فتحت وزارة الصحة تحقيقا معمقا لمعرفة من يقف وراء الندرة المفتعلة في مواد التخدير التي تستعمل في مختلف العمليات الجراحية، حيث تشهد هذه الأيام العديد من المستشفيات المتواجدة على مستوى العاصمة ندرة محسوسة في مخدر الجراحة، إضافة إلى القفازات التي يستعملها الجراحين، الأمر الذي تسبب في تعطيل وتأجيل العمليات الجراحية، مما انعكس على صحة المرضى. أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات «جمال ولد عباس» أمس أن الندرة الحادة التي يشهدها مخدر الجراحة على مستوى المستشفيات غير معقولة ومفتعلة، وفي هذا الإطار كشف أنه تم فتح تحقيق في القضية لمعرفة الأيادي التي تقف وراء هذه الأزمة. وقال «ولد عباس»، خلال اليوم الإعلامي الذي نظم أمس بمستشفى بني مسوس لإحياء العملية المائة لزرع الكلى في هذه المستشفى، أن وزارة الصحة «وفرت مخزونا يكفي لستة أشهر لمادة مخدر الجراحة، كما تم وضع برنامج لتزويد جميع الطلبيات لكل المستشفيات والمراكز الصحية بهذه المادة المهمة في عملية الجراحة لكن مع ذلك، اصطدمنا بندرة حادة أخرى في هذه المادة مما يعني أن هناك مشاكل أخرى تحول دون وصول هذه المادة الطبية للمواطن حتى يستفيد من العملية الجراحية التي يحتاجها». وقد اعترفت نقابات الصحة بوجود أزمة في مادة مخدر الجراحة وكذلك القفازات الوقائية، على لسان الدكتور «إلياس مرابط» رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، الذي أوضح أن هذا الإشكال يتسبب بالضرورة في معاناة المرضى وتعطيل عمليات الجراحة خاصة المستعجلة منها، لأن الطبيب الجراح ليس بإمكانه القيام بإجراء العملية بدون الوسائل والإمكانيات الضرورية لها، لأن الأمر ينعكس سلبا على صحة المريض، موضحا أن تأجيل العملية الجراحية للمريض قد تتسبب في مضاعفات صحية تهدد حياته، والسبب في ندرة الأدوية باختلافها، حسب محدثنا، يعود إلى فشل منظومة تسيير سوق الدواء في بلادنا واعتمادها بنسبة 80 بالمائة على الاستيراد وهو ما اعترف به وزير الصحة شخصيا، حسب قول ذات المتحدث، الذي أضاف أن استمرارنا في الاعتماد على الاستيراد لتغطية سوق الدواء، يهدد بمشاكل أكبر في الأفق وكذلك ارتفاع الغلاف المالي الذي يتم إنفاقه على الدواء إلى 3 ملايير ونصف مليار دولار في غضون 2020. وأرجعت نقابات الصحة السبب إلى فشل منظومة تسيير سوق الدواء في بلادنا وكذا اعتمادها على الاستيراد، فيما ألقى مجلس أخلاقيات مهنة الطب المسؤولية على عاتق السلطات العمومية الممثلة في وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات. وتسببت الندرة في مادة مخدر الجراحة وكذا النقص في القفازات المستعملة خلال العمليات الجراحية في مشاكل كبيرة بالمستشفيات، وأدت إلى تعميق معاناة المرضى وتهديد حياتهم خاصة بالنسبة للمرضى الذين هم بحاجة لعمليات جراحية مستعجلة، ومنهم مرضى السرطان، وهو ما أوضحه لنا بعض ذويهم عند استطلاعنا الأمر في عدة مستشفيات بالعاصمة منها مستشفى مصطفى باشا ومستشفى مايو وبارني. ومن جهته، ألقى «بقاط بركاني» رئيس مجلس أخلاقيات مهنة الطب، المسؤولية على كاهل السلطات العمومية الممثلة في وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، لأنها المسؤولة على تسيير منظومة الدواء والحفاظ على صحة المواطن، موضحا أن ندرة مادة مخدر الجراحة قد تتسبب في تعطيل 50 بالمائة من العمليات الجراحية أي نصفها الأمر الذي ينعكس سلبا على صحة المريض ويعرضه للخطر خاصة إذا كانت العملية الجراحية التي لابد من إجرائها مستعجلة. وصرح بركاني، أن هناك اختلال في تنظيم توزيع الدواء من طرف الصيدلية المركزية، مما تسبب في أزمة لدى المستشفيات صنعها نقص مخدر الجراحة وبعض الأدوات الخاصة بإجراء العمليات الجراحية.