صفقات بالتراضي مقابل رشاوى وعمولات وصلت 200 مليون دولار لفائدة شركات أجنبية منها الإيطالية والألمانية منحها الضوء الأخضر وزير الطاقة شكيب خليل عن طريق تعليمات هاتفية وأخرى كتابية، سهر على تنفيذها إطارات سوناطراك وعلى رأسهم الرئيس المدير العام محمد مزيان الذي حصل على امتيازات لصالح أولاده، هؤلاء الذين ربطتهم علاقات مشبوهة بأهم شخصية كانت صديقة لحرم شكيب خليل نجاة عرفات، والتي تولت أمر الوساطة للشركات الأجنبية المشبوهة لنهب أموال "البقرة الحلوب" لترجع في عهد الوزير السابق إلى نقطة الصفر بعد ما ساهم في بيعها للشركات الأجنبية في صفقات مشبوهة تحول ريعها إلى عقارات وممتلكات ومشاريع في الخارج. هذه هي الحقائق التي كشفت عنها التحقيقات ونتائج الإنابات القضائية المرسلة من قبل قاضي تحقيق محكمة القطب الجزائي المتخصص سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة إلى كل من قضاة التحقيق في باريس وايطاليا وسويسرا في أكبر فضيحة مست الشركة البترولية رقم واحد في الجزائر "سوناطراك"، وعلى اختلاف التسميات في الملف من رقم واحد إلى اثنين، إلا أن الوقائع تكشف عن شبكة أخطبوط استنزفت أموال الجزائريين ومست اقتصادهم، وكان رئيسها الفعلي شكيب خليل وحاشيته وأجانب دخلوا الجزائر تحت غطاء الاستثمار الأجنبي لتهريب أموال الجزائريين إلى الخارج في صفقات بينت التحقيقات أنها مضخمة.
صفقة أنبوب الغاز الذي باعه شكيب خليل لسايبام مقابل 200 مليون دولار أهم صفقة عصفت بشركة سوناطراك تلك المتعلقة بإنجاز مشروع أنبوب الغاز "جي كا03" والذي كشفت التحقيقات بأن شكيب خليل، وزير الطاقة والمناجم السابق اتصل شخصيا عبر الهاتف بالمسؤولين على مجمع سوناطراك لإرساء المناقصة الخاصة بأنبوب الغاز "جي كا03" الرابط بين الجزائر وسردينيا على شركة "سايبام" الإيطالية، بالرغم من أن عرضها كان مضخما ومخالفا لقانون الصفقات العمومية وبقيمة 585 مليون دولار، أي ما يعادل 43 مليار دينار، لتتكبد شركة سوناطراك مصاريف خيالية في صفقة دفع مسؤولو الشركة الإيطالية مقابلها رشاوى لإطارات سوناطراك وعمولات وصلت 200 مليون دولار.
زوجة شكيب خليل توسطت ل"سايبام" للفوز بصفقات في سوناطراك ومن أهم ما كشفته التحقيقات في ملف "سوناطراك01" على أن شركة "سايبم" الإيطالية كانت تتخبط في الديون، لكنها استطاعت الفوز بعدة صفقات بالملايير ب"البقرة الحلوب"، وهذا بعد ما كانت زوجة شكيب خليل السيدة نجاة عرفات وسيطا مهما في توطيد العلاقة بين أبناء محمد مزيان وإحدى السيدات المسماة "ا،ز" والتي كانت تربطها علاقة مشبوهة بالعديد من الشركات الأجنبية العاملة في ميدان الطاقة والمناجم، هذه الأخيرة توسطت لأحد أبناء مزيان لدى مدير شركة "سايبام" بالجزائر "تيليو أورسي" ليعمل مستشارا لديه مقابل تمكينه من دخول السوق الجزائرية مع أن هذه الشركة قبل سنة 2006 لم تكن إلا مجرد شركة صغيرة تتخبط في الديون والمشاكل، وكان عليها مستحقات بقيمة 28 مليون أورو لشركة سوناطراك بخصوص تأخر انجاز المشروع المسمى "ROD"، إلا أن الدعم الذي تلقته "سايبام" من قبل السيدة نجاة زوجة شكيب خليل، جعلها في فترة وجيزة تتحصل على عدة صفقات ومشاريع في قطاعي الغاز والنفط بقيمة بلغت 11 مليار دولار، وهذا بمباركة من وزير الطاقة شكيب خليل الذي كشفته تصريحات المسؤول الأول على المجمع الإيطالي بالجزائر "تيليو أورسي".
امتيازات لأبناء مزيان لمنح صفقة "الحماية الالكترونية" للألمان عائلة محمد مزيان، الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، كانت أهم عائلة متهمة في القضية، وهذا بسبب استفادة أفرادها من مزايا في إطار الصفقات التي تم إبرامها مع الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر في قطاع الغاز والنفط، حيث كشف التحقيق بأن مسير المجمع الألماني في الجزائر "كونتال ألجيريا" اشترى شقة لزوجة مزيان بباريس خلال سنة 2008، وفيلا لأبنائه بقيمة فاقت65 مليون دينار، ولم يكن تقديم المتهم لهذه الهدايا الباهظة الثمن بالشيء العادي، إنما كان المقابل هو حصول شركته "كونتال ألجيريا" على حصة من مشروع "المراقبة البصرية والحماية الالكترونية لمنشآت سوناطراك"، والتي ساعده فيها ابن محمد مزيان "م،ب،ف" من خلال توسطه له عند والده لإرساء المناقصة عليه، في الوقت الذي كان عرض المجمع الألماني بالجزائر باهظ الثمن مقارنة بعروض بقية الشركات، ولأن ابن مزيان شريك في المجمع الألماني الجزائري بنسبة 200 حصة، فكان ذلك سببا لمنح شركته الصفقة عن طريق التراضي ودون احترام قوانين الصفقات العمومية.
محمد مزيان: "أنا العبد المأمور لشكيب خليل" تصريحات محمد مزيان كانت مدوية وكافية لاتهام شكيب خليل، لكن العدالة الجزائرية انتظرت أكثر من ثلاث سنوات لإعلان تورط وزير الطاقة وإصدار أمر بالقبض ضده وضد ولديه وزوجته، رغم أن المتهمين في قضية سوناطراك "01" أكدوا أنهم تلقوا تعليمات من قبل وزير الطاقة، وهو الشيء الذي كررَه مزيان في تصريحاته، أين أنكر علاقته بالفساد في سوناطراكا معترفا فقط بتلقيه لهدايا وامتيازات حصل عليها ولداه اللذان اشتغلا في أهم شركتين أجنبيتين الايطالية "سايبام" والألمانية "سارل كونتال ألجيريا"، فيما شدَد مزيان على أن كل الصفقات كانت بأوامر فوقية من وزير الطاقة والمسؤول الأول عن القطاع شكيب خليل وبمباركة منه.
73 مليون أورو أهدرت في صفقة "تجديد مقر غرمول" كشفت تصريحات المتهمين عن قمة الفساد في سوناطراك وذلك في صفقة "إعادة تهيئة مقر غرمول"، والذي أهدر فيه المال العام، حيث وصلت تكلفة الصفقة 73 مليون أورو، أي 800 مليار سنتيم، وهذا بمباركة من شكيب خليل، الذي أمر باختيار مواد عالية الجودة في الترميم ورفض التخلي عن ذلك رغم أن القيمة المالية جد مرتفعة حسب تقارير اللجنة المشرفة على دفتر الشروط، والتي لم يأخذها الوزير بعين الاعتبار، وأصرَ على منح الشركة الألمانية الصفقة رغم أن عرضها المالي مبالغ فيه والمقدر ب73 مليون أورو، وهو المبلغ الذي يكفي لإنجاز مقر جديد لا للترميم.