زيارة للصفقات التجارية .. والمعارضة الفرنسية ترفضها شرع العقيد الليبي معمر القذافي أمس الاثنين في زيارة رسمية إلى فرنسا تدوم خمسة أيام. ويتخلل الزيارة جدل كبير بين الأوساط السياسية والشعبية الفرنسية،حيث يرى فيها قصر الاليزيه فرصة تاريخية لعقد المزيد من الصفقات الاقتصادية والتجارية مع ليبيا ، البلد الغني بفرص الاستثمار و بالنفط "ثالث منتج في إفريقيا" . بينما ترى المعارضة الاشتراكية والمدافعون عن حقوق الإنسان في زيارة القذافي إلى بلادهم خطوة استفزازية ومرفوضة، سيما وأنها تزامنت مع الاحتفال باليوم العالمي لإعلان حقوق الإنسان.. وبلغة براغماتية دافع الرئيس نيكولا ساركوزي عن الزيارة قائلا " نحن بحاجة إلى ليبيا في إطار العلاقات الأورومتوسطية .." ورغم الانتقادات الفرنسية الداخلية الموجهة إلى ليبيا بسبب ما يسمونها سجلها الأسود في مجال حقوق الإنسان ،فقد أبدى ساركوزي ومنذ مجيئه إلى السلاطة في ماي الماضي رغبته في تطبيع علاقات بلاده مع هذه الدولة التي تعتمد نهج الانفتاح على العالم الخارجي منذ 2003 ، و كان هو وزوجته السابقة سيسيليا قد مهدا لهذا التطبيع من خلال دورهما البارز في الإفراج عن الممرضات البلغاريات وزميلها منذ شهور. وغداة عملية الإفراج عن أولائك المتهمين في قضية نقل مرض الايدز لأطفال ليبيين، أبرمت السلطات الفرنسية مع نظيرتها الليبية اتفاقا حول النووي المدني والتعاون العسكري ،وهو الاتفاق الذي وصف بأنه مقايضة بين القذافي وساركوزي.. وبكل صراحة أعرب الرجل الأول في قصر الاليزيه في إحدى تصريحاته الصحفية الأخيرة عن أمله في أن تسمح زيارة القذافي "بتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية" ،مشيرا إلى أن منظمة رجال الأعمال الفرنسيين ترغب في الاستفادة من انفتاح هذه الدولة. وكان نجل القذافي ،سيف الإسلام قد استبق الزيارة ،وقال أن" طرابلس ترغب في شراء "طائرات ايرباص و"مفاعل نووي و"عدة تجهيزات عسكرية" بأكثر من ثلاثة مليارات يورو.. وبدوره وزير الخارجية "الاشتراكي السابق"برنار كوشنار رحب بهذه الزيارة باسم شعار الانفتاح والمصالح الذي يرفعه مع رئيسه ساركوزي ، وقال في حديث صحفي "اسألوا الفرنسيين إن كان يتعين تجاهل ألاف الوظائف التي آمل أن تمثلها العقود المرتقبة في مثل هذه الفترة الصعبة" ،مضيفا "أنها معركة متواصلة يفرضها زمن العولمة".. كما ذكر زعيم الدبلوماسية الفرنسية بأن القذافي أصبح شريكا في ما يسمى الإرهاب .. وعلى خلاف الموقف الرسمي ،فقد تجندت المعارضة الاشتراكية وكذلك المدافعون عن حقوق الإنسان ضد زيارة القذافي ، في حملة ساهمت فيها الصحافة بمختلف توجهاتها . وحتى وزيرة الدولة لحقوق الإنسان رحمة ياد رغم استقبالها للقذافي انضمت إلى جبهة الرفض وأعلنت عن "انزعاجها" من الزيارة .. ومن أبرز الشخصيات الاشتراكية التي أعلنت رفضها للزيارة ، زعيم الحزب الاشتراكي ،فرنسوا هولند والمرشحة السابقة لانتخابات الرئاسة الفرنسية ، سيغولين روايال . وأعلن النواب الاشتراكيون أنهم سيقاطعون مجيء الضيف الليبي إلى الجمعية الوطنية "البرلمان" مثلما هو مقرر في برنامج الزيارة .وبالإضافة إلى المعارضة انتقدت منظمات حقوقية زيارة القذافي مثل منظمة العفو الدولية التي ركزت على قضية الممرضات البلغاريات التي قالت أنهن تعرضن للتعذيب خلال فترة اعتقالهن في ليبيا . وذهبت إحدى المنظمات غير الحكومية إلى حد المطالبة بتوقيف القذافي في فرنسا بعد أن تقدمت بشكوى ضده بتهمة ممارسة التعذيب .. ومن جهة أخرى وبغض النظر عن الضجيج الذي يصاحب زيارة الزعيم الليبي إلى فرنسا ، فان هناك مصلحة مشتركة للبلدين ،أولا لفرنسا ورئيسها الذي يرغب في الحصول على العديد من الصفقات الضخمة تقدر بمليارات الدولارات على غرار ما حصل في زيارة ساركوزي الأخيرة إلى كل من الجزائر والمغرب .وثانيا ،فان ليبيا بحاجة إلى مزيد من الانفتاح على الغرب بعد سنوات من العزلة الدولية .. ويذكر أن القذافي الذي كان قد زار فرنسا قبل 34 عاما قد نقل خيمته الشهيرة وكل متعلقاتها في حديقة أحد نزل العاصمة الفرنسية.. ليلى //ل