جاء قرار إلغاء رالي داكار للمرة الأولى في تاريخه بعد تهديدات القاعدة بمهاجمة الرالي، ليكشف الانهيار الواسع للوضع الأمني في الشريط الصحراوي المحاذي للجزائر في دول الساحل الغربي الافريقي، بعد مرور أيام على مصرع أربعة سياح فرنسيين جنوب شرق نواقشط. وتعرض أربعة جنود موريتانيين لهجوم مسلح تبناه تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي والذي كان يخطط لتصفية جميع الجنود في الثكنة والاستيلاء على مخازن السلاح. وفي نفس السياق جاء أيضا الإعلان الخميس الماضي فقط عن حجز 750 كلغ من الكوكايين على الحدود الجزائرية المالية قدرت قيمتها المالية بحوالي 45 مليون دولار، بالقرب من منطقة تنزاواتين (500 كلم الى الجنوب الغربي من مدينة تمنراست)، حيث جرت الأحد الماضي مراسيم تسليم 10 رهائن عسكريين كان المتمردون التوارڤ يحتجزونهم منذ أربعة أشهر، ليؤكد المخاوف المعلنة قبل أسابيع قبل جهاز الشرطة الدولية "الأنتربول" على لسان إيمانويل لوكلير، نائب مدير لمكافحة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، عندما قال إن بعض دول إفريقيا الغربية التي تقع خلف الشريط الحدودي الجنوبي للجزائر "أصبحت طريقا مفضلا وجد نشط للتجارة الدولية للكوكايين الوافد من أمريكا اللاتينية في اتجاه أوروبا"، ولاحظ أن ذلك بدأ يتكرس منذ نهاية العام 2005. قبل ذلك، كانت الأشهر الثلاثة من العام الماضي قد عرفت أحداثا هامة تؤشر على مستوى التهديدات الأمنية التي تطرحها عدة مصادر مختلفة، وإن كانت تبدو متحالفة، وتتكتل في ثلاث دوائر أساسية هي الجماعات الإرهابية، شبكات الجريمة المنظمة لتجارة المخدرات والسلاح وأخيرا الصراعات الاثنية المسلحة المتنامية منذ سنتين، وأثبت أكثر من شاهد أن القاعدة عازمة على استرجاع أوراقها المفقودة في الصحراء، لتحويلها مجددا إلى مركز تدريب وتجنيد ونقطة شحن وعبور للسلاح وموطن استثمار مالي في شبكات التهريب وتجارة الممنوعات، حيث يعتقد اليوم أن تنظيم القاعدة بصدد إنجاز خطوات متسارعة لبعث مشروعه القديم لفتح معسكرات استقطاب وتدريب لعشرات من عناصره الأجنبية القادمة من اتجاهات مختلفة، خاصة من العراق التي كشف مؤخرا عن عينة من قوائم اسمية تشير الى أن ما يقارب نصف مقاتلي القاعدة هناك ينحدرون من الدول المغاربية المحاذية للجزائر، وأعلنت القاعدة قبلها الانضمام الرسمي للجماعة الليبية المقاتلة إلى التنظيم، ولم يكن مسؤول الفرع الليبي الجديد للقاعدة سوى المدعو أبو الليث الليبي الذي يوصف بأنه الرابط الأساسي ما بين قاعدة الجزائر وبن لادن والظواهري. وفي نفس الفترة أعلنت السلطات القضائية في نيجيريا أنها أمرت باعتقال خمسة أشخاص يحملون جنسية البلد، نسب المحققون إليهم اعترافات بأنهم "تلقوا تدريبات عسكرية لأكثر من سنتين ما بين العام 2005 و2007 مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر"، أعقب ذلك الهجوم الذي تعرض له مطار جانت في سابقة عكرت صفو الهدوء الذي ميز طويلا منطقة ظلت توصف بالآمنة وتحوي استثمارات المحروقات التي هي عصب اقتصادنا الوطني. وغير بعيد عن ذات الساحة لا زال الوضع المتفجر ما بين حكومتي مالي والنيجر والمتمردين التوارڤ في شمال البلدين ينذر بتوتر أكبر يغذي ويقتات في نفس الوقت من تهديدات القاعدة والجريمة المنظمة. عبد النور بوخمخم