يا ترى لو كان نوبل ألفريد حياً -معنا-، هل يجيز جائزة السلام للرئيس الأمريكي أوباما؟! وهل يقبل الحكم على النوايا دون الأفعال؟! * للإجابة على هذه التساؤلات، قد لا أملك الإجابات ولكن قد أملك بعض التفسيرات المنطقية لقرار المنح بناء على المؤشرات أو من خلال سرد بعض الاحتمالات!! * فالاحتمال الأول يبدو أن الجائزة أدخلت باب حسن النية مع الترصد في سياسة تجميل الولاياتالمتحدةالأمريكية، بالإشارة إلى ما اقترفته الإدارة الأمريكية السابقة لأزيد من ثماني سنوات في حق العديد من الشعوب والأفراد، فأصبحت الولاياتالمتحدة تعرف بغوانتنامو، بالتعذيب الممنهج، بالقوانين التي تبيح انتهاكات حق الخصوصية كالتنصت ... الخ * ولكن يبدو أن أصحاب قرار منح الجائزة حاولوا أن يخلقوا عنصر المفاجأة، والصدمة الكهربائية تجاه النظرة الإيجابية للولايات المتحدة وسياستها الأوبامية!! بحكم أنه يوجد العديد في مصاف الرئيس الأمريكي حققوا الكثير وانتهاكاتهم أقل بالمقارنة مع السياسات الأمريكية، ولكن للسياسة والمصالح أسرارها وخباياها.. * أما الاحتمال الثاني، قرار منح الجائزة لشخصية لم تعمر في الكرسي الرئاسي "أزيد من تسعة أشهر" !! لرئيس لم يوف بوعوده التي قطعها على نفسه وعلى الشعب الأمريكي خلال مائة يوم الأولى !! من ذلك إغلاق معتقل العار سيئ السمعة، معتقل غوانتنامو، بل انتقل وعده الانتخابي من إرجاء لآخر بمبرر أو بدونه !! * وفي المقابل يبدو أن "الحكم" كان على أساس النوايا الحسنة، أو على أساس الكلام والخطابات، ولكن نقول لهؤلاء المانحين إن النوايا لا تدخل الجنة ولا تسمن جائعاً أو فقيراً، ولا تغير شيئا، فالكلام يبقى كلاما، والأفعال تبقى أفعالا، أم يريد أصحاب القرار بمنح الجائزة إتباع منطق سياسة "نشد الكذاب بلسانه حتى الآخر أو مجاراة السارق في فعلته حتى ينكشف ويتعرى للجميع"!! * إن كان كذلك، فلننتظر إلى غاية جانفي، هل يغلق معتقل غوانتنامو !؟.. ولننتظر مؤتمر كوبنهاك ولنرَ ما هي سياسة الولاياتالمتحدة تجاه التغيير المناخي، والأوزون، وانبعثات الكربون، وغيرها من الملفات البيئة الشائكة !!! * وإنني كذلك معجب بخطابه حول سياسته من أجل عالم خال من أسلحة نووية، والابتعاد تدريجيا عن سياسات الردع، فأثناء ترأسه لمجلس الأمن كان الخطاب قويا في هذا الشأن، ولكن هل يكون عالم خال على الصغار دون الكبار!؟ على الحليف دون العدو ؟! هل سيكون تفسير الاستعمال السلمي للطاقة النووية على دول دون غيرها على أساس حق مكتسب ؟! * هذه التساؤلات دون غيرها ستكون رهان جائزة نوبل، بحكم أنها راهنت على المستقبل دون الحاضر!!، راهنت على المسؤولية المعنوية والأخلاقية التي تحملها الجائزة لترجمة النوايا إلى أفعال، والأقوال إلى ملموس!! * فقد أكون مخطئا في "تشاؤمي" تجاه الحكم الصادر بمنح الجائزة، وقد يتبدد تشاؤمي مع اقتران النويا مع العمل، وقد أكون محقاً بحكم أن الولاياتالمتحدة عودتنا على سياسة "اللف والدوران"، ومجاراة "الإبن المدلل" ولو على حساب القيم والمبادئ والشرعية الدولية.. * وآخر فصولها حتى لا أبتعد بعيداً - أو قد يضيع الموضوع - ، "الرفض التام" للولايات المتحدةالأمريكية لتقرير غولدستون، الذي "كشف" عورة إسرائيل في مجال استخفافها بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، فهذا "الرفض التام" قابله منطق أن إسرائيل أكثر ديمقراطية مقارنة بالدول الأخرى المنددة؟! * وكأني أسأل عن الوضوء، وتعطى لي إجابة حول أحكام الصيام!!.. * فكما راهن "أصحاب الجائزة" على المستقبل، وسياسة "مسمار جحا" حتى تلتزم الولاياتالمتحدة بما وعدت به العالم، فأنا كذلك أراهن على المستقبل؛ وسياسة الولاياتالمتحدة بعد جائزة نوبل، وبالأخص الإيجابية فيها أنها منحت الجائزة وهو على رأس الإدارة الأمريكية... * وفي المقابل سياسة "المراهنة" لها إيجابياتها وسلبياتها، أهمها أن نراهن بالإرث الأخلاقي والمعنوي للجائزة دون نتائج... سيكون لها مفعول عكسي بافتقاد "الجائزة " لمصداقيتها وموضوعيتها وحياديتها... فهل تم حساب مستويات المراهنة، وبالأخص لا ننسى أن السياسة الأمريكية لا يصنعها رجل، ولكن إدارات، ولوبيهات، وعواصم داخلية وخارجية، ومصالح اقتصادية ومالية... فبقدر ما تحدثه الجائزة من مفاجأة، قد تكون المفاجأة أكبر أثناء عدم الصدق في الوعود !! * وأخيراً قد يزخر عالمنا الإسلامي والعربي، على الأقل بجائزتين، قد تنافسان من حيث الرصد المالي لجائزة نوبل، وأعني بهما جائزة الملك فهد، وجائزة القذافي العالمية، ولكن لم يرد لهما الإقلاع، وإعطاؤهما نفس الإهتمام، بحكم أنه في العديد من الأحيان تكونان مسيستين، وتشم فيهما رائحة المصالح، وبعدهما عن الحياد والموضوعية!!...