شن عمال المكتبة الوطنية، الأحد، إضرابا شاملا عن العمل ، شلوا من خلاله نشاط المكتبة بالكلية، مهددين بأنه سيأخذ منحى احتجاجيا تصاعديا في حال عدم الاستجابة لمطالبهم الاجتماعية، وعدم وضع حد للأخطار الصحية التي تهدد صحة العمال وصحة التراث الثقافي الجزائري المهدد بالتلف. * وجاء إضراب عمال المكتبة الوطنية استجابة لقرار فرعيها النقابيين التابعين للاتحاد العمال الجزائريين والنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، بعد لقاءين انعقدا يومي 25 و30 ماي، بمشاركة "جميع موظفي الأسلاك الخاصة المنتسبة للمكتبة الوطنية"، واتفق العمال في ضوئهما على شن إضراب يومي 1 و 2 جوان، ثم إتباعه بآخر أيام 6 و7 و 8 جوان، على أن يدخلوا في إضراب شامل بداية من 12 جوان في حال لم تتحقق قائمة مطالبهم. وكشف رئيسا الفرعين النقابيين المنظمين للإضراب بأن وفدا عن العمال قد اجتمع، السبت، ب"سيدي بومدين" مستشار وزيرة الثقافة، بعد دعوة للحوار تلقوها من الوزارة الوصية، وبأن المستشار "قابلهم بتفهم وبنية طيبة"، غير أن "الحوار لم يتوج بأي وعود أو قرارات ملموسة". ويأتي على رأس المطالب الاجتماعية للعمال تمكينهم من الاستفادة من نظام تعويضي خاص، واستحداث قانون أساسي للمؤسسة بما يمكن من تنظيمها هيكليا، وإدماج العمال المتعاقدين الذين منهم من يعمل بالتعاقد منذ 20 سنة دون ترسيم، وتوفير خدمة النقل، كما يطالب العمال بالاستفادة من منحة الخطر والتوثيق. وحماية صحتهم التي قالوا أن خطرا كبيرا يهددها. وندد "نور الدين بومغرة"، رئيس الفرع النقابي لاتحاد العمال في تصريح للشروق ب"الظروف الصحية المأساوية التي يزاول فيها عمال المكتبة عملهم"، وكشف عدد من العمال المضربين للشروق بأن "الفطريات تكتسح رفوف المكتبة الوطنية ولا تضر فقط برصيدها التراثي، إنما أيضا بصحة العمال، حتى أن عددا كبيرا منهم أصيب بمختلف أنواع الحساسية وبأمراض أخرى، ومن بينهم نساء فقدن جنينهن قبل موعد الولادة"، مطالبين بوضع حد لهذا الخطر وبالتكفل الصحي بكل الحالات المرضية الناتجة عن ظروف العمل، "مثل حالة إحدى العاملات التي أغمي عليها داخل المكتبة ومازالت ترقد في العناية المركزة". وحذر عمال المكتبة الوطنية من أن "كما كبيرا من المخطوطات والكتب ومختلف أشكال التراث الثقافي يتهددها خطر التلف في ظل ظروف الحفظ المتدهورة وعدم العناية العلمية بحفظها وصيانتها". كما استنكروا ما وصفوه ب"حالة التدهور والإهمال التي ترزح تحتها المكتبة الوطنية "، حيث قالوا أنها "تعاني من تسرب قطرات الماء مع كل هطول للمطر، ما يحول الأرضية إلى برك منتشرة، رغم وضع الدلاء على الأرض للوقاية منها. كما قالوا أن " الطابق التاسع المخصص لكتب الإهداء والتبادل فيما بين المكتبات أصبح ساحة للجرذان تتجول فيها على هواها وتعيث فيها فسادا". وفي رده على مطالب العمال المضربين، قال، عز الدين ميهوبي، مدير المكتبة الوطنية، للشروق بأن "مطالب العمال بما فيها النظام التعويضي والقانون الأساسي، هي الآن قيد الدراسة بين لجنة مشتركة تضم ممثلين عن المكتبة، و وزارتي الثقافة والمالية، ومديرية الوظيفة العمومية" وبأن الإعلان عن نتائجها صار مسألة وقت فقط. وأقر ميهوبي بحق العمال في الإضراب غير أنه نبه إلى أن البعض يحاولون تسويق مطالبهم بركوب بعض المسائل التي هي أساسا من أولوياته ودخلت فعلا ضمن ما يبذله من جهود لحلها، ويتعلق الأمر هنا بالحالة المزرية التي تهدد كما كبيرا من تراث المكتبة بالتلف، وهي الحالة التي اعترف بها ميهوبي، وقال أنها نتاج تراكمات سابقة لسياسات إدارية غير موفقة، غلب عليها النشاط الثقاقي، في حين أن الأهم أمام تلك الوضعية هو حفظ رصيد المكتبة من التلف، مشيرا إلى أن ذلك هو أولويته الأولى التي بدأ في العمل عليها بالتنسيق مع منظمة اليونيسكو