يعاني الآلاف من الأطفال المصابين بالمرض "الأيضي" وهو مرض نادر يتطلب برنامج غذائي معين خالي من البروتينات، بعد أن قررت الحكومة وقف استيراد الغذاء الخاص بهم، وهو ما أدخل البعض منهم في غيبوبة، نظرا لعجز أوليائهم عن توفير هذا النوع من الغذاء الخاص، الذي يتطلب تكاليف باهظة ووقفوا عاجزين وهم يرون فلذات أكبادهم يضيعون من بين أيديهم، وهو ما جعلهم يستنجدون بالجمعيات التي لم تتمكن هي الأخرى من توفير الكميات اللازمة لكل المرضى. كشف البروفيسور "محمد المختار خياري" مختص في جراحة وطب الأطفال بمستشفى بني مسوس أن المرض الأيضي هو مرض استقلابي وراثي نادر، يعني نقص الأنزيمات في الكبد، يعاني منه الألاف من الأطفال في الجزائر ناتج بالدرجة الأولى عن زواج الأقارب الذي تزايدت نسبته في بلادنا رغم التحذيرات. وأكد خياري أنه استغرب قرار الصيدلية المركزية الذي تلقته الصيدلية الخاصة بمستشفى بني مسوس، القاضي بوقف استيراد الغذاء الخاص بهذه الفئة دون استشارة المختصين، قائلا إن أربع حالات لديه دخلت في غيبوبة ويمكن أن يموتوا في أي لحظة، حيث أن كل أنواع الأغذية تحتوي على البروتينات وإذا تجاوزوا المعدل المسموح تسوء حالتهم، لذا هم يتبعون برنامجا غذائيا معينا، كان ذلك النوع من الغذاء يساعدهم على ذلك لاحتوائه على النسبة اللازمة لهم من البروتين. وطالب البروفيسور الدولة بالعودة لاستيراد هذا الغذاء لإنقاذ أرواح هؤلاء الأطفال، الذين ساءت حالات الكثير منهم، ويمكن أن يصاب البعض منهم بأمراض عضال أخرى، كما يمكن أن ينتهي المطاف بالبعض الآخر إلى الغيبوبة أو إلى الموت إذا لم تتحرك الجهات الوصية في أقرب وقت ممكن. وفي حديثه للشروق عبّر عمر بلال، وهو والد أحد الأطفال المصابين بهذا المرض النادر عن معاناته رفقة 26 وليا آخر هو على تواصل معهم، حيث استنكر أن توقف الدولة استيراد هذا الغذاء الخاص بأولادهم، وكأنها تقول لهم "موتوا فنحن متقشفون"، حيث قال إنهم فرحوا عندما أعلنت الدولة عن استيراد هذا النوع من الغذاء، خاصة وأن تكاليفه باهظة جدا، إلا أنهم صدموا في شهر سبتمبر بقرار الصيدلية المركزية والذي بعثت به للمستشفيات ينص على وقف استيراد هذا الغذاء. وقال محدثنا إنه يقوم بجلب هذا الغذاء لابنه من إمكانياته الخاصة حاليا من فرنسا، حيث قدرت سعر علبة فرينة وعلبة حليب تنفذ في ظرف خمسة أيام ب 4000 دج، مشيرا إلى أن ابنه يبلغ من العمر عام واحد، وهو لا يأكل كثيرا، إلا أنه يتخوف من عجزه لتوفير غذائه عندما يكبر وتزيد متطلباته الغذائية، قائلا "أنا تمكنت من توفير الغذاء لابني بإمكانياتي، إلا أنني أعرف أولياء عجزوا عن ذلك وأولادهم في خطر"، مثل أحد الأولياء في برج منايل يملك ثلاثة أطفال مصابين كلهم بهذا المرض وهو يعاني الأمرين. وأوضح "عمر" أن بعض الأطفال إذا تناولوا في الصباح البروتين يدخلون مساء في غيبوبة وبعضهم يسيل أنفه وعينيه بالدماء، وهي أكثر الحالات خطورة التي تؤدي إلى الوفاة الحتمية، مؤكدا أن الكثير منهم استنجدوا بالجمعيات الخيرية، إلا أن هذه الأخيرة عجزت عن توفير كل الكمية اللازمة لأعداد المرضى الذي يتضاعف، مناشدا وزارة الصحة للعدول عن هذا القرار، الذي سيؤدي بحياة كل هؤلاء الأطفال إلى التهلكة لا محالة، والعودة إلى استيراد الغذاء الخاص بهم لإنقاذ حياتهم.