تحول يوم النحر عند بعض العائلات العاصمية إلى مناسبة للرثاء والحزن والبكاء على مفارقة كبش العيد الذي حوله بعض الأطفال والشباب إلى رفيق طالما تجولوا معه وأطعموه وزينوه بالحناء، وهذا ما جعلهم يتعلقون به تعلقا كبيرا لدرجة أنهم أقسموا على عدم أكل لحمه وعدم حضور لحظة الذبح التي تحولت بالنسبة إليهم لمأتم ميزته الدموع والآهات * عرف العديد من الأولياء الاثنين صعوبة بالغة لإقناع أطفالهم بضرورة التحلي بالصبر واستشعار الأجر الكبير عند التقرب إلى الله بأضحية العيد، وضرورة حضور لحظة الذبح وسيلان الدماء التي باركها الله، فتعلق الأطفال بكبش العيد ذهب بهم لحد عدم قبول فكرة ذبحه ورجاء الأهل إبقاءه حيا وتربيته وشراء كبش آخر للذبح، هذه الفكرة صدمت الأولياء الذين وجدوا أبناءهم يوم العيد يبكون ومنهم من قرر العزلة وعدم حضور لحظة الذبح، والغريب في الأمر أن هذه الميزة لم تكن عند الأطفال فقط، فبعض الشباب ممن تجاوزوا العشرينات هم أيضا قرروا مغادرة منازلهم في صبيحة يوم النحر، بحجة أنهم لا يتحملون رؤية الكبش الذي ألفوه يذبح أمام عيونهم، ومنهم من ذهب لأكثر من ذلك حيث قرر عدم أكل لحم الكبش الذي كان يعتبره صديقا له. * محمد، 12 سنة، رفقة أخيه ناصر، 29 سنة، من بئر خادم، اشتريا الأضحية شهرا كاملا قبل العيد كانا كل يوم يتناوبان على إخراج الكبش وإطعامه وتزيينه، لدرجة أنهما قررا المبيت معه في أحد الأيام استئناسا به، وفي هذا السياق، يقول ناصر "لم أكن أظن يوما أني سأتعلق بالكباش مثلما تعلقت بكبشي الذي استقدمته من ولاية الجلفة.. كنت وأخي نطعمه الخضر والفواكه، وفي بعض الأحيان الحلوى، كان يتبعنا ويمشي وراءنا، كنا نعتبره فردا من العائلة، أمي هي الأخرى زينته بالحناء وكانت تنظفه من حين لآخر، لم نستطع أن نتقبل فكرة ذبحه وفراقه، اقترحت على أبي أن أشتري كبشا آخر نذبحه وأن نبقي على كبشنا، أبي رفض هذه الفكرة.. يوم النحر بدأت الدموع تسقط من عيني، وقررت مغادرة البيت، أخي الصغير انعزل في غرفته وقرر مقاطعة أبي قائلا له: إنك ستذبح صديقي ولن أسامحك... وبعد الذبح حضرت أمي مائدة الغداء.. قررنا أنا وأخي عدم أكل لحم الأضحية التي اعتبرناها أحد أفاد العائلة..". * إيمان، 23 سنة، من باب الزوار، هي صديقة لنا في المهنة، أكدت أن أخاها صفوان، 13 سنة، لم يأكل لحم الأضحية منذ صغره نظرا لتعلقه الشديد بها، فعندما شهد أول واقعة لذبح كبشه منذ سنوات بكى طويلا وقرر مقاطعة وجبات الطعام التي تحتوي لحم الخروف.. * والغريب في الأمر أن بعض الأطفال تحدث لهم أزمة نفسية نتيجة الاكتآب والحزن الشديد على مفارقة الكبش، لدرجة زيارتهم للطبيب النفسي، ومنهم من أقسم على عدم أكل اللحوم نهائيا، هذا ما أكدته المختصة النفسانية كريمة بوخالفة التي كشفت أنها صادفت العديد من حالات الاكتآب لدى الأطفال بعد الأيام التي تلت العيد، فالعام الماضي عالجت 05 حالات لأطفال قرروا الانقطاع عن الدراسة بسبب مفارقته للكبش.. لكن مع مرور الأيام يكون النسيان ومراودة الطفل هو السبيل الوحيد لإخراجه من الحالة التي يعاني منها، ويضيف محمد بوسالم، مختص في الدين، أن غياب الوازع الديني للأولياء والأطفال هو سبب تفاقم هذه الظاهرة، فالأب وجب عليه أن يلقن أطفاله الحكمة من العيد والأجر الكبير الذي يتأتى جراء ذبح الأضحية..