حياة النجوم مليئة بالمفاجآت والمتناقضات، لكنها لا تخلو إطلاقا من الإثارة وخفايا يتم اكتشافها مع مرور الوقت. وتتجه الأنظار في دورة غانا الى مايكل ايسيان نجم النجوم ولاعب تشلسي الانجليزي من أغنى وأغلى وأعلى اللاعبين الأفارقة المحترفين في الأندية الأوروبية دخلاً، كما يعتبر من لاعبي الوسط الذين يشار إليهم بالبنان على مستوى العالم، وكل مدرب يتمنى مايكل ايسيان في فريقه. يعيش النجم ايسيان (25 سنة) حياة الملوك في عاصمة الضباب (لندن) ويقود اللاعب الغاني سيارة بورش "فور ويلز" في العاصمة الانجليزية، ويرتدي أغلى وأشهر ماركات الثياب ويحتسي يومياً الشمبانيا بمبلغ 400 جنيه استرليني؛ أي ما يفوق 6 ملايين سنتيم بالعملة الجزائرية، ولا يعتبر ذلك شيئاً في حسابات مايكل ايسيان الذي يصرف راتباً شهرياً من نادي تشلسي الانجليزي يصل 90 ألف جنيه استرليني، يفوق المليار سنتيم بالعملة الجزائرية. إيسيان العاق لوالده ومن المفارقات الغريبة والعجيبة أن والد اللاعب مايكل ايسيان الذي يدعى جيمس (76 عاماً) يعيش في بيت من القش والطين والصفيح في قرية أودوبين في غانا، وكانت الصحافية سوزي بونيفيس من صحيفة "صن دي ميرور" الانجليزية قد سجلت زيارتها إلى والد ايسيان وجلست معه داخل منزله المتهالك ووقفت بالقلم والصورة على حجم الفوارق والمتناقضات ما بين الحياة التي يعيشها مايكل ايسيان والمعاناة الأشبه بالمأساة التي تحيط بوالده جيمس الذي تحدث عن تفاصيل التفاصيل حول علاقته بولده مايكل ايسيان، والتي تبدو غريبة جداً، فهل يصدق أحد أن والد مايكل ايسيان غير قادر على شراء تذكرة بمبلغ 20 جنيهاً استرلينياً لمشاهدة ابنه مع النجوم السوداء؟ يتمنى أن يحصل على ثلاجة فقط من ابنه ولنذهب معاً إلى حكاية مايكل ايسيان مع والده والتي تختلف 180 درجة مع والدته. قال والد ايسيان الذي يبلغ من العمر 76 عاماً إنه ما زال يشتغل عاملاً بأجرة يومية يدبر منها ما يعادل 50 بنساً (حوالى 60 دينارا جزائريا فقط) وراتبه الشهري ما يعادل 15 جنيهاً استرلينياً (1800 دينار تقريبا) ويعيش في قرية أودوبين في بيت مشيد من القش والطين والصفيح، وقال: "لم أشاهد ابني مايكل إلا مرة واحدة فقط في العشر سنوات الأخيرة، وأضاف: إنه لا يريد من ابنه شيئاً سوى ان يشعره بأنه والده". وأوضح قائلاً: "إذا أهداني ثلاجة مستعملة ستحول حياتي الى رفاهية وراحة، وأشار الى انه رغم كل شيء ففخور بابنه الذي رفع اسم عائلة ايسيان". وأكد انه يصلي يومياً كي يوفق ابنه في مشواره الكروي، وقال: "لا أملك من ابني شيئاً سوى أنني أفخر به وبصورة بالية وقديمة بشعار منتخب غانا، وأشاهد له بعض المباريات مع منتخب غانا عبر تلفاز قديم جداً اشتريته منذ 8 سنوات، وغالباً ما تكون صورته مهزوزة، لأن جهاز الإرسال قديم جداً وتقليدي". والده متزوج من أربع وطلق والدته وإيسيان في الثانية من عمره شرح والد ايسيان أبعاد العلاقة الأسرية التي تسببت في أحداث القطيعة بينه وبين ابنه، وقال: "مشاكل الأسرة بدأت بعد انفصالي عن والدة ايسيان، وذكر انه قبل ان يتزوج من والدة ايسيان مدام أبا، كان يعيش مع ثلاث زوجات، ووالدة ايسيان هي الرابعة، واستمرت الحياة الزوجية 8 سنوات، وطلبت مني زوجتي الرابعة الانفصال عن زوجاتي الثلاث كي أبقى معها لوحدها، ولكني رفضت ذلك، بعد ان انجبت منها مايكل وشقيقته دينا وعندما انفصلت عنها كان عمر ابني مايكل سنتين، وأشار الى انه كوالد قام بواجبه تجاه ابنه بقدر المستطاع، وقال أنا في النهاية عامل يومي وأصرف على أربع أسر". وقال والد ايسيان انه كان يحرص على زيارة ابنه بعد الانفصال لمساعدته في الذهاب الى المدرسة وإلى مدارس الكرة، باعتبار ان مواهبه الكروية بدأت تتفتح قبل ان يمشي على قدميه، فقد بدا مايكل شغوفاً بكرة القدم وهو يحبو، وكان يركز على دفع الكرة بيديه ولا يقبل اللعب بأي شيء آخر غير كرة القدم، ولكنه كان يلعبها بيديه لدرجة انه كان يحضن الكرة وهو نائم. وكشف العم جيمس انه كان لاعب كرة في فريق صغير في غانا، ولكنه ترك اللعب بسبب الانشغال بتوفير لقمة العيش لأسره المتعددة، وأن ممارسة كرة القدم لم تكن مجزية قياساً بمتطلبات الحياة آنذاك. ذاكرة الوالد.. إيسيان يلعب الكرة 24 ساعة كاملة وأضاف أن مايكل ايسيان عندما وقف على رجليه وأصبح يمشي كان يلعب كرة قدم على مدى 24 ساعة، ووصفه بأنه "كان هادئ الطبع وودودا ويحترم الصغير والكبير، وشغله الشاغل كرة القدم، لدرجة انه عندما يخطئ في المنزل لا يخشى أي عقاب ولا يتوقف عن الاخطاء، او البكاء إلا عندما أهدده بأنه إذا لم يكف عن البكاء لن أسمح له بممارسة كرة القدم"، مشيراً الى ان الحرمان من كرة القدم كان وسيلة الضغط الوحيدة التي تجدي معه، فيما عدا ذلك لا يخشى أي عقوبة أخرى. و"عندما بلغ ايسيان 12 سنة أصر على دخول إحدى أكاديميات كرة القدم، ورغم انه كان أصغر من أقرانه من الدخول إلى مدارس الكرة إلا أنهم قبلوه مع فريق تحت 16 سنة، وبعد قبوله صرفت عليه مبلغاً ضخماً جداً من حساباتي، وهو 6 جنيهات استرلينية، كأكبر مبلغ يخرج من جيبي دفعة واحدة، وبما ان المدرسة كانت في العاصمة أكرا كان لا بد من البحث عن وسيلة دخل أخرى لتغطية نفقات الصرف على ابني في الأكاديمية، ولم يكن أمامي سوى البحث عن منحة لمساعدته، ولسوء الحظ عندما حصلت على موافقة بالمنحة وأنا في الطريق الى العاصمة أكرا تعرضت الى حادث سير أرقدني طريح الفراش لمدة سنة كاملة". حادث سير قلب كل الموازين وأوضح ان ابنه توقف عن الدراسة في الرابعة عشرة من عمره وانضم لفريق تحت 17 سنة للمحترفين، وكان ذلك في عام 1999 وكان عمره 16 سنة، ومن هنا بدأت الانطلاقة بعد مشاهدة الكشافين له، مما ساهم في التحاقه بمنتخب الشباب، ومن ثم الى فريق فرنسي اسمه "اس سي باستيا" ثم عاد الى غانا مرة أخرى وانضم الى فريق نادي ليبرتي في أكرا، "وفي هذه الأثناء كان يزورني في الإجازات ويتصل بي يومياً، وبعد ان عاد الى فرنسا مرة اخرى ايضاً كان يتصل بي ويرسل المصروف من هناك لمساعدتي في عيش إخوانه غير الأشقاء". والدة إيسيان عاملته كمتسول وقال والد إيسيان إن الطريف في ذلك انه كان يرسل المبلغ الى والدته أولاً وهي تتصل بي كي استلم من يدها كأنني متسول، وأشار الى ان "تكاليف المشوار الى منزل والدة ايسيان زوجتي السابقة يكلفني ما يعادل 3 جنيهات استرلينية، وما أحصل عليه منها يتراوح ما بين 15 إلى 20 جنيهاً استرلينياً، وعندما لا أذهب خلال شهرين أو ثلاثة أحصل على 50 جنيهاً استرلينياً، وهذا المبلغ بكل تأكيد غير كافٍ لسد الرمق، وبطبعي لا أحب الشكوى، وكل ما اعرفه أنهم كانوا يعاملونني كمتسول وليس صاحب حق". وقال والد ايسيان للصحافة الانجليزية إنه أحياناً يمر بظروف صعبة جداً ويكون غير قادر على تدبير لقمة العيش لأولاده، وأوضح انه راضٍ بنصيبه في الحياة، ولكن أكثر شيء كان يزعجه أنه "كلما ازدادت اسهم ابني ارتفاعاً في كرة القدم لاحظت ان هوة الخلاف والشقاق تزداد بيني ووالدته لدرجة ان اخته غير الشقيقة بيتي (27 عاماً) قالت لي ان والدة مايكل لا تريده ان يصرف علينا وتريده أن يصرف عليها لوحدها". والد إيسيان حاول الانتحار بالسم وقال "كي أكون صادقاً في حديثي أذكر انه أخطرنا بأن هناك راتباً شهرياً لجميع إخوانه غير الأشقاء بواقع 50 جنيهاً استرلينياً لكل واحد منهم شهرياً، ولكن للأسف لم يحدث ذلك إلا مرة واحدة فقط بإيعاز من والدته، مما جعلني أشعر بالإحباط، وكانت المرة الأولى التي أفكر فيها بالانتحار وتناولت السم، وفي اللحظة التي بدأت أتناول السم تدخل أحد الاصدقاء ومنعني من اكمال السم الذي أعددته لمفارقة الحياة". وقال: "لقد ظلت الحياة والعلاقة مع ابني تسير هكذا حتى عام 2005 عندما انتقل من فرنسا الى نادي تشلسي الانجليزي بعد ان دفع له ابراهيموفيتش 24 مليون جنيه استرليني، وأصبح راتبه الأسبوعي 30 ألف جنيه استرليني". لدي سيارة قديمة.. ولا أملك ثمن البنزين وكشف انه لم يحصل من ابنه الا على سيارة قديمة اشتراها له بحوالى 500 جنيه استرليني، وقال: "للأسف الشديد عندما استلمت السيارة لم أكن أملك ثمن البنزين الذي ينبغي أن أحركها به". وحول الحياة الخاصة لابنه قال "لا أعرف عنه شيئاً سوى انه ارتبط بفتاة غانية في فرنسا اسمها ديلا، وبعد حضورها الى غانا كي تتعرف إلى الأسرة رفضت والدة إيسيان تقديمها لي كي اتعرف إليها، وآخر معلوماتي انه عندما استقر في انجلترا انفصل عن هذه الفتاة". واختتم والد مايكل ايسيان العم جيمس سرد حكايته مع ابنه وطليقته أيا ووالدة ايسيان بأنه قبل أيام ذهب اليها كي ترتب له موعداً لزيارة ومقابلة ابنه في العاصمة أكرا، وكان ذلك بعد وصول ؤيسيان للانتظام لمعسكر النجوم السوداء استعداداً لبطولة أمم إفريقيا الحالية. "الناس تسخر مني".. هذا هو والد ايسيان ".. للأسف رفضت وأغلقت الباب على وجهي وطردتني، وكان هذا اليوم من أكثر الأيام سواداً في حياتي، وبعد هذه المعاملة لا استطيع ان أعبر عن شعوري الذي كان لا يوصف، وما يحز في نفسي أنها تعيش في بيت راقٍ وكبير وسط الخدم والحشم، وكل أسباب الرفاهية" هكذا قال والد إيسيان، "في الوقت الذي لم أعد قادراً فيه على السفر الى العاصمة اكرا لمشاهدة ابني مع منتخب بلاده، ولكنني غير قادر على توفير مصروفات السفر وسعر التذكرة الذي يفوق 20 جنيهاً استرلينياً، وكل ما اتمناه أن يعود لي ابني في يوم ما ويصحح كل اخطائه"، وقال: "أكثر ما يزعجني هو حديث الناس الذين يضحكون ويسخرون مني ويرددون على مسامعي أنت والد ايسيان وتعيش هكذا"، وقال: "اشعر بالغبن رغم أنني راضٍ بنصيبي في الحياة، ولكن اذا حاولت النسيان وطي الصفحة فالناس يذكرونني باستمرار". إعداد: سليم. م