نطقت محكمة الجنايات، بمجلس قضاء بومرداس، أول أمس، في جو من "السوسبانس"، احتبست فيه الأنفاس، وخيمت عليه حالة الترقب والتوجس، ببراءة إمام مسجد الوفاء بالعهد من تهمة الإشادة بالأعمال الإرهابية، وكذا الشبان الأربعة الذين كانوا ينتقلون من قدارة ببودواو ببومرداس إلى القبة بالعاصمة لسماع خطبه. وبمجرد أن نطقت المحكمة بالحكم، هتف كل من كان في القاعة بصوت واحد عبارة واحدة: "الله أكبر..الله أكبر"، وفاضت عيون الحاضرين بالدموع، خاصة وأن ممثل الحق العام كان قد التمس من المحكمة تسليط عقوبة 10 سنوات حبسا نافذا على الإمام والشبان الأربعة.ورافع لصالح المتهمين الخمسة، ثمانية محامين تداولوا على رأسهم الأستاذ ميلود ابراهيمي الذي ركز في مرافعته على أن ملف القضية بأكملها خال من أي أدلة أو إثباتات تدين الإمام والشبان. أكثر من 300 شخص حضروا المحاكمة وغصّت محكمة الجنايات بمجلس قضاء بومرداس، يوم الخميس، بعدد هائل من المشايخ والدعاة والأئمة والخطباء وأنصار السنة والسلف الصالح الذين اعتادوا تأدية صلاة الجمعة في مسجد الوفاء بالعهد بإمامة الشيخ أمين، إضافة إلى حضور عديد من شبان العاصمة القادمين من باش جراح والقبة وحسين داي والمقرية وبئر مراد رايس وقاريدي وباب الوادي وغيرها من أحياء الجزائر العاصمة التي اعتاد شبابها التنقل لأداء الصلاة بإمامة الشيخ أمين. وكان من بين الحاضرين الرقم الثاني في حزب الفيس المحل الشيخ علي بن حاج الذي جاء لمتابعة فصول المحاكمة، لأنه اعتاد وبعض أفراد عائلته تأدية الصلاة في مسجد لابروفال على خلفية انه يقطن قرب المسجد، إضافة إلى كونه ابن الحي الذي يقطنه الشيخ أمين وقد ظفر علي بن حاج بمقعد في الصف الثالث من القاعة، كما حضر المحاكمة عدد هائل من شباب بومرداس الذين قدموا من أحياء بلدية قدارة ببودواو ومن بني عمران والثنية وعديد من الأحياء الأخرى التي اعتاد أبناؤها التنقل أسبوعيا لسماع خطبة الإمام أمين كل يوم جمعة، بمسجد الوفاء بالعهد بحي لابروفال بالقبة، حتى أن شباب بلدية قدارة أصبحوا يستأجرون حافلة تقلهم أسبوعيا إلى القبة لأداء صلاة الجمعة بإمامة الشيخ أمين وسماع خطبته. الأمر الذي جعل قاعة المحاكمة تكتظ بالمواطنين المتعاطفين مع الإمام أمين، إلى درجة أن القاعة التي تتسع لأكثر من 100 شخص لم تكف لاستيعاب كل هؤلاء المواطنين، ما أدى إلى بقاء عدد هائل منهم في بهو المجلس يترقبون الحكم الذي ستنطق به المحكمة.وخيّم صمت رهيب على قاعة الجلسات، وحالة من الترقب، كان يكسرها بين الحين والآخر تمتمات بعض الحاضرين الذين كانوا يرفعون أيديهم متضرعين إلى الله.شرع رئيس الجلسة في المناداة عليهم واحدا، واحدا، "ك. مراد"، القاطن بحي الحدورة بلدية قدارة دائرة بودواو ببومرداس، يعمل حلاقا، مستواه السنة التاسعة متوسط، وهو غير مسبوق عدليا، "ب. عمر" من نفس الحي، وهو دهان، مستواه التعليمي الأولى ثانوي، غير مسبوق عدليا كذلك، "ب. عبد الرزاق" من حي قدارة بنفس المنطقة، بناء ومستواه السنة السادسة ابتدائي، وهو غير مسبوق عدليا، و"ب. الجيلالي" من نفس المنطقة، مستواه التعليمي الثانية ثانوي، وهو مسبوق عدليا، لأنه دخل السجن في قضية تتعلق بعدم التبليغ، وأخيرا الشيخ كركوش أمين المولود في 25 مارس 1971 وهو متزوج وأب لعدة أولاد، يعمل إماما خطيبا بمسجد الوفاء بالعهد بالقبة، ويسكن في حي قاريدي بالقبة بالجزائر العاصمة، مستواه التعليمي السنة الثانية جامعي، وحاصل على "شهادة إمام" من معهد تكوين الأئمة سيدي عبد الرحمن بتيزي وزو، وهو غير مسبوق عدليا.وخاطبهم القاضي قائلا "أنتم متهمون جميعا بموجب المادة 87 مكرر 4 بجناية الإشادة بالأعمال الإرهابية، بالإضافة إلى جنحة عدم الإبلاغ بالنسبة للمتهم "ك. مراد".ثم قرأ كاتب الضبط قراءة الجزء الأهم من قرار الإحالة الذي يتضمن محضر التحقيق، وجاء فيه "...تبيّن أن مجموعة من الشباب من منطقة قدارة يذهبون جماعيا وبشكل منتظم لمسجد "لابروفال" بالقبة لتأدية صلاة الجمعة وسماع خطبة إمام المسجد الذي يعرف بانتهاج المذهب التكفيري للسلطة، وذلك طيلة الفترة الممتدة بين 2004 و2005، وتأكد أن بعض الشباب الذين يترددون على المسجد التحقوا بالجماعات الإرهابية، ومن بينهم "ب. عبد النور"، و"ب. يوسف"، وتبين أن الإرهابي "ب. عبد النور" اتصل هاتفيا بالمتهم " ك. مراد" وزوده بمعلومات خطيرة، لكن هذا الأخير لم يبلغ السلطة... البحث الإجتماعي أثبت أن المتهمين ذوو سيرة حسنة. يجلس كاتب الضبط، ويشرع رئيس المحكمة في استجواب المتهمين، بداية بالمتهم "ك. مراد".