يشتكي مستوردو الكتب من الإجراءات الجديدة التي يفرضها قانون المالية التكميلي، فيما يخص التجارة الخارجية، حيث تنص المادة رقم 69 من قانون المالية التكميلي، لسنة 2009 والذي دخل حيز التنفيذ بداية من 26 جويلية الفارط، على أن "يتم دفع مقابل الواردات إجباري فقط بواسطة الائتمان المستندي"، بمعنى أنه لن يسمح من الآن فصاعدا لشركات استيراد الكتب ودور النشر بتسيير وارداتها عن طريق التحويل المباشر. * * وحسب مستوردي الكتب فإن هذا الإجراء سيخلف أضرارا كبيرة على سوق الكتب في الجزائر، وقد يدفع هذه الشركات إلى الإفلاس وإغلاق أبوابها نهائيا. * أوضح صاحب شركة "آم. آل. بي" المتخصص في استيراد الكتاب العلمي والجامعي أن هذا القانون سيكون له أثر سلبي على سوق الكتاب ومستقبل انتشاره في الجزائر، لأنه لا يوجد مستورد جزائري واحد قادر على دفع قيمة ما يستورده نقدا أو عن طريق الائتمان المستندي، نظرا لخصوصية السوق الجزائرية والمشاكل التي تصادف المستورد فيها، فهو يعاني الأمرين، إذ عندما يوّزع الكتب للمكتبات والجامعات ينتظر مدة طويلة قد تصل إلى سنة أو أكثر حتى تدفع له مستحقاته، وهذا نظرا لتعقيدات سوق الكتاب في الجزائر وعدم تنظيمها. * وفي هذا السياق، أوضح ذات المتحدث في اتصال مع الشروق أن "في ظل هذه الإجراءات من المستحيلات السبع أن يستمر المستوردون في العمل" أي أن شركات الكتاب مهددة بالإفلاس والغلق وتوقيف نشاطها نهائيا، لأن الإجراء الجديد للحكومة، لم يراع حسب صاحب شركة أوميقا "خصوصية الكتاب وحساسية الميدان ومن غير المعقول أن نعامل الكتاب مثلما نعامل "البنان" أو أي مادة استهلاكية أخرى". * وأكد ذات المتحدث أن المستوردين عازمون على توجيه رسالة لوزارة المالية، وكذا المسؤولين لإعادة النظر في هذا الإجراء ومحاولة معاملة الثقافة والكتاب معاملة خاصة، وأضاف أن الجامعات والمدارس ستعرف في الدخول الاجتماعي القادم صعوبة، وربما ندرة في الكتاب المتخصص، لأن البضاعة لا تزال محجوزة في باريس، وهذا الإجراء سيقتل سوق الكتاب، وحتى النظام البنكي في الجزائر، ليس مرنا بطريقة تسمح بتسهيل الإجراءات. * أما صاحب دار الوعي، فقد أكد من جهته أن المستوردين بحكم الخبرة والتجربة ترسخت لديهم نوع من الثقة بينهم وبين من يتعاملون معهم، وأضاف السيد محمد مولودي أنه "لا يوجد مستورد واحد قادر على الدفع المباشر لقيمة ما سيستورده، طالما أن إجراءات تحصيل ما يوزعونه من عائدات الكتب الموزعة، يأخذ وقتا طويلا قد يصل إلى سنوات، والمشكلة أن الاتفاق بين المستورد وبين الموردين، يتم بشكل طبيعي جدا، لكن هذا القانون يقف حائلا بين الطرفين، وهذا الإجراء من شأنه أن يلقى بضلاله على معرض الكتاب القادم، لأن موانئ دبي مثلا فرضت إجراءات صارمة لإخراج السلع قد تستغرق 5 أشهر، ومن المستحيل بهذه الطريقة أن تصل الكتب إلى معرض الكتاب القادم في آجالها المحددة، لأن هناك حاويات متواجدة في باريس، ومالطا وإسبانيا تنتظر إنهاء إجراءات الدخول، ولما طبق عليها القانون الحالي بأثر رجعي، أصبح من المستحيلات السبع مواصلة العمل والنشاط في ظل هذه الإجراءات. * وأضاف ذات المتحدث أن من يصف المستوردين ب"البزناسية"و"الطرابنديست" غير واع ولا يعرف أبدا سوق الكتاب في الجزائر، فكيف لايزال الكتاب يعامل على أساس أنه سلعة كمالية وليس ضرورة ثقافية، وبهذه الطريقة أصبح من المستحيل مواصلة النشاط" * الجدير بالذكر أن الإجراء الجديد الذي أقره قانون المالية التكميلي يدخل في إطار الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الحكومة لتطهير قطاع التجارة الخارجية، ويحيل إلى الإجراء الذي اتخذته الحكومة في 2007، والذي يجبر شركات الاستيراد على رفع رقم أعمالها إجباريا إلى 2 مليار دينار، وهو الإجراء الذي اعتبره مستوردو الكتاب محاولة لقتل الكتاب، ولكن الحكومة يومها دافعت عن الإجراء واعتبرته إجراء لتطهير قطاع التجارة الخارجية من الذين يريدون ممارسة هذا النشاط بأموال الدولة و"أن التجارة الخارجية قطاع مفتوح أمام كل الجزائريين شرط أن من أراد أن يتاجر فليتاجر بأمواله وليس بأموال الدولة".