ح.م حاول "مهند" في الجزء الأول من حوارنا معه التبرأ من كل التهم المنسبة إليه، وحاول التنصل من المشاكل التي تسبب فيها ملقيا باللوم على العرب ونمط تفكيرهم، وفي هذا الجزء يحاول التسويق لخبير في شؤون السياسة والمجتمع والدين عله يمحي صورة الممثل المستهتر التي رسخت في عقول المشاهد العربي. * * إطلاق اسمي على أمة الإسلام إهانة للأنبياء والشعوب * * سألته: توقفنا عند محاولة تنصلك من الانعكاسات السيئة لمسلسل "نور" على المجتمع العربي، وتوجيه اللوم للرجل قبل المرأة العربية.. ما تبريراتك لذلك؟ * في البداية أود الإشارة إلى أن المسلسل عموما وكل الأعمال الفنية التي على شاكلته لا تتناسب مع طبيعة المجتمعات العربية، وهذه الحقيقة لم أكتشفها إلا بعدما تعرفت على تلك المجتمعات عن قرب، وهنا ألقي باللوم على المحطات العربية التي ورغم درايتها التامة بتركيبة المجتمع العربي إلا أنها تتعمد إيذاء مشاعره وتقديم أعمال تمس باستقراره، غير آبهة إلا بالربح والسبق وما شابه، هذه المحطات هي الملامة وليس الفنان الذي لا يملك إلا تجسيد السيناريو المطلوب منه، فعندما تعرضون الأفلام الأمريكية والغربية تخضعونها لمقص الرقيب قبل طرحها، إضافة إلى أنها تظل محاصرة بشريط الترجمة الذي لا ينقل التعابير والمشاعر ويحد من انتشار هذه الأعمال إلا بين من يجيدون القراءة، ورغم ذلك تنقل وتسوق للنمط الغربي بشكل أو بآخر، لكن أن تأتي فكرة دبلجة أعمال تحمل ثقافات بلدان أخرى، وتقديمها باللغة العربية وبأسلوب أكثر إثارة، لا شك أن التأثير سيكون كبيرا، وهذا ما حدث مع مسلسل "نور"، وكما قلت لك مسبقا، فالعمل متواضع مقارنة مع الأعمال التركية الأخرى، لكن المحطة المسوقة قدمت له الكثير من عناصر الإثارة واللعب بالصوت والى غير ذلك حتى وصل للقاعدة العريضة من المجتمع بكل ما يحمل من تناقضات مع هذا المجتمع، وبالتالي كان تأثيره سلبيا. * * هل يعني ذلك رفضك لفكرة دبلجة وعرض المسلسلات التركية في المحطات العربية؟ * ليس كليا.. أقصد أن كل الأعمال سواء تركية أوغير ذلك والتي لا تناسب طبيعة المجتمعات العربية يجب ألا يكون لها مكانا على الشاشات العربية، أعرف أن هناك من سيتحجج بالفضاء والإعلام المفتوح ووصول هذه الأعمال والأسوأ منها للمتلقي العربي، لكني أرد عليه بأن الدبلجة وسيلة فنية خطيرة وتستحق استخدامها فيما يخدم المشاهد العربي في هذه المرحلة. * * حتى الآن لم تجبني على سؤالي؟ * عذرا لكن النقطة التي أشرت إليها كانت تستحق التركيز، فما أردت قوله أنك اقتربت من "مهند" وعرفت الكثير عنه، مجرد شاب عادي مليء بالعيوب الخارجية والداخلية، وأي إنسان يقترب مني سيتردد قبل أن يتخذني صديقا، وأي فتاة ستحسب كثيرا قبل الارتباط بي، أنا لست إلا فنانا موهوبا، أجيد تقمص الأدوار، وأعرف كيف أهندم نفسي، ومن أجل ذلك أنفق الشق الأكبر من مالي على الأزياء والأناقة، لكني وقد تصدم لهذا التصريح لا أعتقد أنني زوج صالح، في المقابل أقر بأن الرجل العربي يصلح للقيام بدور الزوج، لكنه لا يجيد التعامل مع المرأة، فهو يطلب منها كل شيء لكنه لا يقدم لها شيئا، يطلب أن تكون جميلة ومعتنية بذاتها وهو لا يهتم بمظهره.. يريدها مثل النجمات، أما هو فلا يسأل نفسه: أين هو من النجوم. * * كلامك ينم على جهل مطبق بالحالة المزرية التي يعيشها المواطن العربي البسيط أو حتى التركي، أنت تنقل وجهة نظر الطبقة الفنية الثرية وتعمم على السواد الأعظم من الناس؟ * الاعتناء بالذات لا يتطلب إنفاقا مبالغا فيه، فهو في متناول الجميع، أنا مثلا عندما كنت طالبا لم أكن أملك أي شيء من المال، كنت فقيرا، وكنت أقتطع من مصروفي الصغير لشراء الملابس والعطور، فكنت أبدو في صورة أفضل من الأثرياء. * * أعود لأذكرك أن الفقراء أحيانا لا يملكون شراء رغيف الخبز لسد رمق أبنائهم، ويعملون ليل نهار لتوفير متطلبات أسرهم، وأنت بلا مبالاة تتحدث عن الأناقة؟ * بل أتحدث عن سبل الحب والتفاهم والانسجام بين الطرفين، وأؤكد لك بأن الرجل لو طبق ما أقول، لما التفتت أية امرأة لمهند. * * على كل حال أنت اعترفت بأنك زوج غير صالح، لكن وبما أنك تتحدث بهذه الصراحة أسألك عن إحساسك عندما طلبت فتاة من خطيبها تغيير اسمه من "محمد" إلى "مهند" كشرط لقبول الارتباط به ؟ * لو أن هذا الشاب حمل صفات الاسم الذي يتقلده لما تجرأت هذه الفتاة على مثل هذا الفعل، ولو كان حقا يحمل هذه الصفات وأصرت الفتاة على مطلبها، فالأجدر به أن يبحث عمن تليق به، القضية ليست أسماء. * * أحد المفكرين العرب أطلق على سبيل السخرية اسم "أمة مهند" بدلا من "أمة محمد" في إشارة للحالة المزرية التي وصلت إليها الأمة الإسلامية.. ما تعليقك؟ * أعتقد أنه أخطأ كثيرا.. فمهما بلغ التردي لا يصح الاستهزاء بهذا الشكل، فالأنبياء ليس لهم دخل ولا يتحملون تبعات انحراف الشعوب. * * ولكن هل يعجبك أن تصل أحوال أمة للدرجة التي تنسب فيها إلى شخص مثلك؟ * هذا رأي شخص واحد، لا أعتقد أن الكثيرون يوافقون عليه، وأرى أنه ليس من الداعي تحويل نجاح دور في مسلسل لهذا الشكل الدراماتيكي، فأرجو أن نحول دفة الحديث الى وجهة أخرى.. هذا إن كان لا يزال لديك أسئلة؟ * * بالطبع هناك نقاط هامة لم نناقشها بعد.. فما هو رأيك بالمواقف التركية الأخيرة المناصرة لغزة؟ * مواقف تعبر عن حقيقة وأصالة الشعب التركي الذي لم ينفصل عن أمته وقضاياها، مواقف تجعلنا نعتز بأصلنا التركي، لكني كنت أتمنى ما هو أكبر من ذلك، فالجرائم الصهيونية فاقت الوصف، ولا يمكن السكوت عما جرى وإضافة الصفحة لسجل الإجرام الصهيوني في حق الشعوب العربية. * * وماذا قدمت أنت عمليا لتسير في الركب التركي؟ * تركيا شعبا وكذلك حكومة في صف الحقوق العربية، لكن المؤسسات وبالأخص منها الإعلامية والفنية تنتهج نهج الحياد، وقلما تعبر عن مشاعر الناس، كنت أود أن يعرض علي دور لشاب فلسطيني مقاوم، أو أن أساهم في أي عمل من هذا القبيل، لكن لست أنا من يتخذ هذا القرار، ولكن لا يعني هذا أنني معفي من المسؤولية، فقد نزلت للشارع وشاركت في المظاهرات المنددة بهذا العدوان الهمجي، وأدليت بالكثير من التصريحات التي هاجمت فيها البربرية الصهيونية، رغم إدراكي بأن اللوبي الصهيوني الأوروبي لن يسكت على ذلك، وللإشارة فإن الكثير من الفنانين الأتراك انتهجوا نفس النهج، فنحن نشعر باستياء شديد مما يجري كل يوم في الأراضي المحتلة، وأتمنى أن يأتي يوما نتحرر فيه من القيود الداخلية والخارجية لنضع حدا للمآسي التي تصنعها آلة الحرب الصهيونية. * * القيود الخارجية معروفة.. فماذا تقصد بالقيود الداخلية؟ * مما لا شك فيه أن هناك العديد من الزعامات العربية التي تساهم في الكارثة التي وصلت إليها شعوبهم، فهؤلاء يعدون الآن من أكبر العقبات في وجه النهوض العربي ويقفون في وجه شعوبهم بصورة تجعلني أرى خطرهم أكبر من الخطر الصهيوني نفسه، يجب العمل على تنقية الأجواء العربية من مثل هذه الزعامات المضرة. * * تركيا بلد علماني.. فكيف ترى صورة البلدان العربية؟ * العلمانية ليست موجودة فقط في تركيا، فقد رأيتها في مصر، وسمعت عنها في العراق وسوريا ولبنان، فهي خلقت كنظام سياسي للتعامل مع البلدان التي يوجد فيها تنوع ديني وطائفي، لذلك هي النموذج الأمثل للتطبيق في هذه البلدان لحمايتها من النزاعات الدينية والطائفية، لكن تركيا استطاعت توظيف العلمانية بشكل أقرب للنجاح، فلم يحارب الدين ولم يسمح في ذات الوقت لدين بعينه أن يفرض آراءه على أصحاب الديانات الأخرى، أما في البلدان العربية المتنوعة دينيا فقد فشلت في تطبيق العلمانية بمفهومها الصحيح، ورغم هذا الفشل حاولت تصديره لبلدان أخرى أحادية الدين والطائفة وليست في حاجة للعلمانية، فمثلا الجزائر أو إيران أو ليبيا أو موريتانيا، بلدان لا يحبذ لها أن تتقلد العلمانية، لأنها تعيش تحت مظلة دينية وطائفية واحدة. * * في نهاية حوارنا دعني أقول لك أنني غير مقتنع بمبادئك أو بالصورة التي تحاول الاختفاء ورائها، فمن جهة أنت أداة مؤذية ومن جهة أخرى تتحدث كبطل ينشد الخير للجميع، فأي شخص أنت؟ * لست بطلا ولا شيطانا، لكني شاب مثلي مثل الكثير من الشباب، قد أكون متهورا أو مستهترا أو مخطئا، لكني لست بليد المشاعر أو خائنا، ومعنى كلمة أداة التي وظفتها في سؤالك أنني مستخدم من قبل جهات معادية لتنفيذ مهمة قذرة داخل محيطي، وهذا ليس صحيحا، في الوقت نفسه لا أنكر أنني تسببت في أذية الآخرين ولكن عن غير قصد، لذلك حرصت على نقل صورة صحيحة لي بكل صراحة، فأنا أريد الخير فعلا للجميع، لكني لست سياسيا أو صانع لقرار، أنا مجرد ممثل يسعى للشهرة والنجاح، وفي سبيل ذلك رسمت الشكل الذي ارتأيته مناسبا لتحقيق هذا الهدف، وأختم كلامي بحقيقة لا يجرؤ أي إنسان على ذكرها، لكني أوردها لتكون عبرة لكل من رأوا في "مهند" فارس الأحلام الخارق، فأنا أفتقد كثيرا من مقومات الشاب ذو ال 25 عاما، ولست ذلك الشاب اليافع الجميل كما ترونني، أعتقد أن كلامي مفهوم.