كشفت مصادر متطابقة أن الباخرة الهولندية التي لبت نداء الاستغاثة الذي أطلقه الجزائريون التسعة هي التي تسببت، عن غير قصد، في إغراق قاربهم الذي كان يبعد حوالي 65 ميلا بحريا عن سواحل مدينة مرسية الإسبانية. وحسب ما ذكره "أرنولد فان دير هول"، الناطق باسم مؤسسة "جامبو شيبينغ" التي تملك الباخرة، فإن طاقم الباخرة الهولندية كان متوجها في رحلة تجارية من تركيا إلى بريطانيا عبر البحر الأبيض المتوسط، قبل أن يصادف يوم الاثنين الماضي، قارب الحراڤة التسعة على بعد 200 كم من السواحل الجزائرية، وكان مَنْ بداخله يحاولون لفت انتباه الباخرة، فقرر قبطانها تغيير الاتجاه لإنقاذهم. وأوضح الناطق باسم مؤسسة النقل البحري أن الجزائريين استغاثوا بطاقم السفينة "بلغة فرنسية مكسرة"، مشيرا إلى طبيعة الظروف المناخية التي كانت رديئة وقتها، حيث بلغت سرعة الرياح 7 عقد على سلم "بوفور"، كما بلغ طول الأمواج 3 أمتار تقريبا، وهو ما لا يتحمله القارب، حسب المصدر الهولندي، فقرر القبطان تحويل اتجاه الباخرة والتوجه نحو القارب لإنقاذ المستغيثين ونقلهم إلى باخرته لخطورة وضعهم. لكن عملية الإنقاذ لم تتم بالطريقة المأمولة، حيث أدى اقتراب الباخرة الهولندية في حدود الساعة السادسة يوم الاثنين الماضي، من القارب إلى تصادم أدى إلى قلب القارب بمن فيه، وجرف البعض إلى مؤخرة الباخرة، فأوقف القبطان حركة المحركات لتفادي اصطدام الغرقى بمراوح السفينة، كما رمى طاقم الباخرة بمعدات الإنقاذ في اتجاه أصحاب القارب مثل السترات الواقية من الغرق وكذا عوامتين وقطعا خشبية وكل ما يمكنه أن يطفو لمساعدة الغرقى. وقامت الباخرة الهولندية بعد ذلك بإنزال قارب إنقاذ وبداخله أربعة أشخاص لانتشال الغرقى، ووجدوا ثلاثة يصارعون الموج، فتمكنوا من إنقاذ اثنين منهم، في حين أخفقت محاولة إنقاذ الثالث، ليُنتشل ميتا في تلك الليلة من طرف طاقم السفينة، ولم يُغفل الناطق باسم الهيئة التجارية الممثلة للباخرة الإشارة إلى استحالة نجاة من كانوا داخل القارب لو تركوا لوحدهم ولم تتدخل السفينة لإنقاذ اثنين منهم، في حين لايزال 9 حراڤة في عداد المفقودين. وتأتي هذه الرواية مطابقة في مجملها لما ذكره أحد الجزائريين الناجين، وهو يوسف بوطي الذي انتشلته الباخرة الهولندية وسلم للمصالح الجزائرية، التي أودعته سجن سركاجي بعد تلقيه الإسعافات اللازمة، في انتظار استكمال إجراءات التحقيق. وسبق أن أعلنت وحدات الإنقاذ الإسبانية قبل يومين وقف عملية البحث عن الجزائريين التسعة الذين فُقدوا على بعد 60 إلى 70 ميلا من سواحل مدينة مرسية. وعللت وحدات الإنقاذ، التي جندت لهذه العملية بضعة قوارب، إضافة إلى طائرة هيليكوبتر وطائرة صغيرة أخرى، هذا الإجراء بتضاؤل آمال العثور عليهم أحياء نظرا للمدة التي قضوها في البحر على بعد عشرات الأميال من "كابو دي بالوس". من جهة أخرى، تمكنت وحدات الإغاثة الإسبانية، أول أمس، من إنقاذ 11 حراڤا جزائريا على بعد حوالي 16 ميلا من "كابو دي غاتا" على مقربة من سواحل ألمرية. وتم إنقاذ الجزائريين في حدود الساعة التاسعة إلا الربع صباحا عندما رصدت طائرة استطلاع من طراز "ساسي مار 101" قاربا في عرض المياه الإقليمية الإسبانية، وتم وضعهم تحت تصرف مصالح الشرطة وبدء الشروع في الإجراءات المعمول بها لترحيلهم صوب الجزائر. مصطفى فرحات