تصوير راضية الشروق يواجه مشروع 100 محل لكل بلدية، الذي أدرجته الحكومة ضمن قانون المالية لسنة 2006، مشاكل كبيرة يتصدرها افتقاد غالبية البلديات ذات الكثافة السكانية العالية لوعاءات عقارية يقام عليها، مما جعل المشروع لا يتعدى نسبة 45 بالمائة من مرحلة الإنجاز والتوزيع لهذه المحلات التي أثارت نزاعات بين وزراء الطاقم الحكومي، وشكلت أحد الأسباب المباشرة في إعادة النظر في استراتيجية التشغيل. وحسب مصادر متطابقة "للشروق اليومي"، فإن برنامج مشروع 100 محل مهني بكل بلدية، تعترضه عديد من المشاكل وتهدد تجسيده على أرض الواقع وتسليمه كاملا، خاصة وأن آجاله لم يتبق منها سوى 8 أشهر فقط، فغياب الوعاءات العقارية ببلديات المدن الكبرى، ألزم الحكومة حسب مصادرنا على اللجوء إلى حلول وقائية تحمي المشروع وتضمن إتمامه، ومن بين هذه القرارات اللجوء الى نظام "الكوطات" الخاصة بكل بلدية، ففي الوقت الذي ستغيب فيه كلية هذه المحلات عن عدد كبير جدا من البلديات، سيتم مضاعفة رقم ال100 الى 4 مرات ببلديات أخرى، دون مراعاة عامل الكثافة السكانية للبلدية وحاجتها لهذه المحلات حتى وإن كانت تحمل الطابع المهني عوض الطابع التجاري.آخر تصريحات أدلى بها وزير التضامن الوطني، جمال ولد عباس، تقول إن البرنامج سيسلم كاملا في نهاية السنة الجارية، وبرقم كامل مقداره 154100 محل مهني، غير أن تقارير المجالس الشعبية الولائية، وحتى تقارير الولاة المرفوعة للحكومة خلال آخر اجتماع جمعها مع الولاة تقول غير ذلك، فالمشروع الذي يستفيد منه الشبان البطالون الحاملون للشهادات المهنية وفقا لصيغة الإيجار، يعاني كثيرا من المشاكل، يتقدمها مشكل الفائض المسجل في عدد الطلبات المقدمة لاستغلال المحلات التي رصد لإنجازها أغلفة مالية ضخمة تباينت بين كل ولاية وأخرى، ووصلت الى 300 و400 مليار سنتيم ببعض الولايات.كما يعترض طريق مشروع 100 محل لتشغيل الشباب بعض الشروط التي يجب أن تتوفر في المستفيد كونها هي السبب الوحيد وراء عزوف الشباب عن طلب تلك المحلات، لاسيما بعدما أقصت اللجان الخاصة أغلب الملفات المتقدمة بعد دراستها على خلفية أنها تفتقر إلى الشروط الضرورية، هذا المشكل ترتبت عنه نتيجتين الأولى، تتعلق بقاء الحصص المنجزة ببعض البلديات، كبلديات ولاية سيدي بلعباس من دون ملفات وطلبات استغلال، إذ أن ببعض البلديات الملفات المقبولة من قبل اللجان لا تغطي سوى 50 % من الحصة المنجزة، في الضفة المقابلة وتحديدا بالبلديات ذات الكثافة السكانية العالية، حيث تسجل الحركة التنموية نسبا مقبولة نجد الحصص المنجزة لا تغطي ربع الملفات المودعة. بالمقابل يطرح مشكل آخر متعلق بارتفاع عدد الطلبات على المحلات في بعض البلديات التي استفادت من حصة صغيرة، المشكل الذي تقول بشأنه تقارير المجالس الولائية انه يؤدي الى تماطل الهيئات الوصية وتعمدها عدم توزيعها تفاديا لإثارة الاحتجاجات. وحسب تقارير الشروق اليومي، بعدد من ولايات الوطن فإن الطلب يفوق العرض بكثير، نتيجة الكم الهائل من الطلبات المودعة لدى البلديات التي تصل إلى 1000 طلب في عدد من البلديات الواقعة في ولايات الهضاب العليا. أما في بلديات الشمال وتحديدا بلديات الولايات الكبرى كالعاصمة، قسنطينة، وهران، عنابة وبجاية، فإن عدد الطلبات يتجاوز بالبلدية الواحدة 10 آلاف طلب، وعلى الرغم من أن الحكومة حددت شروط تضمنها نص صريح يطلق عليه مرسوم الاستفادة، فإن المجالس البلدية اكتفت بتفويض لجان خاصة مهمة توزيع هذه المحلات، بعيدا عن صياغة دفتر شروط خاص بذلك. خلافات بين بن بادة، ولد عباس، الخالدي ولوحيشتكي في السياق ذاته، رؤساء بعض البلديات من عدم انطلاق عملية إنجاز حصصها من المحلات التجارية، إما بسبب عدم وجود الأرضية المخصصة لبنائها، أو رفض المقاولات إنجازها وعدم جدية بعض البلديات في تعاطيها مع المشروع، على الرغم من أن الجميع يعلم بأنه مشروع الرئيس، فعلى سبيل المثال بولاية البويرة تم تسجيل 2578 محل كبرنامج أولي ولم ينجز منها سوى 579 محل. أما ولاية ميلة فقد استفادت من برنامج 3200 محل موزع على 32 بلدية، لم يسلم ولا محل منها الى اليوم، نفس الأمر سجلناه بولاية جيجل التي لم ينجز بها سوى جزء صغير من البرنامج المسجل لصالح الولاية.وإن أرجع عددا من الجهات "فشل" مشروع 100 محل، وتنبأ "بعدم نجاعته" بسبب تقاذفه ما بين المسؤولين المحليين ومديريات تشغيل الشباب، فإن الأمر الأكيد أن هذا المشروع وعلى أهميته أحدث نزاعات حتى داخل الجهاز التنفيذي، وبين عدد من القطاعات الوزارية التي أقرت كل منها أحقيتها في المشروع، فمشروع 100 محل أثار حفيظة وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مصطفى بن بادة، الذي قاد ثورة في اجتماع لمجلس الحكومة حتى يظفر بحصة لقطاعه توجه لتغطية حاجة قطاع الحرف والصناعات التقليدية، كما استقطب اهتمام وزير التضامن الوطني، جمال ولد عباس، الذي رأى فيه مادة دسمة لإنجاح سياسة التضامن الوطني، وإنعاش سياسة التشغيل قبل أن يسحب منه الملف، كما أراده وزير التكوين المهني، الهادي خالدي، ملجأ للشباب المكون العاطل من دون مهنة. والمؤكد أن مشروع 100 محل في كل بلدية شكل سببا مباشرا للأمر الذي أصدره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لوزيره للعمل والتشغيل، الطيب لوح والقاضي بإعادة النظر في استراتيجية التشغيل ومحاربة البطالة، وضرورة إيجاد آليات جديدة، هذا الأمر أصدره الرئيس بوتفليقة خلال جلسة الاستماع التي خص بها الطيب لوح شهر رمضان الماضي، كما أن مشروع 100 محل وضع وزارة الداخلية في حرج بعد أن فقدت وصايتها على المشروع وتنازعه عدد من القطاعات الوزارية.