في جو الفوضى التي تحدث في منظومتنا الكروية، خاصة وأن المال على العموم موجود ورؤساء الأندية في غالبيتهم غير محترفين، ضاعت الملايير على استقدامات من خارج الوطن على بعض اللاعبين الذين أثاروا الضحك، وأيضا البكاء على كرتنا التي كنا فيها أسياد إفريقيا، وصرنا نعجز فيها أمام تنزانيا وإفريقيا الوسطى وغيرهما من المنتخبات المجهرية .. في عام 1998 وبالرغم من تتويج شباب قسنطينة باللقب الوطني لأول مرة ومشاركته في أول بطولة لرابطة الأبطال الإفريقية بصيغتها الجديدة، إلا أن النادي طمع في لاعبين كبار من أمثال سوماري السنغالي الذي نجح مع الشباب قبل أن يقرر السفر للعب مع نادي النجمة اللبناني فتهاطل على النادي العشرات من الأفارقة منهم من لا يتقن حتى ترويض الكرة ومنهم لاعب في سن 20، وهو من ليبيريا ميزته الوحيدة أنه التقط صورة مع النجم العالمي جورج وييا الذي كان حينها صاحب الكرة الذهبية الأوروبية مع آسي ميلانو .. والغريب أن أنصار الشباب من السنافير كانوا يتصوّرون مع هذا اللاعب على أساس أنه صديق حميم لجورج وييا وكان يقول للأنصار إنه سيكون أحسن منه وأن جورج وييا اقترحه على آسي ميلانو، ولكنه فضل اللعب مع السنافير لأنهم أحسن من أنصار سان سيرو .. وإذا كان الكذب عمره قصير فإنه كان طويلا مع هذا النكرة الذي بقي يأكل ويشرب في فندق المرحبة بقسنطينة لمدة عام قبل أن يتم طرده، ولكن بعد أن أضاعت الإدارة عليه الملايين.. لاعب آخر من التشاد في سنه العشرين كان واضحا أنه هرب من الحرب الأهلية ومن المجاعة التي اعتصرت انجامينا فقدم نفسه كلاعب في اتحاد عنابة وقبل أن يستقر الرأي على إمكانية الاحتفاظ به أي قبل التجارب والاختبارات وهذا في صائفة 2001 اشترط على النادي استقدام والديه وإخوته واتضح أن القائمة فيها قرابة الستين فردا من عشيرته الذين كانوا يموتون من الجوع، قد يكون المتعهدون وتجار الأقدام هم السبب في تقديم النوعية الرديئة والمغشوشة أيضا من اللاعبين الأفارقة ولحسن الحظ أن اتحادية الكرة منعت انتداب اللاعبين الأفارقة لفرق الدرجات السفلى، وإلا لتغيّر لون البشرة نهائيا في البطولات الجزائرية .. بعض اللاعبين الأفارقة فضلوا كسر روتين الميادين بتسريحات خاصة كما فعل يونتشا الذي تقمص ألوان أهلي البرج عدة سنوات قبل أن يغادر النادي إلى البطولة القطرية التي فشل فيها، كما أن آخرين رسموا أوشاما وتسريحات خاصة ووضعوا أقراطا وآخرون فضلوا العزف على الوازع الديني بإعلانهم اعتناق الدين الإسلامي، كما فعل يونتوب نجم أهلي البرج الذي تعرض لحادث مرور خطير كاد يودي بحياته وأيضا اللاعب الإيفواري عمر بارو مع مولودية قسنطينة عندما كانت تنشط في الدرجة الأولى، حيث تزوّج من شابة من المدينة وحصل على الجنسية وطمع حتى في اللعب للمنتخب الوطني .. كل هاته الأحداث والخدع في كفة، أما المستوى الذي ظهر به بعض اللاعبين فكان كارثة، لأنه تأكد أن بعضهم لم يلعب الكرة في حياته وآخرون وصلوا إلى الجزائر من أجل أن يكونوا إسكافيين أو من أجل الحرڤة عبر زوارق الموت، وغالبيتهم من أجل أن لا يموتوا من الحروب الأهلية والمجاعات ليجدوا أنفسهم في أندية عريقة مثل مولودية العاصمة ومولودية وهران وشباب قسنطينة وكأن بطن الجزائر عقرت عن إنجاب لاعبي الكرة. * من حراس المرمى الأوروبيين إلى اللاعبين الأفارقة * البداية مع البرتغالي غوماز واليوغسلافي ماركوفيتش، وعين البيضاء أول من استقدم البوركينابيين * ب.عيسى * التواجد الأجنبي في البطولات الكروية الجزائرية مازال من دون أي تأثير ولم يرق إلى ما بلغه في المغرب وتونس ومصر، رغم أن البطولات الجزائرية منذ الاستقلال شهدت قدوم كبار اللاعبين الأجانب، وبقي الأمر إلى غاية السبعينات من القرن الماضي، محصورا على حراس المرمى الذين مازالوا خالدين في الذاكرة الكروية الشعبية الجزائرية، وأولهم الحارس البرتغالي غوميز الذي حرس مرمى شباب جيجل في الستينات، وكان أسطورة حقيقية ومازال لحد الآن أحسن حارس في تاريخ النادي رغم أن شباب جيجل في عهده لم ينعم باللعب في القسم الأول، وعندما صعد النادي كان غوميز قد اعتزل وترك مكانه للحارس بوقطة ولم يُعمّر تواجد النمرة في القسم الأول أكثر من موسم واحد، أما الحارس الأكثر شهرة فهو اليوغوسلافي ماركوفيتش الذي حرس مرمى وداد تلمسان لمدة قاربت العشر سنوات، وكان اختصاصي في توقيف ضربات الجزاء، والغريب أن الحارس اليوغوسلافي الشهير الذي بقي وفيا لتلمسان وبقيت هي وفية له عاد منذ خمس سنوات إلى عاصمة الزيانيين واستقدم معه ابنه لحراسة مرمى الوداد، وبقي حارسا ثالثا في النادي لمدة عام قبل أن تقرر إدارة النادي تسريحه بسبب محدودية إمكانياته مع الحفاظ على خيط الود مع والده الحارس الكبير، أما الحارس الثالث الذي نشط في البطولة الجزائرية الأولى فهو كمال ين كارية وهو تونسي الجنسية لعب مع الجيل الذهبي لمولودية قسنطينة لمدة عامين في بداية السبعينات قبل أن يعتزل، واتضح أن الموك منحت الفرصة لهذا الحارس الدولي الكبير الذي تزامن ظهوره مع جيل الحراس التونسي مثل عتوقة ونايلي لأنه تعرض للعقاب من طرف الاتحاد التونسي، ووصل مع الموك للمركز الثاني في البطولة، وكان ضمن الفريق الذي تلاعب بشباب قسنطينة في اللقاء الذي مازال في الذاكرة الذي توّج الموك بأربعة أهداف مقابل هدفين، مع الإشارة إلى أن كمال سبق له وأن كان الحارس الاحتياطي للأسطورة ساسي عتوقة .. ولكن منذ عام 1990 بدأت الوجهة الإفريقية تفرض نفسها بقوة وحمل المشعل نادي اتحاد عين البيضاء الذي كان ينشط في الدرجة الأولى، حيث منح الفريق الفرصة للاعبين من بوركينا فاسو التي كانت تسمى فولتا العليا هما موسى توري وموسى نداي ونجحا على الأقل في جلب الانتباه في سنة 1990 والدليل على ذلك أن اللاعبين تقمصا ألوان شبيبة القبائل في الموسم الموالي .. ومنذ هذه التجربة والأفارقة يحطون الرحال مع كل الأندية من دون استثناء، ولا يوجد أي فريق رفض الإستقدامات رغم أن الأمر يعني فرق الدرجة الأولى فقط .. أما من حيث المدربين فإن عدد الأفارقة قليل جدا ومنهم مدرب كاميروني قاد الفرق الصغيرة في شرق البلاد والمصري البقري وبقيت الغلبة للأوروبيين. * * الكاميرون تتصدر القائمة بستة لاعبين..وموريتانيا حاضرة بلاعب * 25 إفريقيا في البطولة الوطنية..وجدل حول "فائدتهم" في كرة القدم الجزائرية * توفيق عمارة * تتميز الرابطة المحترفة الأولى هذا الموسم بتواصل تواجد اللاعبين الأفارقة في مختلف الأندية، رغم القوانين التي سنتها الفاف منذ موسمين من أجل الحد من استقدام اللاعبين الأفارقة في البطولة الوطنية، على خلفية الفوضى التي تحكمت في سوق انتقالاتهم خلال السنوات الأخيرة، واحتراف لاعبين متواضعين جدا وبسير ذاتية غنية في الأندية الجزائرية، التي لازال الكثير من مسيّريها ومدربيها مقتنعين بقدرة تقديم اللاعبين الأفارقة للإضافة المرجوة، وتشهد الرابطة المحترفة الأولى هذا الموسم، بعد أن تم حظر استقدام أندية الرابطة المحترفة الثانية استقدام اللاعبين الأفارقة، احتراف 25 لاعبا من القارة السمراء بخمسة عشر ناديا، مادام أن اتحاد الحراش هو النادي الوحيد غير المقتنع على ما يبدو بجدوى هؤلاء اللاعبين. * ويتصدر اللاعبون الكاميرونيون لائحة الأفارقة المحترفين في البطولة الجزائرية، بستة لاعبين، ويأتي بعدهم كل من مالي، غانا وبوركينا فاسو بثلاثة لاعبين لكل بلد، فغينيا ومدغشقر بلاعبين، في حين مثلت دول النيجر، كوت ديفوار، نيجيريا، إفريقيا الوسطى، موريتانيا ولاعب من تونس، وعلى غير العادة سيكون اللاعبون الغانيون هذا الموسم قبلة اهتمام المتتبعين، خاصة بعد أن قيل الكثير عن لاعبي الوفاق أسامواه وأوبانغ، ولعدم تعود الأندية الجزائرية على استقدام اللاعبين الغانيين بسبب عامل اللغة، على عكس اللاعبين الكاميرونيين، الماليين والبوركينابيين، المتعودين على أجواء الملاعب الجزائرية. * * تجربة جديدة للوفاق..والنصرية والكاب استثمار في "الماضي" * قرر وفاق سطيف هذا الموسم، وهو من الفرق التي عرفت تجارب ناجحة قليلة مع اللاعبين الأفارقة (كيتا وسيريدي)، الاستثمار في ورقة اللاعبين الغانيين أو بالأحرى الكرة الأنجلوساكسونية، بعد أن استثمر كثيرا في لاعبي إفريقيا الفرانكفونية، حيث يعوّل كثيرا على لاعبيه الجديدين أسامواه وأوبانغ لفتح صفحة جديدة مع أنصاره، بعد إخفاقه الموسم الفارط، لا سيما أن الجميع يعرف مدى قوة الكرة الغانية إفريقيا وعالميا على مستوى الشبان، في حين فضلت أندية أخرى عدم المغامرة والاستثمار في "القيم الثابتة"، على غرار نصر حسن داي، الذي استقدم لاعبه السابق النيجيري جيمي، والذي تألق خلال الفترة التي لعب بها في الجزائر، أما شباب باتنة فاستقدم لاعب مولودية سعيدة السابق ولد تيڤيدي المعروف، والذي تألق بشكل لافت في الجزائر قبل أن يحترف في المغرب، والذي سيحمل ألوان الكاب رفقة الكاميروني فرانسوا كوفانا. * * بطل الجزائر ابتعد عن المغامرة * من جهة أخرى فضّل بطل الجزائر جمعية الشلف عدم المغامرة باستقدام لاعبين أفارقة جدد، وهو المقبل على المشاركة في رابطة الأبطال الإفريقية لأول مرة في تاريخه، حيث احتفظ بمهاجمه الكاميروني بول بياغا وعزز صفوفه بلاعب وفاق سطيف السابق الكاميروني فرانسيس أومبان، الذي يعرف أجواء الملاعب الجزائرية جيدا، وهي المعطيات ربما التي كانت وراء خيار إدارة عبد الكريم مدوار. * * اتحاد الحراش غير مقتنع بالأفارقة * إلى ذلك صنع فريق اتحاد الحراش الاستثناء الوحيد في بطولة هذا الموسم، من خلال عزوفه عن استقدام أي لاعب إفريقي لتدعيم صفوفه، حيث يبدو أن المدرب بوعلام شارف غير مقتنع بجدوى استقدام لاعبين من القارة السمراء من المستوى الثاني أو الثالث لتدعيم صفوف الفريق، خاصة أن أفضل اللاعبين الأفارقة يختارون أوروبا للاحتراف، ثم الخليج، مصر، تونس والمغرب، ويعرف عن اتحاد الحراش عدم اهتمامه بلاعبي القارة السمراء، حيث كانت تجربته معهم محدودة جدا. * * انقسام وجدل حول الإضافة التي يقدموها للبطولة * ويظل موضوع اللاعبين الأفارقة بالجزائر محل جدل كبير منذ بداية احتراف هؤلاء في البطولة الوطنية، حيث ينقسم المتتبعون بين مؤيد لاستقدامهم ومعارض للاعتماد عليهم، ويستند المؤيدون إلى نجاح تجربة اللاعبين الأفارقة عبر العالم وحتى في الجزائر، معطين مثالا بأسماء بعض اللاعبين الأفارقة الذين نجحوا في البطولة الوطنية، على غرار إينيرامو وديالو مع اتحاد الجزائر، كيتا وسيريدي مع وفاق سطيف، دياكيتي مع مولودية الجزائر ودابو مع شبيبة القبائل، في حين يقول المعارضون عن استقدام اللاعبين الأفارقة إن الأندية الجزائرية تستقدم لاعبين ذوي مستوى متواضع جدا، والتجارب الفاشلة أكثر بكثير من التجارب الناجحة التي تعد على الأصابع مقارنة بالعدد الكبير من الأفارقة، الذين لعبوا في الجزائر. * * * قائمة اللاعبين الأفارقة في البطولة الوطنية * و.سطيف * أسامواه أليك وأوبانغ عبد الصمد "غانا" * م.الجزائر * أوسالي "بوركينا فاسو" ومويتانغ "الكاميرون" * م.العلمة * ديارا عبد الرحمن "بوركينافاسو" وبولبيطة السعفي "تونس" * ش.باتنة * سيد أحمد ولد تيڤيدي "موريتانيا" وفرانسوا كوفانا "الكاميرون" * ش.قسنطينة * إيفوسا "نيجيريا" وجيل نغومو "الكاميرون" * ج.الشلف * بول بياغا وفرانسيس أومبان "الكاميرون" * م.سعيدة * بكايوكو سيسكو "مالي" وكمارا محمد "غينيا" * م.هران * أدو داغولو "إفريقيا الوسطى" * ج.الخروب * كوفي ميشاك "كوت ديفوار" وحمادة محمد "مدغشقر" * ش.القبائل * مدني كمارا "غينيا" * و.تلمسان * كارليس أندري "مدغشقر" وطراوري "بوركينا فاسو" * ش.بجاية * يابون ويليام "الكاميرون" * ش.بلوزداد * دين الشريف "غانا" * ن.حسين داي * جيمي "النيجر" * ا.الجزائر * عبداللاي مايغا وأمادو ديامونتي "مالي" * * غانا : 3 لاعبين * مالي: 3 لاعبين * الكاميرون: 6 لاعبين * بوركينا فاسو: 3 لاعبين * غينيا: لاعبان * مدغشقر: لاعبان * النيجر: لاعب * كوت ديفوار: لاعب * إفريقيا الوسطى: لاعب * نيجيريا: لاعب * تونسي: لاعب * موريتانيا: لاعب