تزايدات شكاوى ومعاناة الكثير من النساء الحوامل من ندرة بعض الأدوية الخاصة بهن على مستوى الصيدليات، وهو ما أشارت إليه شهادات الكثير من الأطباء المختصين في أمراض النساء، ودفع هذا الواقع بهؤلاء الأطباء إلى تفادي تشخيص أدوية في الوصفة الطبية مثل «ميكرولاكس» وكذا «كولبوثروفين» لإدراكهم بأنهما غير متوفرين رغم أهميتهما في تحضير الحامل إلى لحظة الولادة وكذا تسهيل عملية الهضم. أكد أحد الصيادلة الذين تحدثت معهم «الأيام» حول هذه الإشكالية أنه من الصعوبة تحديد الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا النقص الحاد في الأدوية الخاصة بالنساء الحوامل، حيث أشار إلى أن الصيدليات راسلت مستوردي الدواء وأبلغتهم بالمعضلة من أجل تجاوزها لكن من دون جدوى، مضيفا أنه أصبح مطلوبا من الأطباء والأطباء الأخصائيين عدم تشخيص بعض من هذه الأدوية ضمن الوصفة الطبية حتى لا يقع هنالك أيّ إشكال. ولكن المثير للاستغراب هو أن عجز المستوردين في تقديم المبرّرات واستمرار معاناة النساء الحوامل يأتي بعد أيام قليلة من تصريحات المسؤول الأول على قطاع الصحة، «جمال ولد عباس»، الذي تعهّد بأن لا يتم تسجيل أي نقص في أي نوع من الدواء خلال السنة الحالية وحتى العام المقبل، وهو الالتزام الذي يبدو أنه لم يتحقّق في ظل ما وصفته إحدى النساء الحاملات المقبلات على وضع المولود قريبا ب «المأساة» بالنظر إلى أهمية بعض الأدوية في تسهيل عملية الوضع. وحسب ما توفّر من معطيات فإن من أبرز الأدوية المفقودة كليا في الصيدليات التي دواء «كولبوثروفين» الخاص بتسهيل الطلق والتحضير للولادة، إلى جانب دواء آخر لا يقل طلبا عليه ويتعلق الأمر ب «ميكرولاكس» الذي يساهم بدرجة كبيرة في تسهيل عملية الهضم حتى لا تُؤثر على المرأة الحامل أثناء الوضع كما يفيد أيضا المولود الجديد ويساعده هو الآخر على الهضم وفق ما أفاد به أحد الصيادلة. ولتشخيص المعاناة بشكل أقرب تحدّثت امرأة حامل تقول: «لقد بحثت لعدة أيام على دواء الكولبوثروفين في الكثير من الصيدليات بالعاصمة لكن غالبا ما يوجهني الصيادلة إلى البلديات التي لا تشهد حركة كبيرة أملا في أن أجده خصوصا الصيدليات التي لا يقصدها الكثير من المواطنين عسى أن يكون مخزون الدواء لم ينفد»، وذهبت امرأة أخرى في السياق نفسه «لقد تمكنت بصعوبة أن أجد عُلبتين في إحدى الصيدليات خارج العاصمة لكنها تبقى غير كافية كون الطبيبة وصفت لي خمس عُلب»، دون أن تخفي تخوّفها من استمرار هذه الوضعية. وفي انتظار تدخّل مصالح وزارة الصحة لتفادي تفاقم الوضع، أفادت إحصائيات حديثة كشف عنها المعهد الوطني للصحة العمومية أن نسبة وفيات الأطفال حديثي الولادة عرفت ارتفاعا نسبيا في 12 ولاية عبر الوطن بنسبة تُعادل 40 في المائة في قائمة تضمّم 12 ولاية وهي العاصمة، عنابة، وهران وقسنطينة إضافة إلى ولايات الأغواط، ورڤلة، مستغانم، بشار، تيارت، باتنة، تبسة وخنشلة، كما أوردت معطيات المعهد أن 50 بالمائة من هؤلاء الأطفال يتوفون خلال 24 ساعة بعد ولادتهم. ويُرجع طبيب مختص في أمراض النساء بمستشفى «مصطفى باشا» الجامعي بالعاصمة أسباب هذه المضاعفات إلى الولادة المبكرة والاختناق، مشيرا إلى أن التشوّهات التي تلحق الأطفال حديثي الولادة تعود إلى عدة عوامل من بينها المضاعفات التي تنقلها الأم إلى رضيعها، وتعفنات ما بعد الولادة ناهيك عن النقص في تكوين الأطباء والموارد البشرية المكلفين برعاية المرأة الحامل ورضيعها