بعد إعلان المدير العام للأمن الوطني، العقيد علي تونسي، عن خطة أمنية "سرية للغاية"، يرى مراقبون أن السلطات العمومية، تكون قد انتقلت إلى "خيار جديد" لمواجهة الجماعات الإرهابية، بعيدا عن الاستراتيجية السابقة، التي كانت تعتمد فيها على "الحرب الإعلامية والنفسية" بتصريحها وكشفها للإجراءات والتدابير وكذا تعزيز عدد عناصر الأمن والجيش، المتخذة في إطار مكافحة الإرهاب. * اعتماد "السرية" في إجراءات ومخططات محاربة بقايا الإرهاب، بوسعه برأي خبراء في المجال الأمني، أن يقطع عن الإرهابيين "مصادر" التزود بالمعلومات من خلال الاستعانة بالتصريحات الرسمية للمسؤولين والإستفادة من الارقام والتدابير التي تنشرها الصحافة الوطنية والأجنبية نقلا عن "مصادرها" وكذا البيانات الرسمية والتصريحات. * ويعتقد مراقبون للملف الأمني، أن لجوء السلطات الأمنية إلى تبنّي "السرية" في مواصلة مكافحة الإرهاب ومطاردة الإرهابيين وكشف مخططاتهم، سيعطي حصيلة أفضل في هذا المجال، انطلاقا من تجفيف منابع استغلال ما يسمى ب "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" للمعلومات "المسرّبة" في تصريحات رسمية وندوات صحفية، هدفها طمأنة الرأي العام، إلاّ أن الإرهابيين سرعان ما يستغلونها لتفادي ضربات قوات الأمن و"التعايش" مع المخطط والإجراءات المعلنة بأقلّ الخسائر، كما ستربك سرية المخطط الأمني برأي مراقبين، "الإنتحاريين" أو العناصر المعرّضة لغسيل المخ تحضيرا لتنفيذ تفجيرات انتحارية. * ولا تستبعد أوساط متابعة، أن يكون اعتماد الدولة على "السرية" في مجال تأمين المواطنين وحماية الممتلكات الخاصة والعامة، يندرج في إطار مراقبة المعلومة الأمنية وتنظيمها، خاصة واعترافات وشهادات أشارت إلى أن قيادة التنظيمات الإرهابية، من بين ما تستغله خلال تحضير اعتداءاتها الإجرامية في حق قوات الأمن والجيش وكذا المواطنين العزل، الإطلاع على ما تكتبه الصحافة ووسائل الإعلام، إضافة إلى تصريحات المسؤولين، وذلك بهدف معرفة "نقاط الضعف" والثغرات التي يمكن التسرّب من خلالها لتنفيذ جرائمها!. * الطابع السري للإجراءات الأمنية الخاصة بحماية المواطنين ومؤسسات الدولة، سيجعل برأي ملاحظين، الإرهابيين كالأعمى أو الأطرش في الزفة الذي لا يعرف ما يدور حوله، وبالتالي فإن سرية الإجراءات-حتى وإن أثارت فضول وتساؤل المواطنين- فإنها ستكون ضربة موجعة للعناصر الإرهابية، وستنجح في خلط أوراق "الجماعة السلفية" ونقل الرعب إلى صفوف عناصرها، كما ستسمح للأجهزة الأمنية بأداء مهمتها بعيدا عن "تشويش" التصريحات العلنية التي لا تختلف كثيرا عن "إفشاء معلومات أثناء سرية التحقيق"، ويرتقب أن تحقق التدابير الأمنية السرية، نتائج إيجابية، ستعزز جهود وحصيلة قوات الأمن والجيش في مجال مكافحة الإرهاب. * وأكد الأحد المنصرم، المدير العام للأمن الوطني، العقيد علي تونسي، بشأن الإجراءات الوقائية في شهر رمضان: "هناك تدابير أمنية..لكن لن أكشف عن المخطط"، مضيفا: "إطمئنوا..هناك إجراءات أمنية في رمضان والمخطط سري للغاية"، مؤكدا أن "الإرهاب يبقى قضية أخرى ويخضع لاستراتيجية خاصة". * وقد لوحظ قبيل حلول شهر التوبة والغفران، إعتماد مصالح الأمن لتعزيزات أمنية استثنائية، على خلفية الإعتداءات والتفجيرات الإنتحارية التي استهدفت أفراد الأمن والمواطنين، خلال الأيام القليلة الماضية، في كل من زموري وتيزي وزو ويسر والبويرة وجيجل وسكيكدة وقسنطينة، حيث تم مضاعفة حواجز التفتيش والمراقبة وكذا انتشار عناصر الأمن بالزي المدني والرسمي بالأسواق والمساجد والساعات العمومية، مع رفع درجة التأهب والحيطة والحذر، علاوة على تدابير احترازية أخرى، لكنها تبقى في طي الكتمان والسرية لدواع أمنية.