مازلت عملية التحقيق متواصلة حول نهب العقار الفلاحي وتحويل الأراضي والمستثمرات الزراعية، تبعا للعمليات المركزة والمنظمة التي باشرتها مصالح الدرك الوطني، عبر التراب الوطني، منذ شهر فيفري من العام 2005، حيث شملت إجراءات التحقيق على مستوى مختلف الإدارات والجهات التي لها صلة بالعقار، ومنها الوكالات العقارية والحفظ العقاري، قبل أن تتوصل إلى تورط عدد كبير من المسؤولين، إما بشكل مباشر أو من خلال التواطؤ، بعدما وجهت العدالة على مستوى المجالس القضائية، تكليفا لمصالح الدرك الوطني لمباشرة القضية، طبقا لتعليمات وزارة العدل، وقد استهدف هذا الإجراء جميع الأراضي الفلاحية التي منحتها الدولة من أجل الاستثمار الفلاحي، قبل تحويلها بطرق غير قانونية واستغلالها في أغراض أخرى. جمال لعلامي في سياق التحريات الأمنية، تحدثت أرقام رسمية، عن تحويل 460 من مجموع 4003 مستثمرة فلاحية بولاية وهران، وهو نفس الحال تقريبا بالنسبة للجزائر العاصمة، وحسب حصيلة التحقيقات الأولية، التي صدرت في ديسمبر الماضي، فإن العملية شملت أزيد من 1366 مستثمرة فلاحية بولاية وهران لوحدها، موزعة على 1110 مستثمرة فردية و256 مستثمرة جماعية. فضائح نهب العقار الفلاحي وتحويل المستثمرات والأراضي الزراعية، رافقه كذلك ما عُرف بفضيحة "الفلاحين المزيفين"، حيث كان وزير الفلاحة، سعيد بركات، قد أمر بفتح تحقيق قضائي، بهدف تطهير القطاع من 80 ألف مزارع مزيف ومن فلاحين إستفادوا من قروض فلاحية دون أن يسددوها في آجالها المحددة، ووفقا لتفاصيل كشفت عنها الغرفة الوطنية للفلاحة، فإن هذه الملفات تشمل 7399 فلاحا تم حذفهم نهائيا من القائمة الوطنية، من بينهم 4150 في إطار عملية التطهير التي أمرت بها الوصاية، والتي لها علاقة بأموال الدعم الفلاحي وتحويلها إلى أغراض أخرى، وحسب نفس التحقيق الذي رُفعت نتائجه إلى الحكومة في وقت سابق، فإن ما يزيد عن 20 ألف ملف خاص بالفلاحين "طايوان"، لا زالت قيد التحقيق، إضافة إلى ملفات الفلاحين الذين استفادوا من قروض من الصندوق الوطني لدعم الإنتاج الفلاحي ولم يسددوها في آجالها المحددة. واستنادا إلى نفس التحقيقات، فإن عدد الملفات فاق 60 ألف ملف، تم على إثرها توجيه تهديدات وإنذارات إلى الفلاحين، بضرورة تسديد ما عليهم من ديون، وإلا فإن الدولة ستحجز على جميع ممتلكاتهم الفلاحية، وقد تكفلت 48 لجنة تحقيق على مستوى الولايات، إلى جانب لجنة وطنية لمتابعة الأموال العمومية ومراقبة 300 ألف مستثمرة فلاحية التي أنشئت بموجب المخطط الوطني لدعم التنمية الفلاحية لتحديد التجاوزات، كما احتلت ولايات الجلفة والجزائر العاصمة وتيبازة المرتبة الأولى في قائمة نهب الأراضي الفلاحية، حيث تم إحالة أكثر من 150 ملفا على العدالة. ويذكر أن قطاع الفلاحة بالجزائر يشكل قرابة 25٪ من إجمالي عدد العمال، ويشارك في الاقتصاد الوطني بنسبة 12٪ من الناتج الداخلي الخام، ويحقق ما يقارب نسبة 15٪ من القيمة الإجمالية المضافة، بمعدل نمو مادي متوسط بلغ خلال العشريتين الأخيرتين 27٪ في سنة 1998. ومقابل الفضائح التي هزت القطاع، قالت أرقام سابقة لوزارة الفلاحة، بأن البرنامج الوطني للتنمية الفلاحية مكّن ما بين 2002 و2003 من استحداث 334500 منصب شغل وتوسيع المساحات الزراعية إلى 129700 هكتار ورفع مساحة أشجار الفواكه إلى 160000 هكتار، إضافة إلى إنشاء 7418 مؤسسة مصغرة.