بومدين يظهر في أقصى الصورة "آيت حمودة متحامل على الثورة وبن شريف أصابه الجنون" تواصل "الشروق" نقل سلسلة الشهادات حول قضية اشتشهاد البطلين العقيدين عميروش والحواس سعيا منها نحو الوصول إلى الحقيقة بعيدا عن التهويل والإثارة، ولعل الدافع إلى ذلك هو التصريحات الأخيرة لنجل العقيد عميروش نور الدين آيت حمودة وكتاب سعيد سعدي ودخول العقيد بن شريف على الخط، ما شكل مفاجأة لدى المهتمين بتاريخ الثورة ومن عايشها خصوصا الذين كانوا شهود عيان على معركة جبل ثامر، ومنهم المجاهد محمد خليفة المعروف باسم محمد الطاهر المنحدر من عائلة بسكرية توارثت الإمامة أبا عن جد الذي تفاجأ بما قرأه حول قضية استشهاد البطلين عميروش والحواس معربا عن ذلك في لقاء مع "الشروق". لمجاهد محمد خليفة، قال عن تصريحات نورالدين آيت حمودة بأنها أضغاث أحلام ووصفه بالمتحامل على الثورة والمجاهدين. وأضاف قائلا عار على ابن شهيد يشكك في نزاهة كل من صنع الثورة وخطط لها في الداخل والخارج، مضيفا: "أنا اعرفه جيدا وسبق لي أن أوقفته عند حده في لقاء حضرته في عنابة واعتقد جازما لو كان والده على قيد الحياة لكان له شأن آخر معه". وخلص المتحدث إلى نفي ضلوع بومدين في قضية استشهاد البطلين، فيما رمى بن شريف بالخرف والتكهن بأمور عير معقولة ولا أساس لها من الصحة بخصوص شهادته حول القضية التي نقلتها "الشروق" الجمعة الفارط، مفندا وقوع الشهيدين في كمين، لكونه كما قال ل "الشروق" عاش أحداث المعركة وهذه تفاصيلها التي وردت على لسانه. قبل أربعة أيام من وقوع المعركة "التقينا في المكان المسمى لمهشم جنوب مدوكال في حضور الضابط الثاني محمد شعباني، حيث أمرنا العقيدان عميروش والحواس بشن هجمات على مواقع العسكر الفرنسي في المناطق المحيطة للمسلك الذي يسلكونه للفت أنظار العدو وصرفها عن موقع تواجدهم، وقد كلفت شخصيا بشن هجمات على مواقع الفرنسيين في ضواحي طولڤة ببسكرة كمركز لاصاص وثكنة راس السوطة ومزرعة كاطالدو بفوغالة بالإضافة إلى القوافل العسكرية، وبعد إنجاز المهمة عدت ومن كان معي الى منطقة لمهشم، لكن أثناء الطريق علمنا أن الجماعة تنقلت إلى جبل قلب العرعار بالميمونة جنوب بن سرور فغيرنا مسارنا نحوه، حيث وصلنا فجرا والتقيت بمحمد شعباني وتناولت معه القهوة ومع بداية تبدد الظلام وصلتنا معلومات مفادها أن قوات العدو تزحف نحو مكان تواجدنا على خلفية علمها بوجود العقيدين في المنطقة"، مضيفا: "أتذكر يومئذ أن شعباني رحمه الله قال لي بالحرف الواحد: الحمد لله الجماعة ماهمش هنا"، ويقصد العقيدين. ويضيف الشاهد محمد خليفة أن أوامر أعطيت لجيش التحرير الذي كان تعداده حوالي 120 عنصر بالصعود إلى قمة الجبل لمراقبة تحرك قوات العدو القادمة من عدة مراكز والاستعداد لموجهتها، وفي أعلى القمة سألت شعباني ثانية عن مكان وجود العقيدين، فرفض الرد، مكتفيا بتكرار القول: "الحمد لله ماراهمش هنا"، وبعد تطويق المكان من طرف العدو بالدبابات والمدافع على بعد رمية بندقية صيد منا، تفاجأنا بتراجعه إلى الخلف والانسحاب تماما إلى جبل ثامر عبر سلسلة جبلية، حينها كشف لي شعباني أن العقيدين يوجدان هناك. وهو ما رجح فرضية اتجاههما إلى المغرب بدل تونس لدى محدثنا الذي يعرف المنطقة جيدا، حيث جبل ثامر يقع في جهة الغرب باتجاه جبل بوكحيل وجبل الازرق وسبدو بالغرب الجزائري، في حين الطريق إلى تونس يمر عبر جبل قسوم وشعبة فرس واحمر خدو جنوب الأوراس. هكذا جرت المعركة قامت قوات العدو بتطويق جبل ثامر من التاسعة صباحا الى الواحدة زوالا دون اطلاق رصاصة واحدة وبوصول الطائرات شرعت في قنبلة الجبل تلاها قصف بالمدافع والدبابات دام حوالي ساعة ونصف الساعة من الزمن وفي الثانية والنصف بدأ القصف بقنابل النابالم، دام نصف الساعة، ثم توقف ليأتي دور المشاة. وقتها يضيف الشاهد "كنا نتابع الأحداث بمنظار حربي مع محمد شعباني الذي أمرني بإيفاد فرقة من الجيش إلى الموقع لفك الحصار على العقيدين، فتنقل 18 عنصرا بقيادة عصماني، للأسف اكتشف العدو تحركاتهم في جبل النسنيسة وقصفهم بطائرة حربية قضت على 16 منهم، بينما تواصلت معركة جبل ثامر إلى الليل وتمركز العدو في مكانه إلى صباح اليوم الموالي"، وأضاف المجاهد: "على اثر مغادرته تنقلت رفقة شعباني ومجموعة من المجاهدين إلى عين المكان، أين وجدنا 6 مجاهدين على قيد الحياة من مجموع 72 مجاهدا مرافقا لرحلة العقيدين منهم حشاني الشيخ من بسكرة الذي أظنه مازال على قيد الحياة، ولم نعثر على جثتي الشهيدين عميروش والحواس رغم عمليات البحث الواسعة عليهما من طرف المسبلين من أعراش المنطقة، بينما عثرنا على سترة عميروش مثقوبة برصاصة من جهة الظهر، ما يعني أن العقيدين اشتشهدا بعيدا عن بعضهما البعض". سر تراجع العدو عن قصف جبل قلب العرعار يقول الشاهد محمد الطاهر خليفة في شهاداته ل"الشروق": "إن الناجين من الموت أفادوا بأن العقيدين أرسلا قبل تنقلهما إلى جبل ثامر مجموعة من المجاهدين لاستكشاف المسالك ورتبا معهم لقاء في المكان المسمى لقصيعات دون تحديده بدقة الشرقية أم الغربية، ففيما قصد المستطلعون لقصيعات الغربية قصد العقيدان الشرقية وبقي كل طرف ينتظر وصول الآخر ما كان سببا في إضاعة الوقت واستفادة العدو منه للاقتراب منهم، ولما التقى العقيدان بمرافقيهم تواصلت الرحلة إلى جبل ثامر، بينما تخلف شابان من مرافقي عميروش غير مسلحين، حيث عثرت عليهما قافلة عسكرية فرنسية استنطقتهما بشتى طرق التعذيب، فكشفا عن كل شيء تعلق بسبب وجودهما في المنطقة، وعلى خلفية اعترافهما طلبت قيادة العدو من قواتها التنقل إلى جبل ثامر بدل قصف جبل قلب العرعار. أما مصدر هذه المعلومة حسب الشاهد، فهم جنود جزائريون في الجيش الفرنسي التحقوا بهم وأخبروهم بذلك، ونقيب يدعى بارودي، مكلف بقدماء المحاربين كان متزوجا من المسماة "ف.ل" من منطقة الجلفة كانت تنقل المعلومات من قادة العسكر الفرنسي لزوجها الذي كان منزله في بوسعادة مقرا لانطلاق العمليات العسكرية ضد العدو.