقانون، وشنت الصحافة الفرنسية حملة ضارية عليه. وعندما ألغى الرئيس اليامين زروال تجميد القانون تحرك النواب الفرنسيون في البرلمان الأوروبي، الذي أصدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 1997 بيانا بواسطة لجنته الفرعية لحقوق الإنسان جاء فيه: «إن سياسة التعريب جاءت نتيجة عمل فوج في ميثاق 1976، وإن اللغة العربية التي فرضت على المجتمع الجزائري هي اللغة الفصحى، وهي لغة مصطنعة بعيدة عن المجتمع، وعن العربية التي يتكلمها الشارع الجزائري، فالعربية الفصحى فرضت عنوة في التعليم والقضاء، وقد ألحق تعليم الفصحى الضرر بالفكر، ومكن الفكر الأصولي الظلامي الديني من الانتشار، وأدخل الحركة الإسلامية للبلاد». سادسا: فرنسا ممثلة في اللوبي الفرنكفوني بالجزائر الماسك برقاب الدولة الجزائرية، وهو يحارب التعريب والعربية. لقد ملأ الساسة الجزائريون الدنيا بالتصريحات المستنكرة لقانون 23 فبراير (شباط) 2005 الفرنسي، الذي يعتبر الاستعمار الفرنسي إيجابيا للجزائر وخاليا من الشرور، إلا أنهم يتجاهلون أن عمق الاستعمار الفرنسي هو اللغة الفرنسية المسيطرة على الدولة الجزائرية، وأن الإبقاء على هيمنة هذه اللغة هو اعتراف رسمي من الدولة الجزائرية بإيجابية الاستعمار وخلوه من الشر. لقد أنهى اللوبي الفرنكفوني مهام الرئيس الشاذلي بن جديد لأنه وقّع قانون تعميم استمال اللغة العربية، وأنهى مهام الرئيس اليمين زروال لأنه ألغى تجميد القانون المذكور. سابعا: من الغريب أن الفرنسيين الذين يحاربون قانون العربية بالجزائر لهم قانون حماية اللغة الفرنسية الصادر في 1994، بمناسبة ذكرى مائتي سنة لقانون تعميم استعمال اللغة الفرنسية، الذي أصدرته الثورة الفرنسية سنة 1794، والقانون الجديد أكثر صرامة من قانون الجزائر، وقد وضع لمواجهة غزو اللغة الإنجليزية والذي أخذ اسم قانون «توبون»، نسبة إلى وزير الثقافة السيد جاك توبون الذي كان وراء صدوره. ومن الغريب أيضا أن الفرنسيين الموحدين لغويا في فرنسا يعملون على تعدد اللغات بالمغرب العربي، ويقولون إن في الجزائر وفي أقطار المغرب العربي أربع لغات: العربية الفصحى، والعربية الدارجة، والبربرية، والفرنسية. أما في فرنسا التي توجد بها ست لغات جهوية أكثر عراقة من اللغة الفرنسية فالدولة ترفض الاعتراف بها، وآخر قرار صدر من مجلس الشيوخ الفرنسي يوم 18 يونيو (حزيران) 2008 يرفض الاعتراف باللغات الجهوية التي تهدد، في رأيه، الوحدة الوطنية الفرنسية، التي تكون حمايتها من وحدانية اللغة. وقد أيدت القرار الأكاديميةالفرنسية الشهيرة. ويصرح شوفينمون وزير الداخلية الفرنسي الأسبق فيقول: “الاعتراف باللغات الجهوية معناه بلقنة فرنسا” ثامنا: أسوأ فترة حكم عرفتها اللغة العربية هي فترة حكم عبد العزيز بوتفليقة. انتخب بوتفليقة في أبريل (نيسان) 1999، وفي مايو (أيار) من نفس السنة ألقى خطابا أمام الطلبة الجزائريين شكك فيه في كفاءة اللغة العربية في تعليم العلوم، وردت عليه «الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية» برسالة مفتوحة نشرت بالصحف يوم 28 مايو (أيار) 1999. دشن عهدته الأولى، فزار فرنسا زيارة دولة رسمية في يونيو (حزيران) 2000، وألقى خطابا أمام البرلمان الفرنسي، وتصور البرلمانيون الفرنسيون أن بوتفليقة سيحترم السيادة الوطنية التي يمثلها ويتكلم باللغة العربية، فوضعوا السماعات على آذانهم لكنهم فوجئوا أنه يخطب بالفرنسية، فابتسموا وهم يبعدون السماعات، وهذه رسالة موجهة إلى الفرنسيين تقول لهم: «أنا مخلص للغة الفرنسية ولن أخونها». استأسد في عهد بوتفليقة أعداء الحرف العربي، فُرْنِس المحيط، ففي شوارع الجزائر صارت المحلات بها مكتوبة بالفرنسية فقط إلا ما ندر، وهُمّشت اللغة العربية، وحُوربت الجمعيات التي تدافع عن لغة الضاد. في عهد بوتفليقة بدأ التآمر على المدرسة الوطنية التي تعتبر قلعة اللغة العربية، فصدر قرار بتقديم تدريس اللغة الفرنسية من السنة الرابعة إلى السنة الثانية ابتدائي، وهو قرار يتنافى مع أبسط القواعد التربوية التي تعمل بها حتى فرنسا، والتي ترى أن اللغة الأجنبية ينبغي أن تدرّس بعد أن يتمكن الطفل من لغته الوطنية، ففرنسا مثلا تدرس اللغة الأجنبية في السنة السادسة ابتدائي. العربية تكتب من اليمين إلى اليسار، والفرنسية من اليسار إلى اليمين. لقد شاهدت أطفالا يكتبون الحروف العربية من اليسار إلى اليمين. (الرئيس الأسبق الراحل) الهواري بومدين وقّع قانون المدرسة الأساسية سنة 1976، التي تشمل التدريس الإلزامي لمدة تسع سنوات بالعربية، وألغيت في عهد بوتفليقة وأبدلت بالنظام الفرنسي المتمثل في التعليم الابتدائي والمتوسط. منذ استقلال الجزائر عُرّب تعليم الرياضيات بالرموز العربية، وفي عهد بوتفليقة استبدلت هذه الرموز بالرموز الفرنسية تحت شعار الرموز الدولية. هذا هو وضع اللغة العربية والتعريب في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لقد صفيت الكثير من المكاسب التي حققتها لغة الضاد مند سنة الاستقلال.في عهد بوتفيقة عُينت حفيدة قدور بن غبريط وزيرة للتربية فوضعت العامية مكان الفصحى في التعليم… في عهد بوتفليقة ينزل من الطائرة العالم الفيزيائي الدكتور جمال ضو لأنه قال للمضيفة َحدثيني بالعربية بدل الفرنسية… الخلاصة: هذا هو وضع اللغة العربية في عهد بوتفليقة، المطلوب من شباب الحراك الشعبي أن يفرضوا سيادة اللغة العربية في سائر الميادين وتطبيق قانون تعميم استعمال اللغة العربية في إطار احترام إرادة الشعب .