لايزال حلم بناء زاوية لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه حلما بالنسبة لرجل البر الحاج "بلقاسم مصباح" بعد أن قضى أكثر من عشر سنوات وهو يتكفل بإطعام طلبة القرآن المقيمين بمسجد بن عزوز بالقليعة في وضع مر يصعّب من عملية التحفيظ. علما وأن وزير الشؤون الدينية الحالي كان قد زار المسجد (الزاوية) واستمع إلى شكاوى الطلبة والمصلين وسكان القليعة ووعدهم بحل مشكلة حفظة القرآن. فاطمة رحماني الحاج بلقاسم نذر للّه بناء زاوية لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم، خاصة بعد أن تخرج من مسجد بن عزوز الضيق أكثر من مائة حافظ وعالم في الفقه والسنة. وقد اغتنم السيد فرصة زيارة وزير الشؤون الدينية للقليعة لمقام سيد علي مبارك الذي كان في السابق زاوية لتعليم القرآن، توقفت بذهاب القائم الأول ووفاته، فقال له "القليعة مدينة العلم والحضارة والمسلمين الذين هربوا بدينهم من محاكم التفتيش الإسبانية، ليس فيها "زاوية" لتحفيظ القرآن والفقه والسنة"، وأضاف: "الطلبة من كل الولايات يحفظون القرآن في مسجد عمر بن الخطاب ببن عزوز ويبيتون في المسجد ويطبخون فيه وهو ما يحزن فعلا، ولهذا نذرت أن أبني زاوية وقفا للّه وتتكفل بتسييرها الوزارة"، فرحب "غلام الله" وزير الشؤون الدينية آنذاك بالقضية وطلب من الوالي تدعيم"العملية". هذا النذر لاقى استحسانا آنذاك لدى والي تيبازة الحالي واستقبل الوالي السيد بلقاسم في مكتبه. وعن تلك الزيارة قال رجل البر للشروق »قلت للوالي هذا هو ملف الزاوية، والله إن وافقت وخصصت الأرضية لهذا الصرح القرآني سيبني الله لك بيتا في الجنة ويبني لي أنا أيضا، إن الله غني وسيغنينا من فضله وقد ولاّك الله على هذه الولاية فسهّل هذه القضية لوجه الله ليس لي أو لآخر!" وأضاف الحاج بلقاسم: "الحقيقة أن الوالي تعهد بتسهيل الأمر وأعطاني الموافقة المبدئية". للإشارة، لا توجد في ولاية تيبازة زاوية لتعليم القرآن فيما تنتشر المقامات والأضرحة والمزارات التي لاتزال تقصد من طرف العائلات. علما أن حفظة القرآن يضطرون للذهاب للزوايا البعيدة لحفظ القرآن. وحسب السيد بلقاسم وبعد انتظار دام سنة، رغم أن الأرضية موجودة وهي المعروفة "بالخروب"، كما أن نظارة الشؤون الدينية للولاية أعطت موافقتها بالإضافة إلى موافقة مديرية الأملاك ومديرية البناء والتعمير. ورغم هذا الانتظار الطويل كان رجل البر الحاج بلقاسم مصباح قد حضر كل الأوراق الضرورية وخاصة المخططات التي وضعت لأرضية "الخروب" بالقليعة الواقعة بطريق بوسماعيل على مساحة 5000 متر مربع حيث قرر أن تخصص 400 متر مربع للمسجد و400 متر مربع للمراقد والصحيات و200 متر مربع لمنزل معلم القرآن و900 متر مربع أقسام التدريس وكلها في أرض بور من العهد الاستعماري من نوع (التيف) وهي أرض غير فلاحية ومصنفة على أنها أرض قابلة للتعمير!! للإشارة، كان الشيخ الحاج "بلقاسم مصباح" أن بلّغ نذره وحلمه لرئيس المجلس الإسلامي الأعلى السيد الشيخ بوعمران أثناء زيارته للشيخ الوجدي العلامة والفقيه المعروف المقيم بالقليعة، وقد رحب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالفكرة وأبدى استعداده لدعمه، كما طلب من الوالي المساعدة في إنجاز المشروع. وأخوف ما يخافه رجل البر، الذي خصص جزء ضخما من ثروته للّه ولبناء زاوية لتحفيظ القرآن والسنة للأجيال الجزائر، هو تأثير جماعات المصالح الذين وضعوا تلك القطعة الأرضية هدفا لمطامعهم بالاستيلاء عليها لتحويلها إلى تجزئة لتصبح "فيلات" وقصورا!! وتساءل رجل البر، الذي رفض أن تذكر الشروق المبلغ الضخم الذي خصصه لإنجاز نذره، قائلا: "كيف تنتشر الأضرحة والمزارات وتغيب في مدينة القليعة وفي كل ولاية تيبازة زاوية لتعليم القرآن". وأضاف الحاج بلقاسم، أن الزاوية ستوقف عند آخر حجرة ترفع بها لوزارة الشؤون الدينية ولن تسلم لأي شخص بل ستبقى وقفا للّه ولكل حفظة القرآن الذين يضطرون اليوم للتنقل لزوايا الجنوب لحفظ كتاب الله. كما ستفتح أبوابها للطلاب من الولايات المجاورة. فهل ستحرم القليعة من الزاوية؟ الملف على مكتب الوالي محمد أوشان!