مبحوث عنه لأزيد من 20 سنة بسبب تشابه الأسماء.. مسافرون يكلفون نسائهم وبناتهم لإتمام الإجراءات الشرطية والجمركية على متن الباخرة لتفادي الطوابير، وآخرون ينصبون خيما فوضوية ويفترشون وسادات الأرائك وستائر النوافذ وكأنك في أحد شوارع العاصمة التي تعج بالمتشردين أو تلك الشبيهة لما أطلق عليه "أفريكا تاون".. هي مظاهر وقفت عليها "الشروق" في رحلة دامت 38 ساعة في عرض البحر، على متن أفخم باخرة يونانية مستأجرة من طرف المؤسسة الوطنية للنقل البحري بمناسبة الموسم السياحي 2017. "الشروق" كانت أول وسيلة إعلامية رافقت الفرقة المبحرة لشرطة الحدود، بعد حصولها على موافقة من المديرية العامة للأمن الوطني، والمديرية العامة للمؤسسة الوطنية للنقل البحري، اللذان سهلا لنا الرحلة بكل تفاصيلها.
38 ساعة في عرض البحر... الساعة كانت تشير إلى تمام العاشرة عندما وصلنا إلى ميناء الجزائر العاصمة، أين تم استقبالنا من طرف رئيسة المحطة بميناء الجزائر، صليحة بن براح التي شرحت لنا تفاصيل الرحلة التي كانت على متن الباخرة اليونانية "أليروس"، المستأجرة من طرف المؤسسة الوطنية للنقل البحري بمناسبة الموسم السياحي 2017، فيما تكفل المدير التجاري للشركة كريم بوزناد بكل ما يتعلق بالتسهيلات الخاصة بالتذاكر والإيواء تنفيذا لتعليمات مدير المؤسسة الوطنية للنقل البحري حسان قرايرية. وقبل انطلاق الرحلة، قمنا بجولة خفيفة بمستودع السيارات التي تتأهب للعودة إلى فرنسا رفقة المديرة الجهوية لشركة النقل البحري وسط بميناء الجزائر دبابي أم السعد، حيث أكدت لنا أن الرحلة المبرمجة ذلك اليوم ضمت أزيد من 1850 مسافر وقرابة 600 سيارة ومع هذا فإن كل المصالح مجندة لتسهيل عودة الجالية الجزائرية إلى فرنسا مثل ما هو الحال عندما دخلوا أرض الوطن.
التعامل بدبلوماسية.. أو حلبة صراع بعد ساعتين من الانتظار بميناء الجزائر، أطلت في الأفق سفينة "أوليروس" Elyros أو الفندق العائم كما يحلو للبعض وصفه، قادمة من مرسيليا الفرنسية، تتوفر على كل متطلبات الراحة والرفاهية للمسافرين، وهذا ما لاحظناه في رحلتنا نحو مدينة مرسيليا الفرنسية، وبعد القيام بإجراءات العبور اللازمة والتي لم تأخذ منا الكثير من الوقت بسبب التسهيلات التي اتخذتها المديرية العامة للأمن الوطني، لتسهيل عبور المسافرين القادمين أو المغادرين للتراب الوطني في كل المعابر الحدودية، بدأت رحلتنا رفقة ممثل خلية الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني ملازم أول بلال طيبي، حيث كان أول ما شد انتباهنا عند الصعود إلى الباخرة هو مستودع السيارات الكبير، والذي يتسع ل600 سيارة ويوجد مكان مخصص لأمتعة المسافرين مراقب بكاميرات رقمية. بعد حوالي ساعتين من رسو الباخرة وركوب جميع المسافرين تم الأمر بإغلاق البوابات، والتأهب للانطلاق نحو مدينة مرسيليا، حركة كبيرة قرب مكتب الاستقبال وضغط كبير على الأعوان المكلفين بتوجيه المسافرين نحو الغرف، الساعة تشير إلى الرابعة و45 دقيقة، انطلقت الباخرة من ميناء الجزائر، لتبدأ معها فوضى من نوع آخر تتطلب من محافظ الباخرة وقبطانها وكل الطاقم التعامل بدبلوماسية كبيرة مع المسافرين، والأكثر من ذلك برودة الأعصاب، لأنه من المستحيل أن تسير جميع "العقليات" إن صح التعبير، فيما فضل العديد من المسافرين التوجه نحو سطح الباخرة لتوديع الجزائر وأخذ صور تذكارية للعاصمة على أمل العودة في العام المقبل، بدأت العاصمة تبتعد شيئا فشيئا والباخرة تزيد من سرعتها في عرض البحر المتوسط.
"أفريكا تاون".. على متن أفخم باخرة يونانية وفي جولة قامت بها "الشروق" على متن الباخرة أثناء الرحلة، وقفت على تصرفات خارجة عن القوانين المعمول بها في كل بواخر العالم، حقيقة هي معاناة كبيرة يتحملها طاقم الباخرة التابع للمؤسسة الوطنية للنقل البحري بدءا من ربان الباخرة والمحافظ إلى عامل النظافة، إذ أنه ومع حلول الظلام يتبين لك في كل زاوية من زوايا الباخرة مسافرون يفترشون كل ما وجدوه من مخدات الأرائك والستائر بعد نزعها من مكانها للنوم، وكأنك في ساحة "السكوار" المعروفة باحتضانها لعشرات من المتشردين ليلا، أو ذلك المكان الذي يعج بالأفارقة والذي أطلق عليها اسم "أفريكا تاون"، الكائن على مقربة من ضفاف واد الحراش، بل أكثر من ذلك فهناك من يقوم بقضاء حاجاته البيولوجية في زوايا أو سطح الباخرة بالرغم من توفر دورات المياه! وعندما حاولنا الاستفسار عن هذه التصرفات الغريبة والمشينة، رد علينا محافظ الباخرة "هذا لا شيء مقارنة بما يحدث يوميا وخلال كل رحلة..؟"، مكتفيا بالقول أن هؤلاء جاليتنا ولا يمكن أن نفضح تصرفاتهم مهما كان الأمر.
طريق العودة والفرقة المبحرة لشرطة ميناء الجزائر بعد أزيد من 18 ساعة في عرض البحر رست باخرة "أليروس" اليونانية بميناء مرسيليا، حيث تم إنزال جميع المسافرين والمركبات، ليأتي الدور على الجالية الجزائرية التي فضلت قضاء عيد الأضحى في الجزائر، وبعد حوالي 4 ساعات تم غلق أبواب الباخرة وبدأت رحلة العودة نحو الجزائر، وبدأ معها عمل الفرقة الأولى المبحرة للشرطة الحدود بميناء الجزائر، حيث خصص مسؤولو "الباخرة" مكانا للفرقة المتنقلة التي تتكفل بجميع الإجراءات الشرطية. العملية بدأت في حدود الساعة السابعة مساء إلى غاية منتصف الليل، حيث حضرنا كيف يتم مراقبة جوازات السفر عن طريق تمريرها عبر القارئات، وكذا وثائق السيارات لمعرفة ما إذا كانت غير مسروقة. وفي السياق، أكد لنا ممثل المديرية العامة للأمن الوطني الملازم أول للشرطة بلال طيبي أن تخصيص الفرقة المتنقلة لشرطة الحدود سواء البحرية، أو البرية هي مبادرة تدخل في إطار تنفيذ توجيهات المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل القاضية بتسهيل كل إجراءات المراقبة عبر الحدود، والسهر على تحسين ظروف استقبال أبناء الجالية المقيمة في المهجر لتشجيعهم على زيارة وطنهم الأم كلما سمحت لهم الفرصة. وأضاف طيبي أن هذا الإجراء لقي استحسانا كبيرا وسط المسافرين، خاصة أنه جاء ليدعم خدمة إتمام المعاملات الجمركية على متن الباخرة، الأمر الذي سمح بتقليص فترة انتظار المسافرين من أربع ساعات خلال السنوات الفارطة إلى ساعة ونصف ساعة فقط للخروج من الميناء.
قارئات جوازات السفر قلصت فترة المعالجة إلى 18 ثانية من جهته، أكد لنا رئيس الفرقة الأولى المبحرة لشرطة الحدود بميناء الجزائر الملازم أول للشرطة بلال موسى أنه تم تخصيص ستة أعوان لكل فرقة، يؤطرهم ملازم أول، مهمتهم تبدأ على الساعة الثانية زوالا وتمتد إلى غاية منتصف الليل بمساعدة طاقم الباخرة لضمان مراقبة كل المسافرين والسيارات، ويتم تغيير الفرق كل أسبوع، وتقوم بالإبحار على متن كل البواخر التي تضمن الخطوط الرابطة بين مرسيليا الجزائر وآليكانت الجزائر. وأشار محدثنا إلى أن تدعيم الفرق البحرية بقارئات جوازات السفر البيومترية قلص من فترة معالجة وثائق السفر إلى 18 ثانية، وفي حالة جلب السيارة يتم رفع البيانات وتقديم تراخيص الخروج في أقل من 15 دقيقة، مؤكدا أن بنك المعطيات المتوفر لديهم محين آليا ودوريا. أما فيما يخص طريقة عمل الفصيلة الجديدة، فأشار الملازم أول للشرطة بلال موسى، إلى أنها مكلفة بإتمام كل معاملات شرطة الحدود خلال الرحلة البحرية التي تربط موانئ أوروبا بالجزائر العاصمة، في حين يتم مراقبة المسافرين في رحلة الذهاب من الجزائر على مستوى الميناء.
مبحوث عنه لأزيد من 20 مرة.. والسبب تشابه الأسماء خلال حضورنا مراقبة جوازات السفر لأكثر من 800 مسافر عن طريق تمريرها عبر القارئات، وكذا وثائق السيارات الخاصة لقرابة 400 مركبة، وقفنا على حالات خاصة على غرار المدعو "م.س" البالغ من العمر 49 سنة والقاطن بولاية قسنطينة، حيث أن هذا الأخير حسب ما أكده لنا تعرض لأزيد من 20 مرة للحجز لدى مصالح شرطة الحدود، ليطلق سراحه بعد حوالي 3 ساعات، وعند الاستفسار عن السبب في ذلك، رد علينا قائلا: لأن "اسمي يتشابه تماما وحتى تاريخ ميلادي، مع أحد أكبر بارونات المخدرات"، وهو فعلا ما حدث عند وصوله إلى أعوان الفرقة المبحرة لشرطة الحدود، إلا أنه وفي ظرف قياسي تم التحقق أن الأمر يتعلق بتشابه الأسماء فقط، فختموا على جواز المعني وتمت جميع إجراءات خروجه. من جهة أخرى، أكد لنا الملازم أول للشرطة بلال موسى، أنه منذ بداية عملية التدقيق في جوازات السفر ووثائق السيارات تم العثور على نتائج إيجابية فيما يخص الأشخاص المبحوث عنهم من طرف العدالة أو السيارات المسروقة من الدول الأوروبية كان أصحابها ضحايا أو العكس، بمعنى أن أصحاب السيارات المسروقة أرادوا تهريبها إلى الجزائر. وطيلة تواجدنا مع الفرقة المبحرة لشرطة الحدود على متن باخرة "أليروس"، سجلنا ظاهرة غريبة نوع ما وهي إقدام بعض المسافرين الرجال على تكليف زوجاتهم أو بناتهم لإتمام الإجراءات الشرطية الخاصة بالختم على جوازات السفر، وهي حيلة لجأ هؤلاء لاستعمالها كون أن العنصر النسوي غير معني بالطوابير، وبالتالي فإن العملية تتم في ظرف قياسي ويرتاح "الفرطاس من حك الراس" كما يقول المثل الشعبي.
آخر سيارة تخرج من الميناء بعد ساعة من وصول الباخرة الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى المساحة المخصصة للمسافرين القادمين بسياراتهم جعلتنا نقف عند نوعية الخدمات المقترحة من طرف شرطة الحدود ومصالح الجمارك، الذين قاموا بتنسيق العمل لتسهيل عملية خروج المسافرين في وقت قياسي، وحسب تصريح أحد ضباط الجمارك، فإن المعاملات الجمركية تتم اليوم بطريقة سهلة وسريعة، حيث أن كل مسافر يقوم بالتصريح على ممتلكاته على متن الباخرة. ويقتصر عمل الجمركي عند الوصول على مراقبة الوثائق وتسليم تصاريح الخروج، مع مطالبة المسافر بملء الوثيقة الخاصة بالتصريح بالعملة الصعبة. من جهتهم، أكد عدد من المسافرين الذين تحدث إليهم "الشروق"، استحسانهم لمبادرة مصالح الشرطة والجمارك الذين عمدوا إلى معالجة كل وثائق السفر على متن الباخرة، مبدين أملهم في فتح شبابيك لتأمين سياراتهم على متن البواخر للتخفيف من طوابير السيارات بالقرب من شبابيك مؤسسات التأمين، مع العلم أن هذه السنة تعاقدت ثلاث مؤسسات تأمينية مع مصالح ميناء الجزائر لاقتراح خدماتها عند مخرج الرصيف الشمالي للميناء.