منذ أعلنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال تغيير اسمها إلى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي مطلع العام شكل تحولها الى اعتماد أسلوب الهجمات الانتحارية أهم صور المشهد الأمني خلال العام 2007 ، مخلفة سقوط مئات القتلى والجرحى أغلبهم مدنيين وأعوان إداريين ومارة ساقتهم الأقدار إلى مكان الانفجار في محيط المقرات الحكومية والأمنية التي فجرها التنظيم. ولأجل ذلك نفذت القاعدة عدة عمليات تفجيرية عن طريق سيارات ملغمة ومشحونة بعدة قناطير من المتفجرات يقودها انتحاريون، مع الحرص على اختيار توقيتها وفق رمزية الرقم 11 من أيام الشهر لتدل على انتمائها للقاعدة، والبداية كانت في صبيحة يوم 11 أفريل الماضي عندما ضربت في تفجيرين متزامنين قصر الحكومة في شارع الدكتور سعدان بقلب العاصمة وغير بعيد عنه ضربت مقر أمني يحتضن مكتب الشرطة الدولية الأنتربول في باب الزوار شرق الجزائر العاصمة، وخلفت الحادثتين أكثر من ثلاثين قتيلا و مئتي جريح. ومنذ ذلك الوقت توالت الهجمات الانتحارية على نفس النسق، فضربت في 11 جويلية ثكنة عسكرية في مدخل مدينة الأخضرية متسببة في مقتل 10 عناصر من جنود الخدمة الوطنية و35 جريحا بعد أن فجر انتحاري نفسه وهو يقود شاحنة تبريد ملغمة، دفعت بسرعة كبيرة إلى داخل الثكنة، وصعد التنظيم من مستوى تهديداته عندما خطط في 6 سبتمبر الماضي لاغتيال الرئيس بوتفليقة بضرب موكبه عندما كان في زيارة الى مدينة باتنة، وكان منفذها يلف نفسه بحزام ناسف قبل أن يلفت انتباه عناصر الأمن التي طوقته ففجر نفسه قبل وصول الموكب الرئاسي بربع ساعة متسببا في مقتل 22 شخصا وأكثر من مئة جريح، من الفضوليين الذين اصطفوا على حافتي الطريق يرقبون مجيئ الرئيس، وبعد ذلك بيومين فقط فجر مراهق يبلغ من العمر 16 سنة سيارة اخرى مع ساعات الصباح الأولى في قلب ثكنة لحرس السواحل في دلس شرق مدينة بومرداس، والحصيلة كانت ثقيلة مسجلة مقتل 32 من جنود الثكنة و45 جريحا. واستمر تنظيم القاعدة في حصد الأرواح بتفجيرين انتحاريين أخيرين ختم بهما مشواره الدموي خلال العام عندما ضرب في صبيحة 11 ديسمبر مقري المجلس الدستوري ومكتب الأممالمتحدةبالجزائر العاصمة، وأزهق أرواح 41 شخصا وعشرات الجرحى. وخلال هذا الوقت كان التنظيم يشن من حين لآخر سلسلة هجمات متزامنة في نفس الوقت ضد مراكز أمنية في منطقة القبائل، ساعيا إلى فرض قبضته لبضع ساعات على بعض الأحياء وعواصم البلديات الريفية المعزولة، كما حرص على ضرب دوريات التفتيش والمراقبة الأمنية واستهداف الأجانب المقيمين في الجزائر من عمال الشركات الأجنبية المكلفة بانجاز عدة مشاريع في قطاعات الطاقة والبناء، منهم فرنسيون وروس، وهو المسعى الذي كان الرقم الثاني في تنظيم القاعدة الدولي، المصري أيمن الظواهري، يشجعه ويدعو إليه باستمرار لضرب من يسميهم بالصليبيين مركزا منهم على الفرنسيين والأمريكيين. النقلة الأخرى التي سجلها تنظيم القاعدة هي ضرب مطار جانت العسكري مطلع شهر نوفمبر من طرف مجموعة ارهابية بقدائف "أر بي جي"حسب ما تناولته وسائل الإعلام . ملحقة أضرارا غير مقدرة بطائرات عسكرية من نوع "هيليوشين" وأخرى "هيليكوبتر مطاردة"كانت تحط على أرضيته، واختفت المجموعة دون أن تمكن قوات الجيش التي مشطت محيط المطار من العثور عليها، وكانت المنطقة تعرف هدوءا واستقرار أمنيا منذ سنوات قبل الحادثة. على صعيد آخر واصلت مصالح الأمن عملياتها الرامية الى تفكيك تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي والقضاء على عناصره القيادية والميدانية الفاعلة من الموصوفين بالمقربين من أمير التنظيم، عبد المالك دروكدال، المدعو ابو مصعب عبد الودود، ضمن مجموعتي الأخضرية وبرج منايل اللتان تقدمان على أنهما محور التنظيم ، وسجلت ضربات متتالية كسرت في العمق أهم الأضلع في الدائرتين الخارجية والعملياتية في التنظيم وهم عموده الفقري. آخرها في 18 نوفمبر عندما أعلنت مصالح الأمن أنها وضعت يدها على مسئول سرية العاصمة في الجماعة السلفية - القاعدة في المغرب الإسلامي، عبد الفتاح أبو بصير واسمه الحقيقي بودربالة فاتح، واعتقلت معه اثنين من معاونيه في نفس الملجأ الذي ضبطت فيه بحوزتهم مجموعة هامة من الأسلحة والمتفجرات، يعتقد انه كان يحضرها لتنفيذ عمليات هامة في الجزائر العاصمة خلال شهر رمضان الماضي، وقبله كانت مصالح الأمن قد أوقفت أو صفت قياديين بارزين كما حدث في 14 نوفمبر عندما قضت على عبد الحميد سعداوي، المدعو ايحيى ابو الهيثم، وكان يشغل الى غاية مقتله منصب المكلف بالتنسيق ما بين الكتائب والمناطق وقبلها كان يقود المنطقة الثانية في السلفية، وقضي أيضا على أمير منطقة الوسط سفيان فصيلة"ابو حيدرة" واسمه الحقيقي حراك زهير يضاف إليه سعيود سمير المدعو ابو مصعب و سيد علي رشيد المدعو علي الديس، المستشار العسكري النافذ في التنظيم، وكل هؤلاء أعلن عن القضاء عليه في الأسابيع الأخيرة ما قبل نهاية العام. وقد أكدت القاعدة لاحقا هذه مقتل هؤلاء. وأخذت الأزمة المتفجرة في شمالي مالي والنيجر ما بين المتمردين التوارق وحكومتي البلدين موقعا متقدما ين التهديدات الأمنية الحدودية في أقصى الجنوب التي شكلت تحد وهاجس للجزائر في العام 2007، فقد انهار اتفاق السلام الموقع العام الماضي في الجزائر وبوساطة منها ما بين طرفي الصراع لتعود لغة الحرب من جديد وتبادل الهجمات وعمليات القتل والأسر، وبرغم الضغط الممارس للوصول الى هدنة وفتح ملف المفاوضات من جديد، إلا أن السلام التام يبدو لا يزال بعيدا في منطقة تعد من جهة طريق العبور الرئيسي لكل شبكات الجريمة المنظمة وتجارة السلاح والمخدرات المتحالفة تلقائيا مع الإرهاب، ومن جهة اخرى ذريعة هامة لمد النفوذ العسكري الأمريكي في الساحل الغربي لإفريقيا، واستدعى تطور الأحداث عقد قمة رئاسية جزائرية مالية فقط لمناقشة امن الحدود، عبد النور بوخمخم