تتهيأ العائلات بولاية البويرة لاستقبال الحجاج بعد أدائهم للركن الخامس، خاصة وأن عودة الحجاج ونجاح رحلة الحج تكون دائما محل احتفال واحتفاء لمكانتها ورمزيتها وللقدسية التي ينظر بها الجزائريين للحج، ويحرص الجميع على زيارة الحاج والاستمتاع بسماع تفاصيل رحلته إلى البقاع المقدسة، وذلك من باب التشجيع على الطاعة. تختلف مظاهر الاستقبال والاحتفال بعودة الحجاج من منطقة لأخرى، مثلا بضواحي مشدالة تقوم عائلة الحاج بتنظيف وتزيين القرية التي يوجد فيها منزله وترتيبه وصنع بعض الأطباق التقليدية المخصصة لتلك المناسبات احتفاء بعودة الوالد والوالدة، اللذين ذهبا لأداء فريضة الحج، حيث يتسارع الأهل والجيران والأحباب ليهنؤه بما أنعم الله عليه من أداء للركن الخامس وعودته خاليا من الذنوب، وعادة ما تبدأ الاحتفالات وتبادل التهاني لمن لديهم حاج مباشرة بعد عودته من البقاع المقدسة، حيث تستمر عائلة الحاج في تقديم الغذاء لضيوفه لمدة سبعة أيام متتالية، بينما تكتفي بعض العائلات بتقديم التمور ومياه زمزم، ومباشرة بعد وصول الحجاج إلى قراهم تبدأ مراسم الاستقبال بالتهنئة والزغاريد وبعض الأناشيد التي تعبر عن فرحتهم بعودته، كما يفرح الصغار والكبار بالهدايا التي يحملها الحجاج عند عودتهم، خاصة وأن الحجاج يحرصون بمجرد انتهاء أدائهم مناسك الحج، إلى اقتناء الهدايا لإهدائها للأهل والأقارب والجيران، وتتخذ هذه الهدايا أشكالا مختلفة من ماء زمزم، وهو أحد رموز الحج لدى الجميع، إلى تمور العجوة الشهيرة، إضافة إلى السبحات والسجادات والأثواب والمصاحف وغيرها، ومن جهة أخرى تقوم بعض العائلات التحضير بطريقة مميزة لعودة الحجاج، حيث يقومون بجمع مبلغا ماليا لشراء بعض المواد الغذائية مثل السكر والزيت والسميد وغير ذلك، ويقدمونه هدية إلى أسرة الحاج بمناسبة أدائه لهذه الفريضة، فيما تحرص الكثير من العائلات، خاصة بمدينة البويرة على إقامة وليمة وإطعام الجيران وتوزيع عليهم تمر المدينة وماء زمزم، وتلجأ عائلات أخرى إلى استقبال حجاجها بالطبل والمزمار والرقص واستدعاء الأجواق الموسيقية والسهر وتضييع الصلوات وإزعاج الجيران، لأن حسبهم سفر الحاج وأداءه للحج وعودته سالما من النعم التي يحق له ولأهله أن يفرحوا بها وإظهار الفرح يكون بالإطعام والزيارة وإقامة الأفراح. من جهته أكد الأستاذ سعداوي شعبان إمام مسجد أبو بكر الصديق ببلدية تغزوت، أن كثيرا من الناس يزورون الحاج بعد عودته حتى يلتمسوا منه الدعاء، ويلتمسون منه ما يحمله معه من ماء زمزم، لكنه تأسف على ما يرافق هذا الأمر من ممارسات تتنافى مع قدسية هذه الرحلة التعبدية، مستنكرا ما يقوم به البعض من استقبال الحاج بالطبل والمزمار والرقص، كونه لا ينسجم مع المعاني التي يحملها الحج، لكنه لا ينفي وجود عادات حميدة في بعض المناطق، يستحسن بقاؤها لأنها تذكر بأصل هذا الركن العظيم.