أكد رئيس الجمهورية أن الدولة امتنعت دوما عن التدخل في مهام المجلس الدستوري أو توجيهه، مشيرا إلى الاحترام الذي تبديه مؤسسات الدولة لآرائه وقراراته وتنفيذها بلا تردد، الأمر الذي اعتبره الرئيس حافزا للسلطة التشريعية أن تحرص على أن تأتي النصوص القانونية موافقة للدستور، كما حمل السلطة التنفيذية على تدقيق مشاريع القوانين عند صياغتها حتى لا تنزلق الى شبهة مخالفته وتجاوز أحكامه. * وأضاف رئيس الدولة في الخطاب الذي ألقاه أمس بالمجلس الدستوري بمناسبة مرور عقدين على إنشاء المجلس الدستوري قائلا إن الديمقراطية ليست وصفة طبية جاهزة للاستعمال تصلح لكل المجتمعات على اختلاف المكان والزمان قد تفرض بمرسوم أو تحمل بالإكراه والقوة إنما هي في الجوهر ثقافة وممارسة وخلاصة تجربة مجتمع معين في تركيبته الحضارية وتطوره التاريخي ارتباطا بخصوصياته وأولوياته وإمكانياته، مشيرا الى أن الجزائر رأت في إنشاء مؤسسة دستورية ضرورة للتكفل بالسهر على احترام الدستور وما تضمنه من حقوق وحريات فردية وجماعية تفاعلا مع حركة القضاء الدستوري التي ازداد انتشارها، معتبرا أن الطريق الى الديمقراطية ودولة القانون طويل وشائك يتطلب الكثير من الحكمة والصبر والعمل المتواصل بل يقتضي الكثير من الجهد والتضحية. * ففي سياق التحولات العميقة التي شهدتها البلاد خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية جاء النظام القائم على مبادئ جديدة منها على الخصوص مبدأ الفصل بين السلطات والتعددية الحزبية وتوسيع الحقوق الفردية والجماعية للمواطن، من خلال ممارسته الرقابة الدستورية من جهة والسهر على صحة عمليات الاستفتاء وانتخاب رئيس الجمهورية والانتخابات التشريعية والإعلان عن نتائجها من جهة أخرى. * وبإنشاء هذا المجلس وما خوله له المؤسس الدستوري من صلاحيات واسعة قال الرئيس إن الجزائر قد توفرت على آلية أخرى في البناء المؤسساتي للجمهورية واندمجت في الحركة العالمية للقضاء الدستوري، على اعتبار أن دولة الحق والقانون ليست مفهوما مجردا بل يجب أن تتوفر لها العوامل الضرورية لتجسيدها في الواقع، معتبرا أن المجلس الدستوري يؤدي دورا هاما في صيانة الحقوق وحماية الحريات باعتبارهما من ركائز الممارسة الديمقراطية. * * وأضاف إن المجلس الدستوري الجزائري على الرغم من حداثة عهده نسبيا مقارنة مع غيره من المحاكم والمجالس الدستورية فإنه ما فتئ يتطور من حيث تنوع اختصاصاته وتعدد سلطات إخطاره وتوسيع تشكيلته ونوعية اجتهاداته الفقهية مما جعل دوره يتعاظم في منظومة الحكم والحياة السياسية ويبقى مؤهلا لتطورات إيجابية أخرى مستقبلا، مشيرا الى ما حققه المجلس الدستوري من خطوات في ترسيخ دولة الحق والقانون وسعيه الدؤوب في تكريس الديمقراطية التعددية وحماية الحقوق والحريات بكل حياد واستقلالية. * وقال الرئيس: لقد مضى المجلس الدستوري في رقابته الدستورية والفصل في المنازعات الانتخابية متوخيا تحقيق التوازن بين ضرورة احترام الدستور ومتطلبات ترسيخ الأسس الديمقراطية، حيث أصدر عبر مسيرته قرارات كان لها وقعها في الحياة السياسية، كتفسير أحكام الدستور للتأكد من توافق التشريعات الوطنية، من حيث أنها الحارس على احترام الدستور والمانع لكل تعسف فقد ألزم المجلس الدستوري كلا من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بضرورة عدم تجاوز اختصاص كل منهما والبقاء في الإطار الذي حدده لها الدستور تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات.