انطلقت أمس، محاكمة المتهمين في قضية اختلاس أموال عمومية ببريد عين صالح بعد أربع سنوات من التحقيقات القضائية، التي بدأت بتاريخ 9 نوفمبر 2002 بناء على شكوى قدمها المدير الولائي للبريد لولاية تمنراست بسبب اكتشاف ثغرة مالية تقدر ب 22.8 مليار سنتيم في حسابات قابض بريد عين صالح والذي توفي في حادث مرور شهر أوت 2004 قبل انطلاق المحاكمة. غير أن توسيع التحقيقات القضائية إلى أطراف أخرى أسفر عن قائمة طويلة تضم أكثر من عشرة متهمين بناء عن تصريحات القابض قبل وفاته أمام قاضي التحقيق منهم خمسة مفتشين ولائيين وجهويين تورطوا في القضية بسبب عدم تبليغهم عن أصل الثغرة المالية، رغم مهمات التفتيش التي كانوا يقومون بها. تفاصيل القضية الحساسة، كما وصفها المحامون أمس، أمام هيئة محكمة عين صالح، تعود إلى تاريخ 4 نوفمبر 2002، تاريخ اكتشاف الاختلاس من خزينة البريد والذي تم خلال الفترة الزمنية الممتدة بين سنة 1995 و2002، حيث تشير أقوال القابض المتوفي والمدونة في محضر قاضي التحقيق إلى أنه اكتشف ثغرة مالية بقيمة 500 مليون سنة 1995 ولم يبلغ عنها أحد وبقي العجز يتزايد وأنه كان يقوم بعملية تحويل وهمية لصالح القباضة الرئيسية لولاية تمنراست وهذا التحويل يشمل المبلغ الناقص، أي حجم الثغرة المالية. وقد استغرقت التحقيقات وقتا طويلا بسبب إتلاف وحرق كم كبير من الوثائق المصرفية والشيكات مباشرة بعد توقيف المتهم الرئيسي في القضية. كما أكد الخبير المالي أن الأموال المختلسة لم يتم تحويلها، بل أخذت مباشرة كسيولة من صندوق القابض ولم يعثر في قائمة حركة الحساب البريدي الجاري على شيكات بدون رصيد بمبالغ ضخمة. ومثل المتهمون أمس، أمام المحكمة وكلهم ينكرون التهم المنسوبة إليهم، وحجة البعض أن لا علاقة لهم بالسيولة المالية ولا بالخزينة ولا بتحويل الأموال، حسب ما صرح به مفتش شبابيك البريد ورئيس المصلحة المالية وغيرهم. وبخصوص المفتشين والبالغ عددهم 05، فهم متابعون بتهمة الإهمال لواجبهم المهني، مما سهل على المتهم تبديد واختلاس الأموال العمومية وعدم الإشارة في تقاريرهم التي كانوا يعدّونها لاحتفاظ القابض بالصندوق بمبالغ مالية تفوق الحد الأقصى المحدد، ويطالبون بتزويد مركز البريد بعين صالح بمبالغ مالية تفوق الحد الأقصى بكثير. كما أن المفتشين، حسب نفس التهم الموجهة إليهم، لم يتأكدوا من حركة الأموال الخارجية التي صرح بشأنها رئيس المصلحة المالية، وهو أحد المتهمين في القضية، وأنه لم يوافوه بالوثائق وعدم التأكد ميدانيا من صحة المصاريف المعتمدة والمبالغ المحولة من قباضة عين صالح الى القباضة الرئيسية بتمنراست في شكل مصاريف. وتعتبر قضية بريد عين صالح من أثقل قضايا الاختلاس في ولاية تمنراست لتشابك معطياتها، ما أدى إلى تأجيل الفصل فيها لمدة طويلة، وينتظر أن تنطق المحكمة، بعد الانتهاء من استجواب المتهمين والشهود، بالأحكام القضائية خلال الجلسات القادمة. ليلى مصلوب