مثلما كان متوقعا، تمكن عبد العزيز زياري مرشح جبهة التحرير الوطني والتحالف الرئاسي، من حصد أغلبية أصوات نواب الشعب، ليصبح سادس رئيس للغرفة السفلى للبرلمان، في أولى جلسات المجلس الجديد أول أمس الخميس. وتسابق من أجل الظفر بهذا المنصب. إلى جانب عبد العزيز زياري، كل من مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية، الدكتور محمد بن حمو، وأبو بكر درقيني، مرشحا عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، فيما اختفى نائب التجمع الوطني الديمقراطي علي بن سبقاق في ظروف غامضة، في الجلسة المسائية التي خصصت لتقديم الترشيحات، بالرغم من أنه حضر الجلسة الصباحية وأكد للصحفيين تمسكه بالترشح. وتحصل زياري على الأغلبية المطلقة بواقع 310 أصوات، ولم يتخلف عن التصويت لصالحه، سوى 79 نائبا من مجموع 389 يشكلون تعداد نواب الغرفة السفلى، منهم 31 نائبا فضلوا تزكية مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية بن حمو، بالرغم من أن الكتلة التي ينتمي إليها لا تحصي أكثر من 15 نائبا، متقدما على مرشح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بواقع 23 صوتا، بزيادة أربعة أصوات مقارنة بعدد نواب كتلته. فيما فضل 22 نائبا التصويت السلبي، وغياب ثلاث نواب. وبدا السباق لخلافة عمار سعداني، غير متكافئ منذ الوهلة الأولى، بالنظر للمعطيات التي رافقت العملية، بحيث وبعد مصادقة المجلس على تقرير لجنة إثبات العضوية في الجلسة المسائية، بادر رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة التحرير العياشي دعدوعة بترشيح كتلة الأفلان للنائب زياري لرئاسة المجلس، تبعه كل من رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي ميلود شرفي، ورئيس كتلة حركة مجتمع السلم احمد إسعاد، بتزكية وزير العلاقات مع البرلمان سابقا، كمرشح عن التحالف الرئاسي، لكن هذا لم يمنع من دخول مرشحين آخرين السباق، في خطوة رمزية، صبت في خانة تكريس البعد الديمقراطي، كما قال محمد بن حمو، مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية، ل "الشروق". وكان المجلس يراهن على التصويت برفع الأيدي للحؤول دون حدوث أية مفاجأة، على اعتبار أن تقدم مرشح واحد لا يلزم اللجوء إلى الاقتراع السري المباشر، غير أن بروز ثلاثة مرشحين، حتم على رئيس الجلسة النائب الأكبر سنا، بن محجوب محمد عمر، ومساعديه النائبان الأصغر سنا، دحماني حميد وبعلي خير الدين، المرور عبر الخيار الثاني، الذي كان يمكن أن يفرز مفاجآت لو ترشحت أسماء ثقيلة، غير أن اتفاق أحزاب التحالف الثلاثة التي تسيطر مجتمعة عل 264 مقعد، إضافة إلى عدد من النواب الأحرار الذين أعلنوا انضمامهم للجبهة ونواب بعض الأحزاب الصغيرة، على اسم مرشح واحد هو زياري، أغلق اللعبة، وقضى على أحلام المرشحين الصغار. زياري يؤكد عقب تنصيبه: "سأعمل على دعم آليات الرقابة وتكريس ثقافة احترام الآخر" دعا عبد العزيز زياري الرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني، جميع النواب للتعاون والمشاركة النزيهة والفعالة من اجل "ترقية دور وأداء المجلس بالحوار الجاد والمسؤول"، تجسيدا للديمقراطية وتحقيق المزيد من المكتسبات للسلطة التشريعية، كما قال. ووعد خليفة عمار سعداني، في كلمة ألقاها مباشرة بعد انتخابه على رأس الغرفة السفلى للبرلمان، ب"ترسيخ ثقافة احترام آراء الجميع وشفافية النقاش ما دام رئيسا للمجلس. وشدد على انه سيعمل على "تدعيم الآليات الفعالة والتقاليد الناجعة المحققة منذ سنوات"، في مجال احترام الرأي الأخر، مشيرا إلى أن المجلس سيبقى "المرآة العاكسة للمسار الديمقراطي الذي تعيشه الجزائر واكتسبه الشعب بنضال وعزم". وأضاف وزير العلاقات مع البرلمان سابقا، أن الاختيارات السياسية للنواب، لا يمكن أن تشغلهم عن ترقية المجتمع وتحقيق الصالح العام والدفاع عن السيادة الوطنية، منبها إلى أن "المعارضة البناءة داخل البرلمان هي مصدر للاقتراحات ومرجع للتطلعات الاجتماعية"، مؤكدا على دور النائب في رفع انشغالات وتطلعات المواطن إلى البرلمان. كما عبر زياري عن رغبته في تفعيل دور المجلس في ميدان الدبلوماسية البرلمانية من اجل دعم مسيرة السياسة الخارجية للبلاد، مؤكدا على انه سيسعى إلى تفعيل دور ومكانة النائب وتقوية علاقته بالمواطنين. من هو عبد العزيز زياري؟ ينتمي عبد العزيز زياري الرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني، المولود بقسنطينة في سنة 1945، إلى عائلة لها باع في تقاليد الممارسة البرلمانية، فوالده عبد الرحمان كان عضوا بالمجلس التأسيسي (أول برلمان جزائري معين) 1962 1964. وهو ما مكنه من اكتساب إرث فتح عينيه على الرغبة الوصول إلى عضوية البرلمان، وكان له ذلك في الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 1982. وقد اختار يومها زياري الترشح بالمنطقة التي ينحدر منها، وهي دائرة الحروش بولاية سكيكدة في عهد الأحادية الحزبية. كما تمكن أيضا من تجديد عهدته في تشريعات 1987، عن نفس الدائرة الانتخابية، تقلب خلالها في العديد من المناصب عبى مستوى هياكل المجلس الشعبي الوطني، منها، رئيس لجنة التربية ، ثم رئيسا للجنة الثقافة، ورئيسا للجنة الصحة.. الأمر الذي فتح آفاقه على مستقبل سياسي واعد، تكلل بتعيينه وزيرا للعمل في حكومة سيد أحمد غزالي في أكتوبر 1991. وبعد سبع سنوات كاملة، قضاها زياري في مزاولة نشاطه المهني كطبيب مختص، عاد مجددا إلى مسرح الحياة السياسية بوصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى هرم السلطة، حيث عين في ديسمبر 1999 وزيرا منتدبا لدى وزير الشؤون الخارجية مكلفا بالجالية الوطنية بالخارج وبالتعاون الإقليمي، إلى غاية جوان 2002، ليعين سنة بعد ذلك، مستشارا لدى رئيس الجمهورية ، ثم وزيرا للشباب والرياضة في أفريل 2004، ثم وزيرا للعلاقات مع البرلمان في ماي 2005، إلى أن انتخب نائبا عن جبهة التحرير الوطني بالعاصمة. محمد مسلم:[email protected]