القاصة والإعلامية الأردنية بسمة النسو فوجئت القاصة والإعلامية الأردنية بسمة النسور بالصورة التي وجدت عليها الجزائر على عكس ما كانت تظن "كنت أعتقد أن الجزائر بلد مغلق ويمارس ضغوطات على المرأة، لكنني وجدت واقعا آخر، لكن للأسف صورة الجزائر في الإعلام المشرقي مشوهة ولا تعكس حقيقتها على الواقع"، هذا ماقالته بسمة النسور في أول زيارة لها للجزائر في حوار خاص مع الشروق، عادت عبره لمسارها القصصي والإعلامي وتجربتها كمحامية. بسمة النسور معروفة بتعصبها لهويتها القصصية في وقت تهرب فيه الكاتبات العربيات إلى الرواية. لماذا كل هذا التحيّز لفن القصة؟ في الواقع أنا قارئة نهمة للرواية العربية والعالمية، لكني أحب أن أعرف ككاتبة قصة، وعلى عكس ما يعتقد البعض فن القصة صعب جدا، قد يتخيل البعض أن صفحتين يمكن كتابتهما بسهولة، لكن في هاتين الصفحتين يجب أن تختصر كل العالم، وأنا أحب اللحظات الخاطفة المؤثرة، ورغم الإقبال الكبير على الرواية، إلا أن هناك محاولات لإنعاش فن القصة عبر ملتقيات كثيرة، ويظل لكل فن جمهوره المخلص وكتابه المخلصين.. أنا متأثرة جدا بالقاص المصري يوسف إدريس والكاتب الروسي العظيم أنطوان سيخوف ونحاول أن نسمي كتاب القصة ب"جبهة الصمود والتصدي". هل القصة لم تعد تسع هموم الإنسان المعاصر؟ هذا ليس صحيحا وهي نظرة جدا قاصرة، لكن فلكل فن جمالياته ومكانته يقال عادة أن المرأة العربية لا تحسن الدفاع عن نفسها ولا تعرف أصلا ما هي حقوقها. بسمة النسور محامية منذ أزيد من 15 سنة هل تعتقدين أن المرأة العربية اليوم صارت أكثر إدراكا ومعرفة لحقوقها؟ الخطابية أحيانا تتغلب على القضايا، لكني أؤمن أن التعبير عن الحق يكون سلوكا أكثر منه لغة، المرأة عندما تحقق ذاتها في حياتها المهنية والعملية ويكون لها حضور في المشهد العام، تكون قد عبرت عن وعيها بالفعل، ومارست هذا الحق بدون الحاجة إلى خطابة، رغم أن الخطاب مهم لتوعية الفئة الأقل فرصة وحظا في التعليم وكانت لنا مثلا في الأردن تجربة في محو الأمية القانونية وتفاجأنا بمقدار جهل المرأة لأبسط حقوقها، التي أقرها القانون والشرع، لذا فالوعي مرحلة مهمة في انتزاع المرأة لحقوقها لأن من مصلحة المجتمع الذكوري أن تبقى المرأة جاهلة بهذه الحقوق. لكن ألا تظنين أن المرأة ليست دائما الضحية، حيث أنها أحيانا تلبس هذا الدور عن قناعة؟ أحيانا تكون المرأة جزء من آلة القمع وهذا شيء لمسناه في الواقع، خاصة عندما تصل المرأة للسلطة، تمارس قمعا أكثر بشاعة وتعيد نفس الخطاب لأن في علم النفس عادة الضحية تمارس دور الجاني بطريقة لا واعية عندما تتاح لها الفرصة، لكن هذا لا يعني أن هناك نماذج نسائية مشرقة. سبق أن هوجمت من طرف النقاد العرب لأنك تجرأت وقلت أن نزار قباني أول شاعر حَوّل المرأة إلى شيء؟ لا أعتقد أن نزار قباني يستحق لقب "شاعر المرأة"، فقط لأنه حَوّل المرأة إلى شيء، عكس محمود درويش الذي كانت المرأة لديه مرادفا لنموذج أعلى حاول فهمه والوصول إليه، لكن نزار قباني تعامل مع المرأة كجسد فقط، بالرغم من ذلك يبقى نزار شاعرا كبيرا لا يمكن التقليل من تجربته وأهميته، لكنه في ما يتعلق بالمرأة تعامل معها كواحدة من الإكسسوارات مثل الوردة والشمعة والزجاج وأحيانا تماهى مع المرأة وكتب عن أوجاعها لكن برأيي ظل خطابه قاصرا تجاهها. لماذا تنحازين في أعمالك القصصية إلى الطبقات الاجتماعية السفلى؟ أعتقد أن الشخصيات المرموقة ليست بحاجة لمن يكتبها لكن الشخصيات المهشمة هي التي تحمل الوجع الإنساني الحقيقي الذي ينبغي تسليط الضوء عليه.