دعوات النفير والاصطفاف العربي الصادرة عن بقايا قيادات الصمود الفلسطيني لإنقاذ القدس من التهويد، لا يمكنها إلا أن تكون صرخة في واد، ذلك أن الشعوب العربية مغلوب على أمرها أمام حكامهم، فلهم اهتمامات أخرى غير مشكلة القدس الشريف الذي حاصره اليهود بكنيس الخراب. لو أن للقادة العرب ذرة من الكرامة وعزة النفس لفعلوا شيئا أمام الإهانات المتكررة الصادرة عن الكيان الصهيوني على مر السنوات الماضية، حيث كانت القمم العربية تبعث الروح كل عام في ما يسمونه المبادرة العربية للسلام وبالمقابل ترد إسرائيل بالحديد والنار في حروب مدمرة من جنين إلى رام الله، ومن الخليل إلى غزة ولبنان، دون أن تتحرك شعرة في جسد الجامعة العربية المتهالك. وهاهي الآن إسرائيل تنتهك حرمة الأقصى وتحاصره، وتعلن عن بناء المستوطنات وتتفنن في التنكيل بالمقدسيين الرافضين لتهويد مدينتهم المقدسة، قبل أيام فقط من التئام الجامعة العربية في طرابلس الليبي،ة فهل يمكن أن ننتظر شيئا من هذا القمة؟ الأكيد أنها ستعيد بعث الروح من جديد في المبادرة العربية للسلام، تحت مبرر مضحك هو إحراج الجانب الإسرائيلي، وتقديمه للعالم الغربي على أنه الطرف الرافض للسلام، وسنكون على موعد من صفحة أخرى من صفحات الخنوع العربي الذي لم يجلب للفلسطينيين والعرب إلا مزيدا من الحروب والمعاناة. لقد تفّه أالقادة العرب أنفسهم لدرجة أصبح يمكن التكهن بكل ما سيقومون به، ومن ضمن ما سيصدر عنهم بيانا "شديد اللهجة" يدين ويشجب الممارسات الإسرائيلية في حق المقدسات الفلسطينية، وفي أحسن الأحوال سيعلنون رصد أموال توجه إلى السلطة الفلسطينية الجاثمة هي الأخرى على صدور الفلسطينيين بأجهزتها الأمنية! صدق من قال إن الفلسطينيين لا يطلبون من العرب دعما ومساندة ضد اليهود، وإنما يطلبون فقط وقف التأمر عليهم عبر التعاون الاستخباراتي، وعبر العلاقات الدبلوماسية مع عدد من الدول العربية التي يقال إنها تمثل محور الاعتدال بينما هي في الواقع محور الذل والهوان والتآمر و"الرخس" العربي.