بن بوزيد وكريم جودي احتج أمس، وزير التربية الوطنية، أبو بكر بن بوزيد، بشدة على التدخلات المباشرة لوزير المالية، كريم جودي، في شؤون الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية. ووجه بن بوزيد تعليمات صارمة لرئيس الديوان الوطني لمحو الأمية، ورؤساء جمعيات الإصلاح والإرشاد، وإقرأ ورابطة القلم والكشافة الإسلامية، الساهرين على تطبيق هذه الإستراتيجية يأمرهم فيها بعدم الخضوع لتعليمات وزير المالية التي تفرض عليهم تكييف عدد المتمدرسين في أقسام محو الأمية وفقا للمناصب المالية المتوفرة، لكن هذه الطريقة حسب بن بوزيد تتسبب في عرقلة الإستراتيجية وخلق البيروقراطية في عملية قبول ملفات المتمدرسين من خلال تأجيل قبول ملفاتهم في وقت تقوم الإستراتيجية بكاملها على "سياسة جلب المتمدرسين وليس تنفيرهم". وقال بن بوزيد "بأن تعليمات وزارة المالية تشترط على المكلفين بتطبيق الإستراتيجية، أن لا يقل عدد المتمدرسين في القسم الواحد عن 20 فردا، في حين أن تحديد عدد المتمدرسين في الأقسام بعشرين فردا لا يخدم الإستراتيجية في أرض الواقع، بل يعرقلها، ولهذا لا تلتزموا بذلك، لأنكم لستم ملزمون بالخضوع لوزير المالية"، وأضاف الوزير وقد اشتدت لهجته "يجب التكيف مع الواقع، وزير المالية لا دخل له في محو الأمية، مهمته الوحيدة هي توفير الأموال المطلوبة والتوقيع عليها فقط، وفيماعدا ذلك لا يعنيه، أنا من يحكم في الأمر وليس وزير المالية، بالإضافة إلى نوارة جعفر كوزيرة منتدبة مكلفة المرأة وقضايا الأسرة"، ثم أردف قائلا: "المالية هي التي يجب أن تخضع للإستراتيجية وليس الإستراتيجية هي التي يجب أن تخضع للمالية، وهذا أمر مهم جدا، ولذلك لا أريدكم أن تقولوا لي وزير المالية مرة أخرى عندما يتعلق الأمر بمسألة محو الأمية". ومنح الوزير الضوء الأخضر للديوان والمنظمات المكلفة بتطبيق الإستراتيجية من أجل تحديد عدد الأقسام كما يشاؤون وحسب ما يرونه مناسبا، حتى وإن اقتضى الأمر فتح أقسام من 7 أو 8 أشخاص، المهم أن لا يرفضوا ملفات المتمدرسين، وأن يؤلفوا ويصدروا الكتب التي يرونها ضرورية، أن يتم ذلك بموافقة المجلس التوجيهي الذي يطلع على الكتب ويمنح موافقته عليها، وقال الوزير موجها كلامه للحركات الجمعوية "إعملوا ولا تحسبوا حسابا للأمور المالية، لأننا سنمولكم ونمنحكم كل الإمكانات، كونكم تعملون من أجل تجسيد استراتيجية رسمتها الحكومة، ولأنكم وضعتم أنفسكم في الدولة والدولة تمول كل من هو في خدمتها، مؤكدا بأن الحكومة رصدت ميزانية قدرها 180 مليار سنتيم، سيتم توزيعها على الديوان والمنظمات الأربع كل حسب برنامجها، لتجسيد استراتجية محو الأمية التي تستهدف 6 ملايين أمي على المستوى الوطني". وحرص الوزير على التوضيح "لا تظنوا بأنني أوزع أموال الدولة دون حسيب أو رقيب أو دون رقابة، بل ستكون هناك رقابة شديدة من خلال المفتشيات التي ستنزل إلى الميدان لمتابعة صرف الميزانيات من طرف الجمعيات، وستجمع وزارة التربية قوائم إسمية لكل المتمدرسين في قطاع الأمية على مستوى الوطني". وأمر أبو بكر بن بوزيد، رئيس الديوان الوطني لمحو الأمية، بالترخيص لمراكز محو الأمية من أجل قبول ملفات جميع الأميين الذين يتقدمون دون استثناء لإنجاح الإستراتيجية. وتأتي تصريحات وزير التربية، ردا على المشاكل التي طرحتها الحركات الجمعوية المذكورة آنفا والديوان الوطني في تجسيد الإستراتجية، حيث تدخل رئيس الديوان الوطني لمحو الأمية، مبررا رفض فتح أقسام يقل عدد أفرادها عن 20 فردا بحجة أن وزارة المالية تقسم عليهم المناصب المالية بمعدل منصب لكل عشرين متمدرسا، مما يجعلهم مضطرين إلى عدم فتح أقسام من 10 أو 11 أو 8 أفراد، مؤكدا أن عدد الأميين الذين يدرسون حاليا هو 500 ألف متمدرس، وعندما نقسمهم على 20 فردا نجد عدد المنشطين الذين يحتاجهم القطاع، وبناء على ذلك تمنحهم الوزارة المناصب والأموال. كما طلب الوزير من الجمعيات الأربعة، أن تعمل ابتداء من الآن تحت وصاية المجلس التوجيهي لمحو الأمية الذي تم تنصيبه أمس بمشاركة ممثلين عن مختلف الوزارة وليس تحت سلطة الديوان الوطني لمحو الأمية، وذلك لتفادي العراقيل الإدارية والمالية، حيث قرر منح ميزانية لكل جمعية على حدة.