هاجم رئيس الوزراء التركي، «رجب طيب أردوغان»، السلطات الفرنسية على خلفية استعداد برلمانها للتصويت على مشروع قانون تجريم إنكار تعرض الأرمن إبان حكم الإمبراطورية العثمانية إلى «إبادة جماعية»، ملمّحا إلى أنه من غير المقبول أن يقدموا على هذا الفعل وينسوا الجرائم التي ارتكبت في الجزائر، واصفا الماضي الاستعماري الفرنسي في بلادنا ب «الدامي القذر». تأتي تصريحات رئيس الوزراء التركي في وقت تسعى فيه الجمعية الوطنية الفرنسية إلى تجريم ما تسميه باريس «الإبادة» في حق الأرمن التي اقترفت في العهد العثماني، وذلك بإيعاز من حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي ينتمي إليه «ساركوزي»، حيث سيصوّت النواب الخميس المقبل على مشروع قانون بهذا الخصوص، ولذلك فإن «أردوغان» سارع إلى توجيه النُصح للفرنسيين من أجل «تسليط الضوء على ما حدث في الجزائر ورواندا ودور الجنود الفرنسيين». وصرّح «طيب أردوغان» للصحفيين أمس في العاصمة اسطنبول قائلا: «لا يُمكن لمؤرخ أو سياسي أن يرى إبادة في ماضينا، من يُريد أن يرى إبادة عليه أن ينظر إلى تاريخه الدامي القذر» في إشارة واضحة منه إلى الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في حق الجزائريين إبان الحقبة الاستعمارية. وحتى وإن كان تصريح «أردوغان» هو في الواقع ردّ فعل طبيعي على المشروع المذكور، فإنه يبقى موقفا مشرّفا يستوجب على السلطات الرسمية في الجزائر استغلاله باعتباره ورقة دعم رابحة في مثل هذا الظرف. وعلى إثر ذلك فقد جدّد «رجب طيب أردوغان» مطالبة النواب الفرنسيين بعدم تبني مسودة قانون حول إبادة الأرمن، محذرا من أن مثل هذا القانون سيضرّ بالعلاقات بين البلدين، وخاطب النواب قبل أربعة أيام من التصويت على مشروع قانون تجريم إنكار تعرّض الأرمن خلال الإمبراطورية العثمانية إلى إبادة جماعية، معبرّا في الوقت نفسه عن أمله في أن «تعدل الجمعية الوطنية الفرنسية عن هذا الخطأ المتمثل في تجريم نفي أكاذيب تاريخية». وفي سياق مهاجمته فرنسا وماضيها الاستعماري «الدامي»، تابع المسؤول التركي تصريحه بالتأكيد أن بلاده «ستعارض بكافة الوسائل الدبلوماسية هذه التحركات الشعبوية الظالمة اللامشروعة»، وبرأيه فإن مشروع القانون المذكور «يأتي لحشد الأصوات الانتخابية قبل الانتخابات الرئاسية الفرنسية العام المقبل»، مثلما طالب من الرئيس الفرنسي ب «إجهاض» مشروع القانون أو «مواجهة عواقب» وصفها ب «الخطيرة لا يمكن العدول عنها تمس العلاقات الفرنسية-التركية». وفي غضون ذلك من المنتظر أن يصوّت البرلمان الفرنسي على مشروع القانون الخميس المقبل ومن شأن إقراره تجريم إنكار تعرض الأرمن إبان الإمبراطورية العثمانية إلى إبادة جماعية، وهو التحرك الذي تقاومه أنقرة منذ فترة طويلة. وفي حال تقرّر تبني القانون في الأسبوع المقبل، سيعاقب أي شخص ينكر علنا وقوع إبادة للأرمن بعقوبة قد تصل إلى السجن عاما وغرامة 45 ألف أورو ما يعادل 450 مليون سنتيم. وقد اعترفت فرنسا في عام 2001 بعمليات القتل باعتبارها عملية إبادة جماعية، ويعيش في فرنسا عدد كبير من الفرنسيين من أصول أرمينية.