وزير الشؤون الدينية أبوعبدالله غلام الله الجزائر أول بلد إسلامي يرسّم الوظيفة منذ 14 سنة الجزائرهي أول بلد إسلامي بادر إلى ترسيم وظيفة المرشدة الدينية سنة 1995 ، لكن رغم ذلك يبدو أن الإرشاد الديني في الوسط النسوي ببلادنا لم يؤد دوره على أكمل وجه ولايزال يسير بخطى متثاقلة جدّا بما استعصى عليه احتواء العديد من الشابات والفتيات اللواتي زغن عن الهدى والصراط المستقيم * 200 مرشدة دينية فقط عبر 15 ألف مسجد! حسب إحصائيات رسمية قدمها لنا السيد يحيى دوري مدير فرعي للتوجيه الديني والنشاط المسجدي بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف فإن عدد المرشدات الدينيات عبر كامل مساجد الوطن التي يصل عددها إلى 15 ألف مسجدا يقدر بحوالي 200 مرشدة وهو عدد ضئيل جدا بالمقارنة مع المكانة الهامة والرائدة التي يمكن للمرشدة القيام بها والمساهمة في تقويم الاعوجاج الحاصل في عقول ونفوس اغلب أبنائنا وشبابنا والتقليل من مظاهر الانحراف والانحلال المتكررة على الملأ في اليوم ألف مرة. وبشأن هذا العجز يقول محدثنا "نطالب بمناصب مالية في حدود الممكن للاستجابة لحاجة المساجد في ضرورة وجود مرشدة على الأقل في كل مسجد كخطوة أولى أو حتى في مساجد الأحياء الكبرى على الأقل"والمشكل -حسب إحدى المرشدات بالمركزية- لا يتعلق بعجز على مستوى المرشدات فالمتخرجات من الجامعة كثيرات ومستعدات للعمل في هذا المجال ولكن حجر العثرة الوحيد هو المناصب المالية غير المتاحة في الوقت الراهن. وآخر إطار تنظيمي ينظم عمل المرشدة الدينية حسب ما أكده لنا ممثل الوزارة هو القانون الأساسي الخاص بموظفي قطاع الشؤون الدينية رقم 08- 411 المؤرخ في 26 ذي الحجة 1429 الموافق ل 24 ديسمبر 2008 حيث قسم سلك المرشدات إلى قسمين رئيسين المرشدة الدينية والمرشدة الدينية الرئيسية وهو ما يفتح المجال لترقية المرشدة وتحفيزها على العمل أكثر ومن بين مهامها التي تحددها المادة 48 من القانون نفسه هو تدريس مواد العلوم الإسلامية وتعليم القرآن للنساء في المساجد والمدارس القرآنية وكذا المساهمة في النشاط الاجتماعي للمسجد على غرار الجمع أموال الزكاة وزكاة الفطر والمساهمة في برامج محو الأمية والنشاط الديني الموجه للنساء والأحداث في مؤسسات إعادة التربية والمشاركة في توجيه الحجاج في موسم الحج وهي أيضا عضوة بالمجلس العلمي ومشاركو في الدراسات والبحوث، وبموجب اتفاقيات تجمع وزارة الشؤون الدينية مع قطاعات وزارية أخرى تعمل بالتنسيق معها على غرار العدل والصحة تنظم المرشدات نشاطات في السجون والمستشفيات وبعض المؤسسات التعليمية في مختلف الأطوار. * إرشاد "أعرج" حبيس أسوار المساجد ... المرشدة الدينية في أغلب المساجد ..قد تتحول إلى مساعدة في التسيير أو إلى مشرفة على جانب من تحصيل وتوزيع أموال الزكاة وفي معظم الحالات تجدها معلمة في مجال محو الأمية أو مشرفة على حلقات ودروس تلقيها على النسوة بعد أن تطالع كتبا تنقل ما فيها وكأن دورها هو مجرد وسيط ينقل للغير ما يطالعه عبر صفحات الكتب، وأهمل بذلك الدور الحقيقي الذي يفترض أن يمتد إلى تقويم اعوجاج فتياتنا ونسائنا وتحضيرهن لتنشئة أجيال المستقبل تنشئة سوية لا متساهلة ولا متعصبة لكن الحاصل في الوقت الراهن هو أن المرشدة الدينية حبيسة أسوار المساجد نادرا جدا ما تتحرك هي باتجاه الآخرين لمساعدتهن على الخروج من المشاكل والصعوبات التي تواجههن وإن حدث ذلك فإن متابعة الحالة لا يكون وتنقطع العلاقة بين الطرفين إلا إن التقيا صدفة- حسب ما استقيناه من شهادات حية من أفواه مرشدات روين لنا تجارب عملهن في هذا المجال-، وعن نشاط المرشدة الدينية داخل المسجد أجمعت أغلب الآراء التي استطلعناها في الميدان على أن دور المرشدة في الوقت الحالي تم اختزاله بشكل أدّى إلى تقزيمه ولا يزال بعيدا جدّا عن جوهر المهمة الحقيقية وحتى الحلقات ودروس الوعظ لا تكون إلا مرة في الأسبوع أو مرتين على أكثر تقدير فالممارسة الضيقة للإرشاد والوعظ على محاور بذاتها دون غيرها يجعل الإرشاد عديم الفعالية المرجوة. نشاط المرشدات الحالي عاجز عن كبح انحراف فتياتنا أكدت السيدة فاطمة الزهراء ، مرشدة دينية تنشط بصفة تطوعية وتحوز على ترخيص لممارسة ذلك بمسجد العربي تبسي بحي البحر والشمس بالعاصمة، انطلاقا من تجربتها الخاصة وتجارب مماثلة لزميلاتها في بقية المساجد أن أغلب من يترددن على المساجد من نساء هنّ مسنات تتراوح أعمارهن ما بين الأربعينات والسبعينات قد تصل إلى غاية الثمانينات والغاية من ذلك لجميعهن هي محو الأمية وتعلّم القراءة والكتابة وبعدها الانتقال إلى حفظ القرآن الكريم، ولم تخف محدثتنا أن من يقصدن المساجد في الوقت الحالي نسبة قليلة جدا وحتى الحالات النادرة من الفتيات اللواتي يخترن بيوت الله للحديث عن مشاكلهن مع المرشدات هن جميعا فتيات ملتزمات على درجة من الإيمان والتدين وهو ما يترجم الواقع الحقيقي لعمل المرشدة التي لا تزال مستقبلة للحالات لا باحثة عنها أما الفئات التي يجب أن تستهدفها فهن شابات ونسوة ضللن السبيل وغرتهن الدنيا بما كسبن وهن أيضا فئآت شاع بينهن الانحلال والانحراف وتنامى وجب مع ذلك انتهاج سياسة إرشاد نتقرب فيها من الفتاة ونحاول الأخذ بيدها لإعادتها إلى جادة الصواب. مرشدات دينيات محل سخرية واستهزاء كشفت بعض المرشدات الدينيات اللواتي تحدثن إليهن عن بعض السلوكات المشينة التي يتعرضون إليها من قبل محيطهم وسكان الأحياء التي يتواجد بها المسجد من سخرية واستهزاء يسممون به أبدانهم كلما لمحوهم وذلك عقب النشاطات الترفيهية والسياحية التي ينظمونها من حين لآخر علما أنها لا تخرج عن دائرة الالتزام بالآداب الإسلامية وتعاليم الدين الحنيف ومن بين تلك الأنشطة تقول السيدة فاطمة الزهراء مكافأة الفائزات الأوائل في حفظ القرآن بعمرة إلى بيت الله الحرام أو رحلات إلى شواطئ البحر المختارة بدقة وكذا التوجه إلى بعض الحدائق وخلال اليوم الذي نمضيه هناك ويصاحبنا فيه عدد من الرجال بينهم الإمام نصلي صلواتنا الخمس جماعة نسبح ونتشارك الطعام والشراب ونتدارس أمورنا ومشاكلنا كما نراجع بعض ما حفظناه من القران والدعاء، وبذلك فان الرحلة كما وصفتها السيدة فاطمة "حجة وفرجة". * "الإرشاد فكرة رائعة لو تطوّر وتتبع بالصرامة اللازمة " تقول رئيسة المنتدى العالمي للمرأة المسلمة عائشة بن حجار " المرشدة فكرة رائعة لو أنها تطوّر فالمرشدة الدينية للأسف الشديد حصر دورها في المساجد فقلما نجدها تنشط خارجها لذا يجب أن يكثف تواجدها من الناحية القانونية إلى دور غير المساجد على غرار مراكز إعادة التربية والسجون بما يعني أن المرشدات يجب أن يصلن إلى الجامعات أيضا ويشجع دورهن في هذا المجال حيث يجب ان يكون لهن أماكن يقصدهم فيها الناس من غير المساجد تكون مقصدا لكل النساء وكذا تكثيف دورهن في مجال الصلح العائلي والاجتماعي، فنحن حاليا لا نحتاج إلى مختصين نفسانيين بقدر ما نحتاج إلى راحة روحية فالكثيرون يسمعون كلام المرشدة ويكون له وقع على أنفسهم أكثر من وقع أشخاص آخرين وحتى أمهاتهم. وركزت محدثتنا على ضرورة التكوين المستمر للمرشدات سيما في مجال كيفية التعامل وطريقة الخطابة وحتى في مجال علم الاجتماع وعلم النفس على اعتبار أن الإرشاد لا يدرس في الجامعات كتخصص وكل من تمارسنه هن خريجات العلوم الإسلامية. * * أم باديس 20 سنة تطوعا في الإرشاد الديني بمسجد العربي التبسي فاطمة الزهراء جيريدان أو كما يناديها الجميع أم باديس استقبلتنا بكثير من التواضع والبشاشة فكان الحديث إليها عذب المذاق.. هي أم لولدين: باديس و وياسين 32 و30سنة على التوالي أنهوا دراساتهم وتحصلوا على الدكتوراه خارج الوطن أحدهما عاد إلى الجزائر والثاني ليس بعد.. السيدة فاطمة الزهراء امتهنت على مدار ثلاثة عقود من الزمن نشاط التعليم في طوره الابتدائي على مستوى مؤسسات ببلدية حسين داي ..بعد التقاعد أو قبله بقليل التحقت بمسجد العربي التبسي بحي البحر والشمس الكائن ببلدية المقرية أين تطوعت في مجال الإرشاد الديني مع بدايات التسعينات وهي تعمل إلى جانب طاقم نسوي ينشط تحت إشرافها وبشهادة الجميع فالمرأة تملك من الخبرة والحنكة ما لا تمتلكه الكثيرات من الخريجات الحديثات اللواتي يعجزن في كثير من الأحيان عن التعامل مع النساء المتقدمات في السن.. قالت أن زوجها يعمل معها ويشجعها معنويا وماديا على العمل داخل المسجد لوجه الله تعالى وفي ختام حديثها إلينا دعت الله كثيرا أن ترتقي مساجدنا في مجال معالجة الكثير من المسائل الأخرى التي كانت عليها بيوت الله في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام فالمسجد كما قالت ليس صلاة وتعليما وذكرا فحسب وإنما هو تكامل اجتماعي بمعنى الكلمة..