أصدر الكاتب الروائي التركي أورهان باموق (1952، إسطنبول)، الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 2006، مؤخراً كتابه الجديد (الروائي الساذج والوجداني)، والذي يتحدث فيه عن القراءات التي تقف خلف إبداعه الأدبي. وكانت خفايا القصة هذه، هي أيضاً محور الكتب الأخيرة لأمبرتو إيكو، وخورخي فالبي، وشارل دانتزغ. في كتابه الأخير، يتساءل أورهان باموق عن ماهية الكتاب الذي كانت آنا كارنينا تقرأ فيه، في المشهد الرائع من رواية تولستوي، وهي في القطار. وعندما يُطلب منه توضيحاً لذلك يقول: “بلى، سوف أوضح هذا الأمر. لقد كتبت خمسة فصول للندوات التي أقمتها في جامعة هارفرد، ومن ثمّ قررت أن أكتب الفصل الأخير منها هناك. وخلال إحدى هذه الندوات، التي امتلأت القاعة حينها بالجمهور، سألت الحضور عن اسم الكتاب الذي كانت آنا كارنينا تقرأ فيه، في ذلك المشهد. وكان غالبية الجمهور من أساتذة الأدب الروسي، ولم يكن لديهم الجواب. البعض منهم قال أنها كانت تقرأ لجورج إليوت، لكن، في حقيقة الأمر، لا أحد يعلم، ولا حتى أكثر الناس علماً. ولم أذكر في كتابي أنا كارنينا فقط، بل كابريرا إنفانتي، وكورتازار، وغارسيّا ماركيز، وجوليان بارنز. ويعود السبب في التذكير بهؤلاء الكتاب لقدرتهم على الخلق، ولبصيرتهم الحاذقة. وكان لهؤلاء تأثيرهم عليّ، في فترة ما بعد الحداثة. غير أن الكتّاب الكلاسيكيين، وأبطالي الحقيقيين هم تولستوي وبروست... ومع ذلك، أعتقد أن آنا كارنينا هي أفضل رواية مكتوبة على الإطلاق. لقد قرأتها لمراتٍ عديدة. وفي هذا الأسبوع ، على وجه التحديد، كان المفروض عليّ أن أعود لقراءتها للتحضير لحصة في جامعة كولومبيا”. وعن سبب عشقه الكبير لهذه الرواية، يقول باموق: “هنالك العديد من الأسباب التي تدعوني لأن أعشق هذه الرواية. ولكن أهمها، هو ما تريد أن تقوله الرواية في أن “نعم، نعم، هكذا هي الحياة”. ويطرح تولستوي، بصورة أساسية، الأسئلة التي ينبغي أن تطرحها جميع الروايات، وهذه الأسئلة هي: ما هي الحياة؟، ما الذي ينبغي عليّ القيام به في هذه الحياة؟، ما هو معنى الأسرة، والصداقة، والزواج، والجنس، والوفاء...؟ هذه هي الأسئلة الكبيرة، التي يدعو تولستوي القارئ، بطريقة سخية، لأن يطرحها”. ويبدو أن كتاب “الروائي الساذج والوجداني” هو بمثابة إعلان بيان لصالح القصة. والروائي التركي الذي قرر، قبل 35 عاماً، هجر فن الرسم والتفرغ للكتابة، يتحدث عن ذلك قائلاً: “كنت أبلغ من العمر حينها 23 عاماً، عندما قلت لأسرتي، ولأصدقائي بأنني سوف لن أكون معمارياً أو رساماً، وهذه كانت رغبتهم، بل كاتباً روائياً. جميعهم طلبوا مني أن لا أفعل ذلك، لأنني لم أكن أفقه شيئاً من هذه الحياة. أعتقد أنهم كانوا يتصوّرون بأنني سوف أكتب رواية واحدة فقط. لكنني قلت لهم هناك بورخيس، وكافكا، وهم أيضاً لم تكن لديهم أية فكرة عن الحياة. وفي رأيي، أن الروايات هي شكل، غير منشور سابقاً، للنظر إلى الحياة. وكالات