عرفت الأعراس الجزائرية المقامة على الطريقة الإسلامية تطورا جديدا هذه السنة، فلم تعد تكتفي بالأناشيد والمدائح الدينية فحسب، وإنما انتقلت إلى مستوى آخر، حيث وظفت إيقاعات أغاني الراي والسطايفي والقبائلي والشاوي ومزجتها مع كلمات دينية لا يخجل الحاضرون من سماعها، كما أنها تضفي جوّا راقصا لا يبعث على الملل. * ويزداد مع تبني هذا النوع من الأغاني الطلب على "الديجي" الذي يقدم سلسلة متناسقة من الأغاني والموسيقى تتلائم مع الإطلالات المختلفة للعروس وفواصل الاستراحة لشرب القهوة والشاي وتوزيع الحلويات، لينافس بذلك العدد القليل من المداحات اللواتي احتكرن ساحة الأعراس الإسلامية لمدة مضت مع ما يتطلّبنه من أموال قد لا يقوى على توفيرها البسطاء من المواطنين إلا بشق الأنفس. * * ولا يختص "الديجي" بهذا النوع من الأغاني فقط دون غيره، بل هو بحسب شهادة البعض يخضع لطلب الزبائن الذين يختارون أنواع الأغاني المقدمة. صاحبة "ديسك جوكي" قالت إنها كانت تحيي هذا النوع من الأعراس، لكنه لم يعد يؤتي أكله فتخلت عنه نظرا لقلة الطلب، أمّا وسام التي تعمل ك "ديجي" وتقيم في برج البحري فقالت إنها تلقت عدة عروض هذا الصيف لإحياء مثل هذه الأعراس فاقت العشرة أعراس وأكثر الأقراص المضغوطة المطلوبة والمشهورة هي قرص "ليلة العمر" وأغلب إيقاعاته راي من بين الأغاني التي يحتويها: باسم الله خالقي، يا عريسنا، لا اله إلا الله، يا سامعين، مبروك عرسك. بالإضافة إلى باقة أخرى من الأغاني تتنوع بين السطايفي والقبائلي وغيرها من الطبوع الجزائرية المعروفة. * * غير أن الغريب - حسب شهادات من حضروا أعراسا من هذا القبيل- هو أن تفضيل هذا النوع بالذات لا يتعلق دائما بكون العائلة محافظة ومتشبثة بالدين الذي كان إلى وقت قريب جدا الدافع رقم واحد وراء للجوء إلى مثل هذه الأعراس، بل إن ما تشهده عائلات من مناسبات أليمة ووفيات قبيل الزفاف بفترة قصيرة وتحول دون إلغاء الحفل تضطر إلى تغيير البرنامج المسطر مسبقا واستبداله بأغاني دينية لتفادي ملل الحاضرين وهدر الأموال التي دفعت سلفا! وفي هذا الشأن صرحت وسام أن عائلة اتفقت معها على إحياء عرسها وتم اختيار الأغاني والبرنامج ليلغى كل هذا وتطلب منها الاكتفاء بمدائح وأناشيد دينية بسبب وفاة والدهم! وبدل أن تلغي العائلة الحفل نهائيا وتعتذر للحضور تشبّثت بإقامة الحفل وإمتاع الحاضرين على طريقتها الخاصة!. * * حالة أخرى سردتها لنا امرأة حضرت عرسا "إسلاميا" مع التحفظ -كما قالت- حيث توفيت إحدى قريباتها قبل حوالي 20 يوما من موعد عرس ابنتها، ولأن أهل وأبناء المتوفية رفضوا إلغاء العرس تبعا لمقولة "وتستمر الحياة" و"الحزن في القلب" اضطرت إلى البحث عن ديجي شريطة أن يقدم أغاني دينية بإيقاع خفيف يمسح ملامح الحزن المرسومة على أوجه المدعوين وتتضمن ألفاظا محترمة تراعي الظرف الذي يمرون به. * * ما لم يفهمه بعض المدعويين هو الادّعاء بتحريم الآلات الموسيقية ورغم ذلك نجد أن تلك الأعراس توظفها ولا تقتصر على الطبل والبندير فقط، وتتراوح المبالغ المالية التي يشترطها "الديجي" لإحياء الأعراس الدينية بين 5000دج و10000 دج حسب البرنامج ومدّته، وهي أسعار تعتبرها أغلب العائلات في متناولها وغير باهظة بعكس المداحات أو الفرق الغنائية المتخصصة.