كشفت مصادر مطلعة ل"الشروق" أن تراجع العمليات الإرهابية في الأونة الأخيرة بولاية البويرة، راجع إلى زحف بقايا النشطاء المسلحين إلى الجنوب في ظل الخناق الذي فرضته ومازالت تفرضه مصالح الأمن المشتركة التي تمكنت من تفكيك أبرز كتائب الدعم والإسناد والإطاحة بعدد كبير من أتباع "دروكدال" الذي يحاول لمّ وتوحيد شمل عناصره في عمق الصحراء الجزائرية. * ولاية البويرة أو "ثوفيرست"، كما تسمى هذه المنطقة التي يغلب عليها الطابع الجبلي والغابي، صنفت في وقت ليس بالبعيد في خانة المناطق الخطيرة جدا، حيث رسمت فيه أيادي الشر والإجرام أبشع صور الدمار والموت وزرعت به جميع أشكال الرعب الذي بدأت أولى فلوله بالمنطقة المسماة "زبربر" مسقط رأس الجماعات الإرهابية لتحصد في الأخير الهزيمة والخيبة، بعد أن اضطرت هذه الجماعات، إلى البحث عن جماعة تنضوي تحت لوائها إثر تمكن مصالح الأمن من تفكيك عدة كتائب ووضع حد لأبرز الإرهابيين، خاصة منهم إرهابيي الجيل الأول الذين صعدوا الجبال في بدايات الأزمة وحوّلوا المنطقة إلى جحيم، بفعل العمليات الإجرامية التي كانوا يرتكبونها بين الفينة والأخرى. * هؤلاء كانوا ينشطون تحت لواء "كتيبة الغرباء" و"كتيبة الهدى" بضواحي الشرق وكذا "الفاروق" بالضاحية الغربية، خاصة منها الأخضرية التي كانت أخطر بقعة في الوسط، إذ لم تكن تختلف كثيرا عن مناطق المدية والبليدة وكذا عين الدفلى، التي كانت مسرحا لجرائم "الجيا"، وقبلها "الحركة الإسلامية المسلحة". * مصالح الأمن مازالت تواصل تكثيف عملياتها من أجل توفير الأمن والأمان والقضاء على كل أشكال الجريمة التي وجدت ضالتها بعد تراجع الإرهاب لسكان المنطقة، وهذا ما وقفنا عليه خلال الجولة التي قادتنا رفقة رجال الدرك الوطني بولاية البويرة. * كانت أول جولة ميدانية لنا في حدود الساعة الثانية بعد الزوال رفقة قائد سرية أمن الطرقات للدرك الوطني بالبويرة، النقيب عبد الباقي مخفي، أين حضرنا عملية تفتيش ومراقبة السيارات عن طريق الرادار الثابت307، حيث تم سحب عدد معتبر من رخص السياقة بسبب الزيادة في السرعة، إذ كشف النقيب مخفي عن تسجيل 21 حادث مرور في شهر فيفري أودت بحياة 6 أشخاص وجرح 77 آخرين، فيما تم تسجيل 12 حادث مرور جسماني في شهر مارس الجاري وكلها سجلت حسب محدثنا بسبب الإفراط في السرعة بالرغم من مرور أقل من شهرين من الشروع في تطبيق قانون المرور الجديد. * وفي حدود الساعة الرابعة رافقنا مصالح فصيلة الأمن والتدخل في مداهمة مست الأحياء الساخنة والتي كانت في وقت غير بعيد "محظورة" على مصالح الأمن لتكون وجهتنا الأولى "واد تمرزا" أين تم إلقاء القبض على مجموعة تضم ستة شباب بحوزتهم مخدرات ومشروبات كحولية. * بعدها مباشرة انتقلنا إلى واد بالقرب من حي 140 مسكن وهي المنطقة التي يتردد عليها مستهلكي الخمر والمخدرات وشلة المنحرفين وهو ماوقفنا عليه من خلال إلقاء ذات المصالح القبض على شخصين وبحوزتهما قطع من الكيف المعالج، إلى جانب مجموعة من الأشخاص المشكوك فيهم والذين يحضرون أنثى الكلاب لتمويه وتغليط مصالح الأمن في حالة محاولة هؤلاء الكشف عن مروجي المخدرات بإستعمال الكلاب البوليسية. * من حي 140 مسكن إلى غابة "الريش" التي كانت في وقت مضى "منطقة محرمة" على المواطنين باعتبارها نقطة تلاقي أخطر الجماعات الإرهابية، أصبحت اليوم وجهة راحة للعائلات التي تقصدها من كل حدب وصوب، خاصة في نهاية الأسبوع، حيث لم تسفر عملية المداهمة عن أي شيء. * * عودة الإستقرار إلى الولاية * لم تقف أيادي الإجرام من تسجيل تواجدهم بتنفيذ اعتداءات استعراضية معزولة، باستهدافهم قوات الجيش أو الأجانب المتواجدين بمواقع أكبر وأهم المشاريع في المنطقة، بغرض تشويه وتخويف الشركات الأجنبية، مثلما حدث مع الشركة الكندية "سانسي لافلان"، غير أن ذلك لم يعمل سوى على مضاعفة وجودها في الولاية، بدليل عدد الشركات الأجنبية التي تعمل بالمناطق المنعزلة، كما هو الشأن بالنسبة للشركات الباكستانية التي تعمل بعشر بلديات ببرج أخريص، والصينية بالقادرية، إلى جانب الشركات الكندية، التركية، الإيطالية والروسية، الموزعة بمختلف مناطق الولاية، والتي تعمل باطمئنان وراحة، خاصة مع تواجد فرق الأمن والجيش التي ترعى تحركاتهم وتنقلاتهم.