تتصاعد الأصوات في الساحة السياسية، لمطالبة رئيس الجمهورية بحسم موقفه من الانتخابات الرئاسية القادمة، رغم أن هناك مؤشرات قوية عن ترشحه لولاية رابعة فضلا عن أن مهلة إعلان الترشح تنتهي مطلع مارس القادم وبالتالي يبدو أن هناك إرادة لدى السلطة لعدم إنهاء السباق مبكرا. وأبقى بوتفليقة على "السوسبانس" بشأن قضية ترشحه لعهدة رابعة، بشكل جعل الغموض سيد الموقف في الساحة السياسية، رغم أنه بالرجوع قليلا إلى الوراء نجد أن رئيس الجمهورية كان ينتهج نفس السلوك في التعامل مع قضية ترشحه، منذ عام 2004 تاريخ دخوله السباق لافتكاك عهدة ثانية. ويعتبر قرار حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بمقاطعة الاستحقاق القادم، مؤشرا قويا على أن السباق القادم سيكون "مغلقا"، بالنظر إلى تاريخ الأرسيدي والذي يعتبره المراقبون من الأحزاب التي تملك معطيات هامة، حول ما يحدث في أعلى هرم السلطة بحكم علاقاته الوثيقة منذ التسعينيات بمراكز قرار مؤثرة. وجاء قرار حزب محسن بلعباس، أياما فقط بعد أن قطع عمار سعداني الأمين العام للأفلان الشك باليقين بأن بوتفليقة قرر الترشح وسيعلن ذلك في الوقت الذي يراه مناسبا . ورغم أن كلام سعداني يبقى كلاما حزبيا، لكن من يتابع تسلسل التطورات السياسية منذ سبتمبر الماضي مع التغيير الحكومي الذي غلق كل منافذ الوزارات والمؤسسات الهامة بشخصيات مقربة من الرئيس، فضلا عن تنصيب رئيس المجلس الشعبي الوطني سابقا كخليفة لبلخادم على رأس الأفلان لقيادة حملة العهدة الرابعة وتطورات أخرى، يجد أن هناك خيارين لا ثالث لهما لدى السلطة. فالخيار الأول هو استمرار الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة وهو الأرجح، أما الثاني فإن السلطة ستلعب ورقة بديلة، في الدفع بمرشح توافقي كخليفة له بحكم أن الطريق سيكون معبدا لوصوله قصر المرادية، لكن هذا الخيار يبدو ثانويا بحكم أن بدائل بوتفليقة لا يمكن تحضيرها في ظرف زمني وجيز. وأظهر إصرار السلطة على رفض كل مطالب المعارضة، بشأن إجراء تغيير حكومي وإنشاء لجنة مستقلة تحل محل الحكومة ووزارة الداخلية في تنظيم والإشراف على الانتخابات، بمثابة مؤشر آخر على أن هناك خارطة طريق لدى القائمين على الحكم جاري تطبيقها، ولن تنتهي إلا بطي ملف الرئاسيات بشكل يبقي الوضع السياسي على ما هو عليه الآن. ومن هذا المنطلق يبدو أن هناك "سوسبانس" مقصود من السلطة الحاكمة ليس له مبرر، بالنظر إلى المؤشرات الموجودة في الساحة سوى عدم "إنهاء" سباق الرئاسيات مبكرا، وإعطاء المصوغ السياسي لمن يريدون دخول السباق كمنافسين محتملين، لأن إعلان ترشح الرئيس في الوقت الراهن سيكون بمثابة رفع الغطاء السياسي عن كل متنافس آخر يريد المشاركة في اقتراع محسوم مسبقا على الأقل في ظل هذا الوضع.