تباينت ردود فعل أحزاب سياسية من المعارضة والموالاة، على رسالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة عيد النصر، حيث اعتبرتها المعارضة دليل على تخبط السلطة وفقدانها الصواب، فيما وضعتها المولاة في سياق الدفاع عن استقرار البلاد. وصف الناطق باسم حزب جبهة التحرير الوطني، السعيد بوحجة خطاب الرئيس بالقوي، وأوضح أن الرئيس أزال اللثام عن الكثير من الحقائق، نافيا أن تكون رسالة الرئيس حاملة لتهديدات لأي طرف. وقال بوحجة في تصريحات ل"الشروق" أن رسالة بوتفليقة بمناسبة احتفالات عيد النصر قوية، وجاءت بكثير من التوضيحات بخصوص العديد من الملفات. وأضاف بوحجة أن الرئيس دعا الجميع إلى تغليب أسلوب الحوار من أجل تعزيز الجبهة الداخلية وتجنيب البلاد مصير دول الجوار، موضحا أن انتقادات الرئيس للمعارضة بخصوص الاعتماد على سياسة الأرض المحروقة للوصول إلى الحكم، جاءت لمحاولة هؤلاء تغليط الرأي العام بإشاعات كاذبة، ضاربا مثلا بالغاز الصخري، حيث أكد الفرق بين الاستكشاف والاستغلال. ويرى بوحجة أن استمرار المعارضة في الامتناع عن الحوار "مشاورات تعديل الدستور" دليل على نيتها في الوصول إلى الحكم ولو على أشلاء الشعب، حتى وإن كانت هذه المعارضة "أقلية"، مضيفا أن الدولة أدرى بخلفيات هؤلاء ومحاولاتهم من وراء تغليط الرأي العام. ونفى الناطق باسم الآفلان، أن يكون بوتفليقة قد هدد المعارضة، وقال "إن الدولة لا تهدد وإنما عندما يتعلق الأمر بأمن البلاد واستقرارها فتكون حازمة"، مشيرا إلى انه في حال عدم وجود توافق بين المعارضة والسلطة، فعلينا الاحتكام إلى أسس الممارسة الديمقراطية بمعنى أن الحكم لصاحب الأغلبية. لا ترى حركة البناء الوطني، رسالة رئيس الجمهورية على أنها تهديد لأحد وإنما هي تعبير عن إدارة الحكم بحزم وتكون فيه دولة القانون محترمة وتكون حرية التعبير مكفولة بحزم ويكون صوت الشعب مكفولا بحزم في وجه الذين يريدون تعفين الوضع بالبلاد وهو ما نفهم فيه حق المعارضة والتظاهر السلمي والتعبير السلمي عن الرأي وحماية حرية الصحافة بحزم، لأن التسيب هو الذي فتح المجال للفساد السياسي والاقتصادي وسيفتح التسيب للدولة الجزائرية لانتهاك السيادة. وتعتقد الحركة الإسلامية في بيان لها أن من أولويات الحكم حماية السيادة من التدخلات الأجنبية، كما أننا في نفس الوقت ندعو الحكومة لتضطلع بأدوارها في حماية الوطن وحدوده واحتياجاته، منددة بالتصعيد الذي يمس أمن واستقرار الجزائر، داعية ما أسمتهم "إخواننا في الساحة السياسية" إلى تقديم المصلحة الوطنية والوحدة الوطنية واستقرار الوطن على أي أمر آخر. عكس ذلك، يقول رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، أن خطاب بوتفليقة بمناسبة عيد النصر، وما تضمنه من تهديد للمعارضة، دليل على حالة ارتباك، شديدة للنظام السياسي الذي شعر بضغط المعارضة، معربا عن استغرابه من خلط الرئيس بين شخصه والدولة. وأوضح مقري في تصريحات ل"الشروق" أن الدستور يتيح انتقاد رئيس الجمهورية، غير أن بوتفليقة أدمج شخصه في الدولة، متسائلا: هل انتقاده تهديد للدولة وأمن البلد؟ مبرزا أن انتقادات المعارضة ليست صورية وإنما مبنية على أرقام رسمية نشرتها مصالح الحكومة. ويرى المتحدث أن "بوتفليقة أخطأ الهدف في تهديداته، حيث كان عليه أن يهدد شبكات الفساد التي تنخر الاقتصاد الوطني، خاصة أن أكثر الناس فسادا هم الذين يوجدون في محيطه". من جهته، شبّه التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيد النصر بنفس "خطابات الزعيم الليبي معمر القذافي في مراحل سابقة". وقال رئيس الأرسيدي محسن بلعباس في كلمة له أمس بمناسبة افتتاح المجلس الوطني للحزب "التصريحات الواردة في الرسالة الأخيرة المنسوبة إلى نزيل قصر المرادية غير جديرة برئيس دولة، وتذكرنا بتلك التصريحات الغريبة التي كان يستعملها الزعيم الليبي معمر القذافي قبل أشهر عن سقوطه"، وأضاف أن "التهديدات والشتائم التي تضمنتها رسالة بوتفليقة هي علامات الذعر وفقدان السيطرة على الذات". من جهة أخرى، ترى حركة النهضة أن رسالة بوتفليقة دليل على تخبط السلطة، ودليل على فقدان المنتفعين من الريع للصواب. وقال رئيس الحركة محمد ذويبي في تصريحات ل"الشروق" أن السلطة فقدت صوابها، لما أحست بأن المعارضة تحررت في خياراتها، وأصبحت أقرب منها "السلطة" إلى الشعب. وتأسف ذويبي "لكون رسالة بوتفليقة لم ترق للتعبير عن مؤسسة بحجم رئاسة الجمهورية، بتهديده بشكل واضح وصريح لأهم شيء في الممارسة الديمقراطية وهو الحريات السياسية"، مضيفا أن بوتفليقة يتهم المعارضة الوطنية الشريفة باعتماد سياسة الأرض المحروقة للوصول إلى الحكم، في أن السلطة هي في الأصل من ينتهج سياسية التدمير والقضاء على الممارسة الديمقراطية للبقاء في الحكم، من خلال "الاعتداء على الدستور في 2008 وفتح العهدات الرئاسية إلى الأبد، وتزوير صناديق الاقتراع". ورد ذويبي على بوتفليقة بالقول أن "المعارضة السياسية في الجزائر تريد الوصول إلى السلطة، ولكن عن طريق الصندوق الشفاف"، مشيرا إلى اقتراح المعارضة لهيئة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات، وهو الاقتراح الذي يقلق السلطة بحسبه بينما "أن السلطة ماضية في البقاء في منصبها ولو على حساب الجزائر والعشب الجزائري"، موضحا "أن المعارضة لا تخيفها تهديدات السلطة، اللهم إلا إذا أرادت أن تمنع المواطن من ممارسة حق دستوري وعليها تحمل مسؤوليتها"، وأضاف "لم نؤسس أحزابا لمباركة سياسات فاشلة لسلطة عاجزة".