قضت عشرات العائلات ليلة البارحة بالعاصمة في العراء بعد أن أغرق الطوفان منازلها وأتلف أثاثها. هذا فيما لم يتمكن العديد من التلاميذ من الالتحاق بمدارسهم بسبب السيول التي جرفت المسالك والطرق المؤدية إليها. وقد استيقظت العاصمة صبيحة أمس لتعد خسائرها، التي دلت في حقيقة الأمر، على هشاشة بنيتها العمرانية رغم مرور أكثر من 40 سنة على الاستقلال. وقد شن عمال البلديات المتضررة حملات تنظيف بين الأحياء والطرقات وتسريح للبالوعات التي انسدت جراء الأوحال والأوساخ التي جرفها الطوفان، وبدت الحركة حثيثة وغير عادية في العاصمة في باب الوادي وبن جراح وبوزريعة وبني مسوس وزغارة وكالعديد من الأحياء، وكان المشهد يذكّر بطوفان نوفمبر2001 الذي ضرب باب الوادي. رايس حميدو كانت إحدى المناطق التي تضررت كثيرا من الطوفان، حيث تسببت المياه التي تراكمت داخل معمل الإسمنت والتي، كما يقول السكان، دفعت المدير إلى أن يعطي أوامر بتهديم أحد أجزاء جدران المعمل لحماية المعمل، في إغراق منازل سبع عائلات حيث وصل منسوب المياه إلى حوالي نصف متر وتسربت الأوحال من داخل المصنع قاطعة الطرق عليهم، وكادت المياه الكثيرة التي تسربت من معمل الإسمنت والقادمة بدورها من أعالي زغارة جراء الأمطار أن تودي بحياة الأطفال المتمدرسين في مدرسة محمد العيد آل خليفة، لولا أن معلميهم منعوهم من المغادرة في ذلك الحين وانتظروا حتى قدم أولياؤهم ليصطحبوهم إلى المنازل، وقد أرسل الوالي المنتدب للعاصمة مندوبا عنه إلى رايس حميدو واستمع إلى شكاوى المواطنين. وفي حي بوسماحة ببوزريعة كانت الانهيارات كبيرة في التربة أدت إلى تهاوي العديد من المنازل في حي يضم حوالي ألف عائلة، أحد المواطنين اضطر إلى أن يخلي بيته ليلا ويرحّل بناته الثلاث وزوجته التي كانت قد أجرت منذ أيام فقط عملية قيصرية إلى بيت أصهاره وعاد هو لينقذ ما أمكنه إنقاذه، كانت منازل العديد من المواطنين ببوسماحة خالية من سكانها ومن أثاثها، وقد أخبرنا أحدهم بأنهم لجأوا إلى أقربائهم وجيرانهم لقضاء ليلتهم. جرفت سيول الأمطار التي تسللت من معهد المصرفة المحاذي لحي بوسماحة الطرق والمنازل التي وجدها في طريقه، ولولا ستر الله لالْتهمت المياه أرواح الكثيرين من الذين كانت مساكنهم تقع أسفل الوادي. هذا فيما ظلت البيوت المتشققة والجسر الذي تهاوى في بني مسوس على حالها في انتظار ما ستقوم به السلطات في الأيام القليلة المقبلة. م.هدنه