قامت قناة "المتوسط"، القريبة من حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس، نهاية الأسبوع بتقديم كتاب يتعرض إلى "التشهير" بقائمة الصحافيين التونسيين الذين "خدموا" بن علي ونظامه، وتحصلوا مقابل ذلك على امتيازات هامة. وقد أثار هذا الكتاب، الذي أعدّه قسم الإعلام والاتصال بالرئاسة التونسية _ مازال لم ينزل بعد إلى المكتبات _ تحت عنوان _منظومة الدعاية تحت حكم بن علي.. الكتاب الأسود_، موجة من ردود الأفعال بين مؤيد له معتبراً أن _فضح_ هؤلاء يعد بمثابة انتصار لروح الثورة، وبين رافض له متعللاً بأن هذا من مشمولات القضاء والعدالة الانتقالية، ولا يحق للرئيس التصرف في أرشيف الدولة دون مراقبة قضائية. وفي تصريح ل "العربية.نت" قال الصحافي صالح عطية، الذي قام بتقديم الكتاب في قناة "المتوسط"، إن أهمية الكتاب تكمن في الكشف عن المنظومة التي كانت مكلفة بتجميل صورة نظام بن علي، مشيراً الى أنها كانت تعمل وفق خطط وبرامج، ويقوم على تنفيذها صحافيون ومثقفون تونسيون وأجانب، وذلك تحت إشراف وإدارة وكالة الاتصال الخارجي. وأضاف عطية، الذي يُتهم من قبل زملائه، خاصة نقيبة الصحافيين، بكونه من المتورطين في تلميع صورة بن علي وزوجته، أن الكتاب تضمن قائمة اسمية للصحافيين الذي "خدموا" النظام السابق، مشيراً الى أنها احتوت على أسماء معارضة للحكومة الحالية، وأن الكثير منهم يتصدر المشهد الإعلامي الحالي في مواجهة حكم الترويكا بزعامة النهضة الحاكمة. ومن جهته، قال الإعلامي رئيس تحرير جريدة "لابراس"، اليومية الناطقة بالفرنسية، سفيان بن فرحات، في اتصال مع "العربية.نت" إن ما أقدمت عليه الرئاسة التونسية يعد خرقاً مفضوحاً لسرية الأرشيف، الذي من المفترض أن يتعامل معه بكل مسؤولية وضمن ما يسمح به القانون، لا يتحول الى أداة لتصفية الحسابات مع معارضي النظام الحالي. وشدد بن فرحات على أن نشر مثل هذا الكتاب سيزيد في توتير العلاقة بين الإعلاميين، وبين مؤسسة الرئاسة والحكومة اللذين يريدان إخضاع الإعلام، حسب قوله. ومن أبرز ما جاء في معارضة الكتاب، وكشف الاعتبارات التي تقف وراء نشره، ما كتبه المستشار الإعلامي السابق برئاسة الجمهورية خلال فترة الأولى من رئاسة المرزوقي، أيوب المسعودي، الذي نشر على صفحته على فيسبوك، أن الرئيس المرزوقي ينوي استعمال أرشيف الرئاسة والذي يتضمن العديد من الملفات حول الصحافيين والإعلاميين للضغط عليهم من خلال اصدار "الكتاب الأسود" الذي يشهر بهم وبكل من استفاد منهم خلال حقبة النظام السابق. وقال المسعودي"عندما اكتشفت هذا الأرشيف أثناء إقامتي القصيرة في قرطاج، أدركت بسرعة أن هذا هو جزء مهم من تاريخ البلاد، ومن الضروري أن تطلع عليه منظمات لها وزنها في البلاد كنقابة الصحافيين ونقابة القضاة للعمل سوية على إيجاد صيغ قانونية لحماية هذا الأرشيف، وإبعاده عن أي جهة سياسية قد تستغله لمصلحتها الخاصة". وأبرز المستشار الاعلامي السابق أنه "لم يتم الكشف عن هذه المعلومات لعامة المواطنين، لكن الهدف من وراء استعمال هذا الكتاب الأسود هو استخدامه ورقة رابحة في الوقت المناسب".